بداية جديدة
نتابع منذ نحو شهرين فاعليات جادة للمبادرة الوطنية «بداية جديدة لبناء الإنسان المصرى» وهى المبادرة الرئاسية التى تستهدف الاستثمار فى رأس المال البشرى للوطن عن طريق تنفيذ برنامج عمل يرمى إلى تعزيز الانتماء، وترسيخ الهوية الوطنية بالتنسيق بين عدد من الوزارات المعنية. ورغم شدة سعادتى بتلك المبادرة الرئاسية، إلا أنها ليست هدف مقالى، هذا وإن كنت قد تشرفت بالكتابة عنها فى مقال سابق.
أما مقالى اليوم فهو عن بداية جديدة، ولكنها بداية جديدة على المستوى المهنى وبداية أخرى جديدة على المستوى الوطنى. ولنبدأ بالمهنى، ذلك هو صدور قرارات بتشكيل الهيئات الإعلامية بأسماء ووجوه وطنية تحظى بقبول شعبى وننتظر منها الكثير لعودة مهنة الإعلام المقروء والمسموع والمرئى برؤية تعيد له بريقه وتحفظ له تاريخه، بما يعلى من قيم المجتمع وأخلاق المهنة. يأتى تصدر اسم المهندس خالد عبدالعزيز للمنظومة الإعلامية مفاجئًا للبعض، لكنها المفاجأة المبهجة التى تعكس ارتياحًا شديدًا إذا راجعنا أداء الرجل المميز فى وزارة الشباب حين تولى حقيبتها قبل سنوات، ثم دوره البارز فى الحوار الوطنى.
أما على المستوى الشخصى فأنا لا أخفى سعادتى بقرار تعيين الأستاذ عصام الأمير ضمن كوكبة الأسماء المختارة فى عضوية المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، ولهذه السعادة مبرراتها والتى ليست فيها أى قدر من الشخصنة على الإطلاق، ولكنها سعادة للوطن قبل أن تكون للشخص يعكسها كم التهانى التى انتشرت على وسائل التواصل بمجرد إعلان اسمه كعضو للمجلس، وهو ما أتفهمه فمعرفتى بكفاءة الرجل وإيمانه بقدرات ماسبيرو وحسن تقييمه للكوادر فيه تسمح بأضعاف هذا الاستقبال للخبر.
كما جاء قرار استمرار المهندس عبدالصادق الشوربجى فى رئاسة الهيئة الوطنية للصحافة كرسالة من الدولة تقول للمجتهد استمر ونحن خلفك ندعمك ونجدد الثقة فيك. مبلغ علمى أن للرجل خطة واضحة المعالم لإقالة عثرات المؤسسات الصحفية وتجديد دماء المهنة فى ظل متغيرات تقنية ومعرفية هددت عرشها، وتتطلب جهد المخلصين ممن تم اختيارهم كأعضاء مع الشوربجى، فضلًا عن رؤساء مجالس إدارات وتحرير المؤسسات الصحفية.
أما قرار تكليف الأستاذ أحمد المسلمانى برئاسة الهيئة الوطنية للإعلام فهو قرار يحمل الأمل والرجاء فى نهضة مأمولة لقطاعات ماسبيرو، وإن كانت المهمة ليست سهلة وإنما تتطلب جهدًا مضاعفًا من رئيس الهيئة الجديد ومعاونيه. أول الغيث الذى أتوقعه رد الاعتبار للهيئة بتجديد الثقة فى دورها، ووضع رؤية يتم بها إنصاف الكفاءات وإزالة أسباب شكاواهم- وهى عديدة لا يسمح المقام بسردها- ولكن شخصًا نابهًا بقدر المسلمانى لن يخيب ظن الدولة المصرية وسيفتح قلبه وأبواب مكتبه الكائن بالطابق الثامن فى ماسبيرو لتطييب الخواطر ولتلقى المقترحات من أبناء ماسبيرو، أولئك الذين شكك البعض فى كفاءتهم حتى أن كثيرين منهم هم أنفسهم تشككوا فى إمكاناتهم الشخصية وقدراتهم المهنية.
البداية الجديدة الثانية التى زفتها لنا الأخبار اليوم كان قرار النيابة العامة برفع أسماء 716 شخصًا من قوائم الإرهاب، وتلك هى البداية التى تؤسس لفتح صفحة جديدة مع من لم يتورط بعمل إرهابى. بداية تفتح الباب على مصراعيه لعمل وطنى ينطلق من قاعدة تؤسس لجمهورية جديدة رحبة بحيث تتسع للجميع وتتجاوز عن الهفوات، وتغفر للبعض زلاتهم وسوء تقديرهم فى الماضى، وتعلى من قيم حقوق الإنسان، وتلتزم بتوصيات مؤتمر الحوار الوطنى.
يأتى هذا القرار القانونى ليعيد للمرفوع اسمهم كافة حقوق المواطنة وكافة حقوقهم المدنية كحق التصرف فى أموالهم، وإمكانية تولى وظائف عامة. كما جاء القرار بعد أن توافرت الشروط القانونية على نحو إثبات عدم استمرار الفرد فى ممارسة أنشطة غير مشروعة، وبعد مرور 5 سنوات من الإدراج، وبعد حصول بعضهم على أحكام قضائية بالبراءة وتغيير التصنيف الأمنى للبعض الآخر. للقرار بالطبع أبعاد وطنية فى غاية الأهمية ستكشف عنها المرحلة القادمة، كما أنها تفتح أبواب أمل لمن لم يشملهم هذا القرار ليلتحقوا بركب الوطن عن قريب.