رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صوت القضية الفلسطينية الشعري

ميسرة صلاح الدين لـ"الدستور": "محمود درويش" الشاعر الذى لا نريده أن ينتهى

محمود درويش
محمود درويش

محمود درويش، صوت القضية الفلسطينية، والمعبر عن آلام شعبها، مازال ورغم مغادرته في مثل هذا اليوم من العام 2008، حاضرا مقترنا بقضية شعبه.

لاعب النرد وداع محمود درويش للعالم ولنفسه

وفي تصريحات خاصة لـ"الدستور"، قال الشاعر والكاتب المسرحي ميسرة صلاح الدين: "كانت المرة الأخيرة التي يلقي فيها محمود درويش الشعر في رام الله، وهناك استهل الأمسية بقصيدته الشهيرة "لاعب النرد"، ثم وبعد وفاته صدر ديوانه الأخير بعنوان "لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي"، والذي احتوى على قصيدة "لاعب النرد"، وقصيدة أخرى بعنوان "لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي"، والتي ربما كانت آخر ما كتب وكانت وداعه لنفسه ووداعه للعالم الذي عاش فيه شاعرا ولاجئا وأسيرا، وعاش فيه مهاجرا وثوريا وصاحب رأي وفلسفة في الشعر والحياة.

محمود درويش الطفل الذي فقد مرح الطفولة والوطن

وأوضح "صلاح الدين": كانت قصيدة محمود درويش تشبه حياته وفلسفته، وتشبه رؤيته للشعر وتمثل مرحلة النضج والتفرد التي وصل لها.

ولد محمود درويش في عام 1941 أي أنه شهد النكبة وهو لم يتجاوز عامه السابع، فأصبح فجأة الطفل الذي حرم من مرح الطفولة ومن الوطن ومن الحرية، وكأنه فطم على قسوة العالم وضراوة الاحتلال.

نزح مع النازحين بصحبة عائلته إلى بيروت ثم عاد متسللا إلى فلسطين مرة أخرى؛ ليجد أن قريته اختفت تماما وحلت محلها قرية أخرى باسم جديد يحمل حروفُا غير عربية وبسكان جدد.

طالت رحلة محمود درويش ليذهب إلى لبنان وموسكو، حيث لم يجد سلامه وراحته، كما أنه لم يجد راحته في وطنه فلسطين وهو يتعرض لمضايقات الاحتلال ومطارداته المستمرة، ويحاول بعد ذلك أن ينتقل إلى فرنسا، ولكن السلطات الفرنسية تمنعه، بحجة أنه لا يملك هوية تحمل جنسيته، وكأنهم لا يعلمون بأنه شاعر الوطن المحتل.

ميسرة صلاح الدين

تفجرت موهبة محمود درويش وغرد متفردا بعد سنوات قضاها مع الشعر والترحال في القاهرة، حيث وظفه رجاء النقاش في مؤسسة الأهرام وتعرف على فناني ومثقفي مصر وكتابها الذين احتضنوه ورحبوا به.

مثل محمود درويش حالة شعرية خاصة وخالصة، وخصوصا بعد أن تم نضجه الفني والإنساني، فكانت قصيدته بسيطة كالماء عميقة كالمحيط وغاضبة كإعصار هادر، كان مقاومًا وكان مقاتلا ولكنه لم يفقد إنسانيته في القصيدة ولم يحول شعره لبوق سياسي تلهبه بالشعارات، بل جعل منه حالة إنسانية فريدة تنبض بالعشق والحياة وحب الناس والوطن ومشاعر اليأس والفقد إلى جانب الأمل وأطواق النجاة.

رحل عن عالمنا محمود درويش بعد عملية قلب مفتوح تردد كثيرًا في إجرائها، لكنه رغم البعد والغياب ما زال محمود درويش هو محمود درويش، وما زالت قصيدته هي القصيدة التي لا نريدها أن تنتهي.

"ليس المكان هو الفخ

ما دمت تبتسمين ولا تأبهين بطول الطريق...

خذيني كما تشتهين يدًا بيد، أو صدى للصدى،

أو سدى.

لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي أبدا

لا أريد لها هدفًا واضحًا

لا أريد لها أن تكون

خريطةَ منفى

ولا بلدا

لا أريد لهذي القصيدة

أن تنتهي بالختام السعيد،

ولا بالردى

أريد لها أن تكون كما تشتهي أن تكون

قصيدة غيري.

قصيدةَ ضدي.

قصيدةَ ندى".