الروائية ربيعة جِلطى للدستور: "إيمان خليف" تدربَتْ على الملاكمة فى حلبة الحياة
بينما الجموع تحتفل، في الجزائر وفي العديد من الدول العربية والعالم، بانتصار الملاكمة البطلة إيمان خليف، التي حولت الرماد إلى ذهب، واقتناصها الميدالية الذهبية، فقد كان في الحقيقة احتفالًا عفويًا بانتصار الحق على من حاولوا ثني عزيمتها وإبعادها عن مشارف تحقيق حلمها، وذلك عبر الجدل الذي أثير حول أنوثة إيمان وكانت نتيجته إصدار قرار استبعادها من بطولة العالم للملاكمة للسيدات التي أقيمت في الهند في عام 2023.
إيمان خليف: تدربَت على الملاكمة في حلبة الحياة
تابعت الروائية والشاعرة الجزائرية ربيعة جِلطي، تصريحاتها الخاصة لــ"الدستور" حول فوز مواطنتها اللاعبة إيمان خليف بالميدالية الذهبية في أوليمبياد باريس: تم استبعاد إيمان خليف من النهائي بسبب مزاعم تتعلق بمستويات هرمونات الأنوثة في جسدها، حيث أشار الاتحاد الدولي للملاكمة إلى أن الفحوصات أظهرت مستويات هرمونية لا تتوافق مع المعايير المحددة للمشاركة في بطولات الملاكمة النسائية.
ولأن إيمان امرأة بأنوثة لا تهادن ولا تقبل الشك، فقد أصرت، ليس من باب البذخ الفكري، ولا التباهي الاجتماعي، بل بكل بساطة لأنها تؤمن بأن لها موهبة حقة نبتت فصمدت فأينعت فامتلكت روحًا تنافسية عالية وإصرارًا على التغلب على التحديات ففازت وانتصرت.
ولفتت "ربيعة" إلى أن إيمان خليف بدأت تدريباتها وتعلمت الملاكمة فوق حلبة الحياة القاسية المحاطة بالحبال الوهمية وهي البنت الصغيرة الفقيرة، بائعة الخبز في الطرقات، كانت تلاكم الفقر وتهزمه أحيانًا عبر الجولات، وجمع النقاط، تصارعه بكل صبر وأناة، وحيدة، بينما لم تكن هناك جماهير هاتفة لها هناك. لعلها أدركت بعد وقت أن رياضة الملاكمة بضربتها القاضية، جاءت من بعيد، من خلف الأزمنة، وأنها أقدم الرياضات القتالية في العالم وأشهرها، مزيج غريب من القوة البدنية والمهارة الفنية والذكاء التكتيكي، وذلك ما لم يكن ينقص الفتاة إيمان. ولم ينقصها أيضًا دعم والدها المحب، وجهود عائلتها المتواضعة منذ اكتشاف ميولها الرياضية وموهبتها المتفردة. ولأن إيمان جاءت الحياة في قرية منسية من قرى ولاية تيارت، وبدأت فيها مسيرتها الرياضية فليس سرًا إذن إن كان أهل منطقة تيارت العريقة قد احتفلوا بانتصار ابنتهم كما يليق ويجب.
أغلب الظن أن هؤلاء الفرحين بانتصار البطلة إيمان خليف واحتفالهم بحيازتها الميدالية الذهبية، في منطقة تيارت ومدن الجزائر وفي العالم العربي والعالم، لا يناصرونها فقط لأنها ملاكمة شابة ورياضية ناجحة، بل لأنها صورة تنعكس في دواخلهم تتوق إليها أنفسهم، صورة الشجاعة والعزم والحزم والتحدي والإصرار.
لقد أضحت نموذجًا يحتذى به للشباب، ورمزًا للمرأة، وخاصة النساء في العالم العربي، لا بد أن قصتها ستلهم الكثيرين والكثيرات، حيث إنها فنّدت أقوال المحبِطين، وأظهرت أن النساء يمكنهن التفوق في الرياضات القتالية، وتحقيق نجاحات كبيرة على الساحة الدولية، وأن المهارات في الملاكمة، لا تتناقض مع أخلاق النبل والتواضع.
لعل إيمان خليف البطلة وبهذا التميز، ستصعد-لامحالة- إلى حلبة نجوم الملاكمة العالميين الذين أصبحوا رموزًا للإنسانية في التحدي والتميز، مثل محمد علي ومايك تايسون وغيرهما.