أوقفوا إطلاق النار.. خبراء أمريكيون يتحدثون لـ«الدستور» عن «البيان الثلاثى» حول غزة
أكد خبراء أمريكيون أهمية البيان المشترك لقادة مصر والولايات المتحدة وقطر بشأن أحداث قطاع غزة، الصادر يوم الخميس الماضى، ويدعو كلًا من إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية إلى استئناف المناقشات العاجلة، يومى ١٤ أو ١٥ أغسطس الجارى، فى القاهرة أو الدوحة، لسد كل الثغرات المتبقية، وبدء تنفيذ الاتفاق دون أى تأجيلات جديدة.
وقال الخبراء الأمريكيون، الذين تحدثت إليهم «الدستور»، إن البيان الثلاثى المشترك يدعم وقف حرب غزة، والدخول فى مفاوضات جادة لتحقيق ذلك، واصفين مصر بأنها الوسيط الأكثر مصداقية وشرعية فى هذه المفاوضات.
وأشاد الخبراء باستمرار الدور الإيجابى لمصر، ومحاولاتها لحل الأمور الخلافية والعالقة بالدبلوماسية، رغم «غرق» عملية التفاوض فى تحديات عديدة، يأتى على رأسها الخلاف مع إسرائيل حول العملية العسكرية فى رفح، ما يعكس جهودها الدبلوماسية الكبيرة، وتفانيها فى السعى لإقرار الاستقرار والسلام فى المنطقة.
إيرينا تسوكرمان: القاهرة الوسيط الأكثر مصداقية.. ودورها الإيجابى لا يتوقف لتحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة
وصفت إيرينا تسوكرمان، الباحثة الأمريكية فى العلاقات الدولية، مصر بأنها الوسيط الأكثر مصداقية وشرعية فى المفاوضات بشأن وقف الحرب فى غزة، مشيرة إلى أن الدور المصرى كان إيجابيًا بصورة مستمرة، رغم غرق عملية التفاوض فى تحديات عديدة، مثل الخلاف مع إسرائيل حول عمليتها العسكرية فى رفح.
وقالت «تسوكرمان»: «رغم التحديات العديدة، ومن بينها عملية رفح، استمر الدور المصرى إيجابيًا بشكل عام، ليعكس جهودها الدبلوماسية الكبيرة، وتفانيها فى السعى لإقرار الاستقرار والسلام فى المنطقة، وهو دور أقوى بطبيعة الحال من نظيره القطرى».
وأضافت الباحثة الأمريكية عن البيان الثلاثى المصرى القطرى الأمريكى: «البيان يرسل رسالة عن فشل المجتمع الدولى، ويعكس اهتمام البلدان الثلاثة بمواصلة الدفع بالدبلوماسية».
وواصلت: الأزمة فى أنه من غير المرجح أن يتعامل الجانبان مع البيان بشكل جدى، بسبب العديد من القضايا الرئيسية أو الثانوية المحتملة التى تؤدى إلى خروج المحادثات عن مسارها.
وأرجعت ذلك إلى تعرض رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، إلى ضغوط كبيرة من الداخل، تدفعه للتركيز على تدمير «حماس» وقيادتها، ووضع حد لهيكل القيادة والسيطرة فى الحركة، ونزع السلاح من غزة، وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين هناك. بينما فى المقابل، تسعى «حماس» بالقيادة الجديدة ليحيى السنوار إلى منع إسرائيل من تحقيق أى مكاسب، تحسبًا لضربة إيرانية محتملة أو رد فعل مهم آخر على اغتيال إسماعيل هنية.
ورأت «تسوكرمان» أن اتفاق وقف إطلاق النار، إذا جرى توقيعه، لن يؤثر على التوترات بين إيران وإسرائيل على المدى الطويل، لكن فى الأمد القريب قد يمنح إيران مساحة أكبر للتنفس فى التخطيط لهجومها الانتقامى المنتظر.
