عقل السنوار.. كيف سيتحرك قائد حماس الجديد تجاه المفاوضات والحرب؟
عينت حماس يوم الثلاثاء الماضي يحيى السنوار زعيمًا لجناحها السياسي في أعقاب اغتيال رئيسها السياسي السابق إسماعيل هنية، الذي تم اغتياله في العاصمة الإيرانية الشهر الماضي والذي ألقي باللوم فيه على نطاق واسع على إسرائيل وقد يشعل حربًا إقليمية شاملة.
رأت التقارير الغربية أن تعيين السنوار - الرجل المعروف بقسوته والذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه العقل المدبر لهجوم طوفان الأقصى ضد إسرائيل - يجعله الشخص الأكثر قوة في المنظمة ووجهها في الدبلوماسية الدولية.
وكتب مايكل هورويتز، المحلل الجيوسياسي ورئيس قسم الاستخبارات في شركة إدارة المخاطر Le Beck International، في منشور على منصة "إكس": "السنوار نفذ الجزء الأكثر تطرفًا من حماس في هجوم 7 أكتوبر... وهو الآن في السلطة رسميًا".
كيف سيتحرك السنوار تجاه المفاوضات والحرب؟
يُنظر إلى السنوار على أنه متشدد وله علاقات أوثق بالجناح المسلح لحماس من سلفه إسماعيل هنية. ويقال إنه بالفعل صاحب الكلمة الأخيرة في أي اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح العشرات من المحتجزين الإسرائيليين الذين لا يزالون لدى حماس؛ إذ إنه غالبًا ما كان يعطل أو يقطع الاتصالات أثناء المحادثات، وفقًا للتقارير الغربية.
السنوار مختبئ بعمق داخل غزة، ويقول الوسطاء إن الأمر يستغرق عدة أيام لتبادل الرسائل معه. وهذا يثير تساؤلات حول كيفية إدارته منظمة مترامية الأطراف تضم كوادر في جميع أنحاء الشرق الأوسط؟ وما هى نيته تجاه المفاوضات والجهود الدولية لإنهاء الحرب؟.
قال فيكتور تريكو، المحلل البارز في شركة الاستشارات كونترول ريسكس، لشبكة "سي إن بي سي نيوز" الأمريكية: "إن ترشيح السنوار للمنصب الأعلى في حماس - على الرغم من كونه يقيم في غزة - يمهد لتصلب كبير في موقف الحركة، وخاصة فيما يتعلق بمحادثات وقف إطلاق النار".
وقال تريكو: "لقد كان للزعيم الفلسطيني، رأي مهم للغاية في المفاوضات مع إسرائيل، لكن الفارق الآن هو أنه لن يكون هناك صوت عملي نسبيًا لإسماعيل هنية لموازنة وجهات نظر السنوار المتطرفة التي لا تقبل المساومة".
ومع ذلك، استبعد تريكو أن يغير ترشيح السنوار ديناميكيات الحرب البرية في غزة، حيث يظل قتله أولوية قصوى بالنسبة لإسرائيل.
وفي حين أن تعيينه على رأس سلطة حماس يوجه ضربة للجهود الرامية إلى تحقيق وقف دائم للقتال وخفض التصعيد الإقليمي؛ يتوقع المحلل "استمرار عدم الاستقرار المتزايد في المنطقة لعدة أشهر أخرى".
من جهته، قال هيو لوفات، الخبير في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، "في المفاوضات الأخيرة، لعب هنية دورًا كبيرًا في محاولة إقناع السنوار بقبول اقتراح وقف إطلاق النار مع إسرائيل، لكنه رفض وتمسك بمطالبه بالإفراج عن مئات السجناء الفلسطينيين، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة، ووقف إطلاق النار الدائم - حتى مع استشهاد ما يقرب من 40 ألف فلسطيني في الحرب الجارية، وتدمير جزء كبير من أراضي القطاع".
بدوره، قال آفي ميلاميد، المسئول السابق في الاستخبارات الإسرائيلية والمحلل الإقليمي، في مذكرة عبر البريد الإلكتروني لشبكة "سي إن بي سي نيوز": "من المرجح أن يؤدي اختيار السنوار إلى إعاقة شرعية حماس على الساحة الدولية".
وأضاف ميلاميد: "من نواحٍ كثيرة، سمح فصل الفرع العسكري والسياسي لحماس بمحاولة التفاوض على تسوية أفضل للرهائن مع إسرائيل وتأمين مستقبلها بعد الحرب الحالية في حكومة فلسطينية مستقبلية". "هذه الخطوة من شأنها أن تتحدى هذا التكتيك".
أما غانم نسيبة، رئيس منظمة المسلمين ضد معاداة السامية ومقرها لندن والمعلق الإقليمي رأى أن حماس تخاطر بوضوح بتعيين زعيم غير مرئي، في إشارة إلى اختبائه في شبكة الأنفاق المعقدة في غزة.
وقال نسيبة: "هذا يجعل قرار حماس محفوفًا بالمخاطر.. لكن الأمر أسوأ بالنسبة لإسرائيل والوسطاء". "حظًا سعيدًا في التفاوض مع الجزء الأكثر تطرفًا في حماس والذي هو أيضًا غير مرئي".
على النقيض، رأى صادق أبوعامر، رئيس مجموعة الحوار الفلسطيني، وهي مؤسسة بحثية مقرها تركيا، أنه في حين قد يبدو ترقية السنوار "تحديًا لإسرائيل"، فإنه لا يزال من الممكن التوصل إلى اتفاق. وقال: إن السنوار، في دوره الجديد "قد يتخذ خطوة ستفاجئ الجميع".
والمؤكد، أن التنبؤ بكيفية قيادة السنوار لحماس أمر صعب بسبب السرية المحيطة به، إذ إنه لم يُشاهد منذ بداية الحرب وحتى قبل السابع من أكتوبر لم يظهر علنًا إلا نادرًا. ومن المرجح أنه مختبئ في عمق شبكة أنفاق حماس ومنعزل إلى حد كبير عن العالم الخارجي.
في حين يمكن توقع أن يضع السنوار السياسة العامة ويتخذ القرار النهائي بشأن أي اتفاق لوقف إطلاق النار، فمن المرجح أن تتم إدارة العمليات اليومية لحماس في الضفة الغربية المحتلة من قبل إسرائيل وأماكن أخرى من قبل قادتها المنفيين في قطر ولبنان وتركيا وإيران.
وقال هاني المصري، المحلل الفلسطيني المخضرم الذي التقى بمعظم قادة حماس على مر السنين، بمن في ذلك هنية والسنوار، "هناك قضايا يمكنه اتخاذ قرار بشأنها وهناك قضايا ومسائل يمكن لنوابه وبقية أعضاء المكتب السياسي القيام بها"، وفقًا لـ"أسوشيتد برس".