رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المبادرة الثلاثية.. خبراء من 5 دول: التحرك المصري القطري الأمريكي «الأمل الأخير» لإنقاذ غزة

غزة
غزة

رأى خبراء ومحللون عرب أن الدعوة الثلاثية التى أطلقتها، مصر وقطر والولايات المتحدة، الخميس الماضى، لاستئناف مفاوضات وقف إطلاق النار فى قطاع غزة بين حركة «حماس» وإسرائيل، تمثل فرصة كبيرة للتوصل إلى التهدئة. وشدد الخبراء على ضرورة الضغط على الاحتلال الإسرائيلى من أجل وقف إطلاق النار، داعين الولايات المتحدة الأمريكية لممارسة ضغوط حقيقية على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وعدم الاكتفاء بمناشدات من أجل إطلاق سراح الرهائن.

فلسطين الاتفاق ممكن إذا أوقفت واشنطن دعمها المطلق للاحتلال

قال الدكتور جهاد أبولحية، أستاذ القانون والنظم السياسية الفلسطينى، إن الجهود التى تبذلها مصر وقطر كبيرة كوسطاء حياديين، ولكن مع الأسف هذه الجهود يتم إفشالها من رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو الذى يضع الشروط التى تعوق التوصل إلى اتفاق كلما كانت الأجواء إيجابية.

وأضاف أن «نتنياهو» يحبط كل المساعى التى يبذلها الوسطاء فى سياق تقريب وجهات النظر، لأنه غير معنى بوقف حرب الإبادة الجماعية لأنها عكس إرادته الشخصية، إضافة إلى الغطاء الأمريكى الذى توفره له الإدارة الأمريكية الحالية التى ليست بحيادية وإنما شريكة فى حرب الإبادة، وهى السبب الرئيسى فى تمادى «نتنياهو» فى حربه وإجرامه.

وأكمل أن إمكانية نجاح هذه الجهود هذه المرة تكمن فى تخلى الإدارة الأمريكية عن دعمها اللا محدود لـ«نتنياهو» وإظهار نيتها الحقيقية فى عقد الاتفاق إن كانت جادة فى أداء دور الوسيط، برفقة كل من مصر وقطر، ولذلك أرى أنه بدون أن يكون هناك ضغط كبير على «نتنياهو» من قبل الولايات المتحدة فسيختلق هذه المرة أعذارًا وشروطًا جديدة يتهرب منها من الاتفاق.

وأشار إلى أن المشكلة ليست فى يحيى السنوار، زعيم حركة حماس، بل فى «نتنياهو» الذى لا يريد الوصول إلى اتفاق، ويريد أن تستمر الحرب، قائلًا: «سمعنا موقفًا واضحًا من حماس متمثلًا بنيتها الجدية فى التوصل إلى اتفاق، وأنها قدمت تنازلات هى والفصائل الفلسطينية من أجل إنجاح الجهود التى تبذلها القاهرة والدوحة ولكن كل ما تقدمه من تنازلات يصطدم بتعنت جديد من قبل نتنياهو الذى يصر على الهروب من التوصل لاتفاق».

وأردف: «التواصل مع السنوار ليس الموضوع المعنى فيه أحد إلا حركة حماس، فهى لديها طرقها فى التواصل معه وإطلاعه على أى صيغة للاتفاق كما حدث فى السابق».

الأردن البيان الثلاثى قوة ضاغطة على الجانب الإسرائيلى

أكد عبدالحكيم القرالة، أستاذ العلوم السياسية الأردنى، أن البيان الثلاثى يعكس ما يمكن تحقيقه لوقف الحرب فى غزة والجرائم التى ترتكبها قوات الاحتلال، ويؤكد فشل المنظومة الدولية لوقف الحرب، كما أن البيان يؤسس للعودة لطاولة المفاوضات وإقامة الدولة الفلسطينية وإعادة الحقوق للأشقاء الفلسطينيين.

وقال «القرالة»: «البيان كان ضروريًا وملحًا؛ وجاء بعدما بذلت مصر وقطر جهودًا كثيرة فى إطار الوصول لأرضية مشتركة وتقريب وجهات النظر، لكن للأسف رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو دائمًا يضع العثرات لإفشال كل مساعى الوصول لهدنة ووقف دائم لإطلاق النار».

وتابع: «البيان الثلاثى، لمصر وقطر وأمريكا، يشكل قوة ضاغطة على الجانب الإسرائيلى؛ لا سيما أن دولة الاحتلال، بتحريض من اليمين المتطرف، لا تريد وقف إطلاق النار أو إيقاف الحرب، ونتنياهو يريد الاستمرار فى ارتكاب الجرائم، وعلى الطرف الأمريكى أن يضغط بقوة على الاحتلال وأن يكبح جماح هذا الجنون، خاصة أن سياسة الاغتيالات قضت على كل جهود الوساطة لوقف الحرب».