وشرحت: «إيران قد تستخدم وقف إطلاق النار لمحاولة تأجيل المواجهة، حتى تصبح مستعدة بشكل كامل للرد الانتقامى، أو حتى تتمكن من استخدام وكلائها بشكل أكثر فعالية، لكنها لن تتراجع عن هدفها المتمثل فى تدمير إسرائيل»، معتبرة أن الرد الإيرانى المنتظر لن يأتى بسبب أهمية إسماعيل هنية بالنسبة لطهران، وإنما لوقوع عملية اغتياله على أراضيها، وبالتزامن مع تنصيب رئيسها الجديد، فى رسالة سياسية واضحة من إسرائيل.
أدريان كالاميل: ضغط على إسرائيل و«حماس» فى ظل تصاعد التوترات
قال أدريان كالاميل، الباحث الأمريكى فى شئون الإرهاب، إن البيان الثلاثى قريب من الصفقة المكونة من ٣ مراحل التى حاول الرئيس جو بايدن فرضها على إسرائيل، فى ٣١ مايو الماضى.
وأضاف «كالاميل»: «من شأن هذه الصفقة أن تمنح حماس وقف إطلاق نار غير محدد، إذا تم إحراز بعض التقدم. ولكى تقبل إسرائيل أى صفقة يجب أن تكون هناك خطوات ملموسة للإفراج عن المحتجزين فى غزة».
واعتبر أنه «لا أحد يستطيع أن يأتى بخطة (ما بعد حماس)، التى لن تسمح لقطاع غزة بالسقوط تحت حكم مماثل، ومن المؤكد أن البيان الثلاثى يحاول ممارسة نوع من الضغط، لكن الأطراف الثلاثة فى موقف صعب».
وفيما يتعلق بتأثير الاتفاق على التوترات بين إسرائيل وإيران، قال الباحث الأمريكى: أى نوع من الاتفاق فى غزة لن يغير التوترات بين إيران وإسرائيل. أتوقع أن ترتفع التوترات ما لم يخفف حزب الله من حدة التصعيد تمامًا فى الشمال، ما يسمح بعودة ١٠٠ ألف إسرائيلى إلى الأماكن التى تم إخلاؤهم منها بسبب ضربات الحزب، وفق تعبيره.
وأضاف: «بينما كان العالم يركز على غزة، كان حزب الله ينفذ الهجمات بوتيرة متزايدة إلى الحد الذى جعل الحرب فى الشمال طبيعية، وهو وضع غير قابل للاستمرار بالنسبة لإسرائيل، وخط لم يتجاوزه التنظيم اللبنانى الموالى لإيران قبل السابع من أكتوبر».
وتابع: «بعد انتهاء إسرائيل من حربها فى غزة، ستضطر بشكل متزايد إلى التعامل مع وكلاء طهران فى العراق وسوريا واليمن، خاصة ما يتعلق بالتحول إلى لبنان، ومحاولة دفع حزب الله إلى الشمال من نهر الليطانى».
فرانك موسمار: يدعم «خطة بايدن».. وشروط نتنياهو حائل أمام التنفيذ
رأى فرانك موسمار، الصحفى الأمريكى المتخصص فى الشرق الأوسط، أن البيان المصرى القطرى الأمريكى عبّر عن نفس الشعور بالإلحاح، وبنفس الكلمات تقريبًا، التى استخدمتها الإدارة الأمريكية على مدى الأشهر القليلة الماضية، مع ارتفاع وانخفاض الآمال فى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وأشار «موسمار» إلى الجولة الأخيرة من المحادثات غير المباشرة فى روما، قبل نحو أسبوعين، التى توسطت خلالها مصر وقطر والولايات المتحدة، وانتهت بتقديم إسرائيل مطالب جديدة للإطار الذى أعلنه بايدن فى ٣١ مايو.
واعتبر الصحفى الأمريكى أن فشل المفاوضات السابقة يرجع فى الأساس إلى إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، على «وجود أمنى» إسرائيلى على طول ممرين رئيسيين فى غزة، لضمان احتواء قوات حماس المتبقية فى منطقة رفح.
