حركة المحليات.. مصر لن تعود للخلف
"واحدة من أفضل حركات المحليات التي شهدتها مصر مؤخرًا"، ليس كلامًا يقال مع كل حركة أو تعديل، إنما الأمر له دلالات ووجهات نظر تؤكد ذلك. حركة المحليات التي أصدرتها الوزيرة الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، صباح اليوم الجمعة، جاءت ملبية ومتناسقة مع مجريات الأحداث في مصر، حيث جاءت عقب حركة المحافظين الجدد الأخيرة الذين أدوا اليمين الدستورية أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي، هؤلاء بدأوا ممارسة عملهم من الشارع، من الجولات الميدانية التي عرفهم المواطن من خلالها.
ولعلي أرى اتساقًا بين الحركتين، فبعد أن أصبح لكل محافظة محافظًا، يبدأ الهيكل المحلي في الاكتمال شيئًا فشيئًا، فاليوم صدرت حركة سكرتير العموم والمساعدين، ونحن ننتظر اكتمال المشهد بحركة رؤساء المدن والأحياء المتوقعة خلال هذا الشهر الجاري، حتى يكتمل البدر بشكل تام، ليظهر الضوء شعاعه في المحافظات، ليكشف ظلام المحليات، وسوءاتها.
حركة المحليات الأخيرة لها دلالات واعتبارات كثيرة، منها: ليست مجرد حركة للتغيير وإنما دليل واضح على مدى تفهم القيادة السياسية لطبيعة المحافظات، فلما كانت هناك رغبة حقيقية في تطوير المحليات وتنقيتها وتطهيرها، جاءت حركة المحليات اليوم دليلًا واضحًا على ذلك، فهي ترسخ مبدأ التبعية وأن مصر كلها تابعة في قطاعاتها لا تتجزأ ولا تنفصل، إنما جاءت ضمن مبدأ الدولة المتماسكة المتناغمة التي تعمل جميعها في سياق واحد.
لم يأتِ التغيير للتغيير، إنما جاء تعديل في الأشخاص بقدر ما أنه استكمال للعمل في قطاعات الإدارة المحلية، راعت الحركة الكفاءات والخبرات، فوجدنا قيادات من محافظة البحيرة تم نقلها إلى كفرالشيخ، وقيادات من كفرالشيخ سكنت ديوان عام محافظة البحيرة، وهو الأمر الذي لن يختلف كثيرًا، فالملفات التي تشغل المحافظتين قضاياهما واحدة، والتبادل بينهما جاء مثاليًا ولن يوقف القيادات الجديدة كثيرًا عن العمل، فما بدأه سكرتير عام البحيرة سيكمله بنفسه لكنه الآن من داخل ديوان عام محافظة كفرالشيخ.
إن التجانس الحقيقي بين المحافظات، وتشابه الملفات والأزمات، والتحديات، كان دافعًا حقيقيًا لتكون حركة المحليات الحالية ترسيخًا له، فمن خلال قراءتي في الحركة وتحليلي لها وجدت أن قيادات الدلتا نقلت إلى محافظات أخرى داخل الدلتا، وقيادات الصعيد تنقلت كذلك داخل الصعيد، وهو أمر محمود وغاية نبيلة، غايتها الأساسية استكمال مسيرة العمل التنموي والإصلاحي داخل قطاعات الإدارة المحلية.
إن العمل بالمحليات شاق، ومعقد، يستلزم نهوضًا وقدرة وإرادة وفهمًا وكفاءة، وإن الحركات جميعها تهدف إلى ضح دماء جديدة وأفكار حديثة تتسق مع التحديات التي تمر بها محافظات مصر، لنبدأ عصرًا جديدًا هو عصر الجمهورية الجديدة، فكأن القدر يسوق لنا قيادات جديدة تتسق مع الجمهورية الجديدة، لتصبح جديدة بكل ما فيها.
إن الناظر في الشأن المحلي، والمتعمق في قضاياه، يعرف جيدًا أن البداية والتغيير والنهوض لن يحدث ولن يكون إلا بتنمية المحافظات، واختيار القادة الصالحين من الذين لديهم الخبرات الكافية للتعامل مع الأزمات.
ولعلي أوجّه رجاءً، وأمنية، أما الرجاء، فأرجو: أن تكتمل مسيرة التنمية، وأن يعمل كل سكرتير عام ومعه السكرتير المساعد في نسق واحد وبيئة واحدة بروح فريق العمل هدفهم الأول المواطن، وتحسين مستوى معيشته والاهتمام بملفات القمامة، والمياه والصرف الصحي، والكهرباء، والصحة والتعليم، والبنية التحتية من شبكة طرق وكباري وغيرها، وأما الأمنية: فأتمنى لبلادي الخير والتقدم والاذدهار، وبطانة صالحة تعين صاحب القرار على تنفيذ رؤيته الإصلاحية والتنويرية التي قطعتها مصر على نفسها ضمن رؤية الدولة نحو التنمية المستدامة 2030.