هل اقتربت ساعة وقف الحرب الإسرائيلية؟
ما زال الدور المصرى الكبير مستمرًا من أجل وقف الحرب الإسرائيلية البشعة التى أزهقت الأرواح وأصابت الآلاف، وقضت على الأخضر واليابس فى غزة، ووضعت المنطقة فى بؤرة ملتهبة.. وما زالت مصر حتى كتابة هذه السطور تقوم بمباحثات شاقة ومضنية من أجل وقف الحرب وحقن دماء الشعب الفلسطينى، وضمان نفاذ وصول المساعدات إلى الأشقاء فى غزة. وتحتضن القاهرة الأسبوع المقبل جولة المفاوضات الجديدة بعد انتهاء الجولة الأخيرة فى الدوحة بمشاركة أمريكية. ومن المتوقع بعد كل الجهود المصرية الشاقة أن تسفر عن نتائج بوقف الحرب قريبًا بعد رد حماس على المقترحات التى تمت مؤخرًا.
منذ اندلاع الحرب فى السابع من أكتوبر الماضى وحتى كتابة هذه السطور أجرت القاهرة العديد من اللقاءات والاجتماعات من أجل وقف الحرب، وطرحت مبادرات بالغة الأهمية، لمنع تصفية القضية الفلسطينية وعودة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو ٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.
وتركز على وقف العمليات العسكرية وإطلاق سراح المحتجزين والأسرى وعودة النازحين إلى مساكنهم، وقيام الأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة والمنظمات الدولية بأعمالها فى تقديم الخدمات الإنسانية لقطاع غزة، والبدء فى إعادة تأهيل البنية التحتية فى جميع مناطق القطاع، تمهيدًا لبدء الترتيبات فى إعادة الإعمار الشامل، وتبادل الجثامين ورفات الموتى لدى الجانبين بعد الوصول لهم والتعرف عليهم ثم إنهاء الحصار الكامل عن غزة. والضامنون لهذا الاتفاق مصر وقطر والولايات المتحدة والأمم المتحدة.
أما القضية الفلسطينية التى تريد إسرائيل تصفيتها، فقد وقفت مصر لها بالمرصاد وما زالت حتى هذه اللحظة تسعى بكل قوة إلى ضرورة وقف هذه الحرب الإسرائيلية البشعة، وضرورة إنفاذ كل المساعدات الإنسانية إلى غزة، والتى تتولى مصر تحمل تكلفتها إلى ما يزيد على ٩٠٪ من حجمها. فمصر لديها إصرار كبير على تفعيل الشرعية الدولية وتنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية. ولن تهدأ المنطقة إلا بضرورة الجلوس على طاولة المفاوضات وحل الدولتين.
والحقيقة أن القاهرة لن يهدأ لها بال حتى يتحقق ذلك، وتحملت مصر الكثير من المتاعب والمصاعب بسبب ذلك، وهذا واجب لا يمكن التخلى عنه، وطالبت مصر بضرورة العمل للحفاظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى.
إضافة إلى مطالبة المجتمع الدولى بسرعة التحرك لوقف هذه المجازر الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى، وأن تقوم الأمم المتحدة بدورها لوقف أى اعتداءات وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين الفلسطينيين وحقهم فى ممارسة الحياة الطبيعية، ووقف أى ممارسات تنتهك حرمة المسجد الأقصى المبارك، أو أى محاولة تسعى للنيل من الهُوية العربية الإسلامية والمسيحية لمدينة القدس ومقدساتها، أو تغيير الوضع التاريخى والقانونى القائم.
إن الموقف المصرى اتسم بالهدوء وضبط النفس خلال الفترة الماضية بشكل أكثر من رائع، رغم كل التحركات والتحرشات البشعة التى تقوم بها تل أبيب، ورغم التطاول ونشر الأكاذيب والتضليل الإعلامى الكبير الذى تقوم به وسائل الإعلام الصهيونية.
ونجحت مصر بموقفها الرشيد والثابت فى أن تكشف الموقف الدولى المتخاذل الذى كشف عن وجهه القبيح أمام الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، إضافة إلى ضرب الشرعية الدولية والمواثيق والأعراف.. وفى ظل هذا الجو المعكر بغياب الشرعية الإنسانية، جاء دور مصر العظيم وحكمة قيادتها السياسية ووعى شعبها العظيم، وبدبلوماسية رشيدة، تصدت القاهرة لكل هذه المواقف المخزية.
ولذلك فإن الرؤية المصرية القائمة على تفعيل الشرعية الدولية، والاتفاق على حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية، هى الأساس ولا حل سواها وهى موقف ثابت لا يتغير أو يتبدل، وقطعت مصر فى هذا الشأن الكثير والكثير من المفاوضات سواء مع الجانب الإسرائيلى أو الفلسطينى قبل وبعد الحرب الإسرائيلية الدائرة حاليًا.
وستظل مصر على موقفها الثابت ولن يتغير، وهو المتمثل فى حل الدولتين، والجلوس على طاولة المفاوضات لإنقاذ المنطقة من المصير المشئوم، وهذا ما يجب أن تعيه الولايات المتحدة لأن مصالحها هى الأخرى ينالها التأثير بشكل واضح وظاهر. ولذلك أطرح التساؤل: هل بات وقف الحرب الإسرائيلية وشيكًا؟.