وأضاف: «نتنياهو رفض إنهاء الحرب بمجرد إطلاق سراح المحتجزين فى غزة. إسرائيل لا تريد أن تتخلى عن سلطتها فى القطاع، بما فى ذلك إعادة المحتجزين القتلى، وتريد أن تتحرك لضمان عدم قدرة حماس على الاحتفاظ بالسلطة فى غزة. فى المقابل، لم توافق حماس حتى على تسمية المحتجزين الذين ستفرج عنهم، أو ضمان أن معظم المحتجزين الذين ستفرج عنهم سيكونون على قيد الحياة».
وواصل: «بالنسبة لحكومة الولايات المتحدة، فإن الانتخابات قادمة، ويعتقد الديمقراطيون أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، بغض النظر عن مدى سوء ذلك بالنسبة لإسرائيل، سيساعدهم فى الانتخابات».
وعاد لتأكيد أن البيان الثلاثى الجديد يدعم البيان الرسمى للبيت الأبيض، الصادر فى ٣١ مايو الماضى، وحدد فيه الرئيس جو بايدن ما أسماه «اقتراحًا إسرائيليًا لخارطة طريق من ٣ مراحل نحو إنهاء دائم للأعمال العدائية فى الحرب بين إسرائيل وحماس فى قطاع غزة».
وأضاف: «فى محاولة للضغط على قادة إسرائيل وحماس لدعم خارطة الطريق بشكل كامل، أكد بيان بايدن أن الخطة إذا تم الاتفاق عليها وتنفيذها بالكامل تلبى المطالب الأساسية لكلا الجانبين، ويجب قبولها».
وواصل: «لا أظن أن يسعى نتنياهو لتأخير المفاوضات. شروطه تضمنت منع عودة المسلحين الفلسطينيين من جنوب قطاع غزة إلى شماله، من خلال تفتيش العائدين عند محور نتساريم، الذى أقامه الجيش الإسرائيلى قرب مدينة غزة ويفصل شمال القطاع عن جنوبه، وأن يبقى الجيش الإسرائيلى عند محور فيلادلفيا على الحدود بين غزة ومصر، الذى أعلن عن سيطرته عليه فى ٢٩ مايو».
وحول تأثير توقيع اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة على التوترات بين إيران وإسرائيل، قال عضو الاتحاد الدولى للصحفيين: «الأمر لا يرتبط بالصورة الأكبر للتهديد الإيرانى، بل بالحاجة إلى إتمام هذه الصفقة. إذا شن الإيرانيون حربًا كبرى فى الشرق الأوسط، بهجوم ضخم على إسرائيل، وهو ما يهددون به، فإن هذا من شأنه أن يعرض أى أمل فى التوصل إلى وقف إطلاق النار فى غزة للخطر بشكل كبير».
وحذر من أن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة فى المنطقة بسبب الحرب الدائرة فى غزة تؤدى إلى تأجيج المشاعر العامة فى العديد من الدول العربية، ما يفرض ضغوطًا على الحكومات الإقليمية بشأن عدم المضى قدمًا فى أى خطوات ملموسة نحو التطبيع، أو المزيد من التعاون الاقتصادى مع إسرائيل.
وأضاف: «التهديد الإقليمى والعالمى من جانب إيران يتجاوز مجرد إشعال المواجهة بين حماس وإسرائيل. من خلال استخدام الصراع كتكتيك تحويلى يغذى نيران الصراع وعدم الاستقرار فى المنطقة، تسعى إيران إلى تحويل الانتباه عن الصعوبات الاقتصادية والتحديات الاجتماعية والسياسية وطموحاتها الإقليمية وتطوير برنامجها النووى. قد تخدم هذه الاستراتيجية أيضًا فى تشتيت انتباه سكانها، ويسمح لها بحشد المشاعر القومية وتقديم نفسها باعتبارها بطلة للمضطهدين، وهو ما يعزز أجندتها الإقليمية».