لبنان مطلوب حوار حقيقى لوقف إطلاق النار

اعتبر الدكتور رضوان قاسم، باحث فى الشئون الدولية، مؤسس مركز «بروجن» للدراسات، أن إسرائيل لا تريد وقف حرب غزة، وهناك محاولات لمنع إيران من الرد على اغتيال مدير المكتب السياسى لحركة حماس إسماعيل هنية. وأضاف «قاسم»: «فيما يخص المبادرة الثلاثية لمصر وقطر والولايات المتحدة، فمن الصعب التحدث عن وقف إطلاق النار قبل إجراء حوار حقيقى وتلبية إسرائيل شروط الفصائل الفلسطينية، ولا توجد ضمانات لوقف إطلاق النار فى غزة».

سوريا  آخر جهد لمنع التصعيد الكبير بين تل أبيب وطهران

شدد عمار جلو، المحلل السياسى، الكاتب فى مركز الدراسات العربية الأوراسية، على أن البيان الثلاثى المشترك قد يكون آخر جهد لمنع التصعيد بين إسرائيل من طرف وإيران وأذرعها الإقليمية والانزلاق إلى حرب مفتوحة، وكذلك هو ورقة ضغط على طرفى الصراع للإسراع بإنجاز صفقة وقف إطلاق النار.

وقال «جلو»: «البيان بذاته لا يشكل قوة ضاغطة، ما لم تعمل الإدارة الأمريكية بجد وفاعلية للضغط على نتنياهو لإبرام الصفقة. وهو أمر مشكوك فيه، إضافة إلى أن الوقت السياسى قد يمنعه، بسبب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وتسابق المرشحين على إظهار الدعم لإسرائيل، بعد تنازل الرئيس الحالى عن ترشحه».

وشدد على أن نتنياهو معروف بالجبن، وعدم التوافق هنا قد يؤدى لتوسع رقعة الصراع، نتيجة رد إيران وحلفائها الإقليميين، والرد الإسرائيلى عليه. مع ذلك، فى تقديرى قد يسعى نتنياهو لمناورة جديدة، تعفيه من التوقيع بطريقة لا يكون فيها المسئول عن ذلك. ليعاود استغلال الدعم الأمريكى المستجد بعد التصعيد الأخير، لتحقيق أهداف ذاتية وقومية. ورأى أن وقف إطلاق النار فى غزة هو العمود الفقرى لعودة الاستقرار إلى المنطقة فى المنظور القريب، موضحًا: «إيران ستعتبره إنجازًا ومكسبًا يفوق ما ستحققه بالرد المضطرة إليه نتيجة استهداف (هنية) على أراضيها، ويحفظ لها ماء وجهها أيضًا. كذلك حزب الله أعلن منذ بداية ما أسماه بعملية الإسناد لحماس، عن وقف عملياته حال توقفت الحرب على غزة. والحوثى أيضًا سيحصر عملياته ويخففها أيضًا فى منطقة باب المندب فقط».

قطر نتنياهو سيحاول المماطلة مجددًا  

وعلى الدول الكبرى أن تقول له «لا مفر من التوقيع»

قال المحلل السياسى القطرى، جابر الحرمى، إن البيان الثلاثى الذى حمل توقيع قادة مصر وقطر وأمريكا يؤكد استمرارية الوساطة رغم التداعيات الأخيرة التى شهدتها مسيرة التفاوض، التى أبرزها اغتيال الاحتلال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لـ«حماس» سابقًا.

وأضاف أن البيان يعنى وجود أفق جديد للتفاوض، يمكن أن يوقف العدوان على قطاع غزة، والإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين لدى فصائل المقاومة، والإفراج أيضًا عن السجناء والأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية، وإدخال المساعدات الإنسانية والطبية إلى قطاع غزة.

ورأى أن البيان يدفع الطرفين، خاصة الإسرائيلى، نحو الاتفاق؛ رغم تداعيات حالات الاغتيال التى أقدمت عليها إسرائيل، والتى توسع نطاق الصراع فى الإقليم، ما قد يورط دولًا كبرى فى الحرب.

وتابع: «البيان يحاول أن يجنب المنطقة توسيع رقعة الحرب، ورفع المعاناة عن سكان غزة، وهذا بالنسبة لدولتى قطر ومصر يمثل أولوية، خاصة أن المنطقة لا تتحمل وجود أزمة بهذا الحجم، فى ظل أزمات أخرى وشعوب بالمنطقة تكتوى من تلك الصراعات».

بدوره، قال المحلل القطرى، يوسف بوحليقة، إن المبادرة الثلاثية يمكن البناء عليها لوقف إطلاق النار عبر معاهدة رسمية، ولكن الأمر يتطلب من إسرائيل أن تبادر نحو الاتفاق أولًا، وليس «حماس». 

وأضاف: «هناك فرق فى الغالب بين مصطلحى وقف إطلاق النار ووقف الأعمال العدائية، فالثانى يميل إلى أن يكون اتفاقية غير رسمية لوقف القتال، لكن الأول يفرض وقف القتال بشكل كامل».

