رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قاضٍ مصري: القضاء الإسرائيلي يثير الفوضى في العالم ولا يعترف باتفاقية جنيف في الأراضي المحتلة

الدكتور محمد خفاجى
الدكتور محمد خفاجى

أصبحت منطقة الشرق الأوسط على صفيح ساخن وسط توترات إقليمية بالغة التعقيد، بسبب حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال ضد سكان قطاع غزة، زادت من حدتها سياسة الاغتيالات التي تنتهجها إسرائيل، باستخدام الأسلحة شديدة الدقة بالتطور التقني واستخدام الذكاء الاصطناعي مما ينذر بحرب إقليمية خطيرة قد تكون مقدمة لحرب عالمية ثالثة، وتقف مصر موقفًا ثابتًا لدعم القضية الفلسطينية، وتنويرًا للعقل العربي نعرض لدراسة المفكر والمؤرخ القضائي القاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بعنوان: ( إسرائيل شرعنت الاغتيالات المسمى بالقتل المستهدف منذ عام 2000 والقضاء الإسرائيلي منحها صك المشروعية عام 2006)

ونعرض للجزء الأولى فيما يلي

القضاء الإسرائيلي يشرعن الاغتيالات

يقول الدكتور محمد خفاجى: “كانت هناك إرهاصات قبل عام 2000 بشكل غير رسمي في سياسة إسرائيل نحو القتل المستهدف، وفي عام 2000 أصبح القتل المستهدف موضوع نقاش في إسرائيل عندما قامت مجموعة إسرائيلية وفلسطينية لحقوق الإنسان منع مثل هذا النوع من القتل الغادر، حتى وصل الأمر إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، واستغرق الأمر منها 5 سنوات للتوصل إلى قرار بحكمها الصادر في ديسمبر 2006 برئاسة أهارون باراك بشرعنة الاغتيال الذي تسميه القتل المستهدف، أيدت فيه المحكمة تصرف حكومة إسرائيل باستخدام سياسة الضربات الوقائية التي تتسبب في مقتل أعدائها بحجة أنهم إرهابيين وأنه لا مانع من أن  هذه الضربات تلحق أحيانًا الأذى أيضًا بالمدنيين الأبرياء! وهو ما يثير التساؤل حول مذهب القضاء الإسرائيلي وما إذا كان الاغتيال المستهدف يتفق مع المواثيق الدولية خاصة قوانين الحرب، والقانون الإنساني الدولي من عدمه”.

ويضيف: "والرأي عندي أن الاغتيالات بجميع عمليات القتل المستهدف غير قانونية، وتخالف القانون الدولي الإنساني، بل إن التاريخ يسجل أنه منذ الحرب العالمية الثانية، استخدمت الحكومة الإسرائيلية تكتيك الاغتيالات - القتل المستهدف - بانتظام، أكثر من أي دولة أخرى على وجه الكرة الأرضية وراح ضحيتها الكثير من حياة المدنيين حسبما أشار إلى ذلك الصحفي الاستقصائي الإسرائيلي رونين بيرجمان في صحيفة نيويورك تايمز، مقتبسًا من كتابه الصادر عام 2018 بعنوان "انهض واقتل أولًا: التاريخ السري للاغتيالات الإسرائيلية المستهدفة".

القضاء الإسرائيلى لا يعترف باتفافية جنيف في الأراضي الفلسطينية التي احتلتها منذ عام 1967(المحكمة الإسرائيلية عكس قضاء العالم يطبق القانون العرفى دون قانون المعاهدات)

ويشير إلى أن الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا الإسرائيلية في ديسمبر 2006 بشأن سياسة الاغتيالات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 كان سببًا مباشرًا في انتهاج إسرائيل لسياسة الاغتيالات والقتل المستهدف. والمحكمة العليا الإسرائيلية، على عكس محاكم العالم، تطبق القانون العرفي دون قانون المعاهدات، فهي لا تعترف باتفاقيات جنيف لعام 1949 ولا تطبقها في قضائها. واستندت حكومة إسرائيل إلى موافقة المحكمة العليا الإسرائيلية، أنها ملزمة بالقانون العرفي، ولكن ليس بقانون المعاهدات. وقد أدرجت إسرائيل اتفاقيات جنيف في إطار قانون المعاهدات. لذا فليس من المستغرب أن يذهب الجيش الإسرائيلي إلى أنه يتصرف بالطريقة التي وصفتها المحكمة وهي في الحقيقة الغطاء غير المشروع لشرعنة الاغتيالات تحت عباءة الدفاع عن النفس في محاربة الإرهابيين من رجال المقاومة.