وفى السياق نفسه، قال المحلل السياسى القطرى، على الهيل، إن المسئولين الأمريكيين يكررون بأنهم ملتزمون بحماية أمن إسرائيل، لكن من أولى بالأمن هنا إسرائيل أم الفلسطينيون الذين يقتلون على يد إسرائيل؟ وآخرها، أمس، وأثناء صلاة الفجر حين ارتقى أكثر من ١٠٠ شهيد فلسطينى فى قصف لمدرسة، وكل يوم هناك مجزرة جديدة.

وبيّن أنه تم الإفراج، أمس الأول، عن ١٤ مليار دولار من واشنطن، كمكافأة للكيان الصهيونى، منها ثلاثة مليارات ونصف دفعت لهم مرة واحدة وباقى المبلغ سيدفع فى السنوات المقبلة، وهذا يعنى أن الولايات المتحدة الأمريكية شريك أساسى فى هذه الحرب على غزة والمجازر اليومية والتهجير القسرى.

وتساءل: «لماذا كل هذا الاستخفاف بنا، وكيف تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية أن تكون وسيطًا وهى كل يوم تصرح بأنها ملتزمة بأمن إسرائيل، وأن من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها بقتل الفلسطينيين؟».

من جهته، قال المحلل السياسى القطرى، صالح غريب، إنه بعد اختيار يحيى السنوار لقيادة الحركة، كان هناك توقع أن يكون هناك تحرك من الوسطاء، سواء مصر أو قطر مع الولايات المتحدة الأمريكية لدفع المفاوضات التى توقفت بسبب اغتيال إسماعيل هنية فى طهران.

وأوضح أنه عند استشهاد إسماعيل هنية كان البعض يتوقع أن يظل الموقع شاغرًا فى حركة حماس، ما يؤدى لعدم استكمال المفاوضات، لكن اختيار «السنوار» سهّل الآن إمكانية البدء فى التفاوض.

ورأى أنه يحسب لقطر ومصر وأمريكا الاتفاق على صدور هذا البيان، فى هذا التوقيت وبهذا الشكل، مضيفًا: «سيمثل قوة ضغط على الاحتلال لإنهاء حرب غزة، والآن لا مفر أمام الاحتلال، فحركة حماس الآن موافقة على الشروط التى وضعت فى اجتماع الدوحة الأخير».

وأكمل: «نتنياهو عندما أرسل وفدًا فى الاجتماعات الأخيرة، اشترط فرض رقابة على حركة السكان العائدين إلى شمال غزة، فهو يريد أن يعرف من هم وما أسماؤهم، فهو لا يريد أن يتوصل إلى وقف لإطلاق النار».

وتابع: «الآن البيان الثلاثى سيمثل ضغطًا على الاحتلال وسيدفع تجاه الموافقة على وقف إطلاق النار، لكن من المرجح أن يضع نتنياهو شروطًا أخرى لكى يكسب مزيدًا من الوقت».

وقال: «نتنياهو دائمًا ما يماطل فى توقيع الاتفاق، فعندما يذهب المفاوض الإسرائيلى إليه من أجل التوقيع والموافقة على الاتفاق، نجد أنه لا يوقع، بل يضع عراقيل جديدة تعيدنا إلى المربع الأول، وفى القاهرة يحدث نفس الأمر، يتم إرسال وفد واستدعاؤه مرة أخرى حتى دون أن يجتمع مع القيادة المصرية وأيضًا الوفد القطرى المفوض فى القاهرة، وهذا الشكل من المراوغة مستمر من الجانب الإسرائيلى».

وشدد على أن الدول الكبرى أن تضغط على نتنياهو، وأن تقول له «لا مفر من التوقيع»، ولا فائدة من المماطلة التى يعتمد عليها منذ زمن، وبالتالى فالتوقيع أمر حتمى ولا بد أن يكون.

وواصل: «نتنياهو لا يريد أن يوقع أو يطلق سراح الأسرى الإسرائيليين الموجودين لدى حركة حماس، رغم أن الحركة مستعدة أن تلتزم بتسليم وإطلاق سراحهم، ولكن هو لا يريد ذلك ولا يريد أن تتم هذه العلمية فى القريب العاجل، لأنه يعلم إذا ما حدث ذلك فيكون فيه نهايته وستنتهى مسيرته فى الحكم، ولا شك أيضًا أنه سيذهب إلى السجن».

واعتبر أن توقيع اتفاق إطلاق النار فى غزة سيجهض التوترات بين إيران وإسرائيل، موضحًا: «هذا الحشد الكبير الذى تجريه إسرائيل استعدادًا للرد الإيرانى هو نوع من الحرب النفسية أيضًا على إيران، وإذا ما تم هذا التوقيع على وقف إطلاق النار، فإن الرد الإيرانى سيكون مخففًا، ومن حق إيران أن ترد، ومن حق حزب الله أن يرد على استشهاد عناصره، وهذه استحقاقات المقاومة، سواء فى إيران أو فى لبنان».