حكم المحكمة العليا الإسرائيلية يثير الفوضى فى العالم ويخالف قواعد القانون الإنساني الدولى ويعرض النظام الأمريكى للخطر

ويشير إلى نقطة مهمة بقوله “إن حكم المحكمة العليا الإسرائيلية يثير الفوضى في العالم ويخالف قواعد القانون الإنساني الدولي ويعرض النظام الأمريكي للخطر، وهو الذي تحدده المادة 2/2 من دستور الولايات المتحدة باعتبار الرئيس الأمريكي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة في الولايات المتحدة، وهو الذي يشارك في أي نزاع مسلح على أي حال ما دام هذا النزاع قائمًا. ووفقًا لتفسير المحكمة العليا الإسرائيلية، فإن الرئيس الأمريكي بصفته يشارك في الصراع ما دام الصراع قائمًا، كما أن المتعاون الفلسطيني معرض لخطر القتل في منزله دون محاكمة. ووفقًا لحكم المحكمة العليا الإسرائيلية، فإن المتعاون يمكن اعتباره مدنيًا يشارك بشكل مباشر في الأعمال العدائية ويمكن استهدافه، حتى داخل منزله، قبل أو بعد عمله المشترك مع القوة المحتلة، مما يتعارض مع قواعد القانون الإنساني الدولي ويثير الفوضى”.

ويوضح: "الرأي عندي إن الحكم القضائي المذكور بشأن سياسة الاغتيالات الإسرائيلية يوفر الدعم لأخطر السياسات التي نفذتها إسرائيل كقوة احتلال في الأراضي المحتلة في تاريخها، مما يؤدي إلى انتهاكات صارخة إضافية لحقوق الإنسان الأساسية للسكان الذين يعيشون تحت نير الاحتلال الإسرائيلي، وهذه الانتهاكات الصارخة التي ارتكبتها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية والنظام السياسي للحكومة عززت من الإفلات من العقاب على يد المدعي العام العسكري والنائب العام والمحكمة العليا الإسرائيلية لأجيال متتالية من الفلسطينيين دون محاكمة، رغم تحقق المسؤولية الجنائية الدولية لقادة إسرائيل عن الضرر المؤدي لحياة من تستهدفهم الاغتيالات. 

ويشير إلى أن المحكمة العليا الإسرائيلية تشرعن الاغتيالات بحجة القتل المستهدف، وتجيز مشروعية قيام حكومة إسرائيل بسياسة الضربات الوقائية في يهودا والسامرة وقطاع غزة بحجة أنهم من قبيل الإرهابيين الخطرين على إسرائيل، سواء كانوا في مواجهة الجنود المقاتلين المسلحين الفلسطينيين أو المدنيين الأبرياء. غاية ما الأمر أنه يشترط عدم تعرض المدنيين الأبرياء القريبين للأذى، إذ يجب أن يكون الضرر الذي يلحق بالمدنيين متناسبًا وهو ما يخضع لتقدير القوة العسكرية الإسرائيلية.
 

قصة حكم المحكمة العليا الإسرائيلية بجواز شرعنة الاغتيالات المسمى بالقتل المستهدف بإطلاق ثلاثة صواريخ حسين عبيات بفتح 

ويذكر: “أقامت اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل دعوى قضائية ضد حكومة إسرائيل في 9 نوفمبر 2000، بسبب حسين عبيات، وهو أحد كبار نشطاء تنظيم فتح، الذى يقود سيارته في شارع مزدحم في قريته بالضفة الغربية، وأطلقت مروحية تابعة لقوات الدفاع الإسرائيلية ثلاثة صواريخ عليه، مما أدى إلى مقتله وامرأتين هما رحمة شاهين وعزيزة محمد دنون، كانتا تقفان خارج أحد المنازل، وكان هذا الاغتيال بعد أقل من شهرين من بدء انتفاضة الأقصى، بمثابة بداية الطريق لسياسة القتل المستهدف الإسرائيلية، ومنذ ذلك الحين، فإن ممارسة القتل المستهدف تتم بموجب أوامر حكومية إسرائيلية ، وأعلنت منظمة بتسيلم، اغتيال  367 فلسطينيًا بحلول 31 أغسطس 2007  تمثل فى 218 شخصًا من ضحايا عمليات القتل المستهدف و149 من المارة الأبرياء".

وغدا نعرض للجزء الثاني من تلك الدراسة المستنيرة