الكنيسة اللاتينية تحتفل بذكرى القدّيسين المكابيّين السبعة
تحتفل الكنيسة اللاتينية بذكرى القدّيسين المكابيّين السبعة، وأمّهم صالومي ومعلّمهم الشيخ لعازر، استشهد الإخوة المكابيون السبعة وأمهم صالومي ومعلمهم الشيخ لعازر لأجل تمسّكهم بدين آبائهم وتقاليدهم في المحاولات التي قام بها بعض الملوك السلوقيّين، أسياد سوريا، ولا سيما انطيوخوس ابيفانيوس، لافساد الشعب اليهودي في دينه وجرّه إلى الوثنية معتقدًا وأخلاقًا. وكانت فلسطين آنذاك خاضعة لسلطانهم. وقد دعوا "المكابيين" ليس لأنهم من السلالة المكابية، بل لأنهم استشهدوا في العهد المكابيّ، ولأن خبر استشهادهم يسرده سفر المكابيين الثاني.
وبهذه المناسبة ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها: بالموت يصبحُ خيارُ الحياةِ الذي اتخذه الإنسانُ حاسماً إذ تغدو حياته هذه أمامَ الديّان. ويتّخذُ خيارُه الذي تُرجِمَ في سيرةِ الحياةِ أشكالاً متعددة. هناكَ أشخاصٌ قد هدموا نهائياً في ذواتهم الرغبةَ في الحقيقةِ والجاهزيةَ للمحبة. أشخاصٌ كل ما فيهم قد صارَ مزيّفاً؛ أشخاصٌ قد عاشوا في سبيلِ الكراهيةِ فداسوا في ذواتهم المحبة. هذه صورةٌ رهيبةٌ، لكن بعض شخصيات تاريخنا تجعلنا نرى فيها بصورةٍ مرعبةٍ هذه الهيئة. في أفرادٍ كهؤلاءِ لم يعدْ هناكَ شيءٌ يمكنُ استرجاعه فهلاكُ الخيرِ فيهم نهائيّ: هذا ما نقصده بكلمة جهنم.
من ناحيةٍ أخرى هناكَ أشخاصٌ شديدي النقاوة، قد سمحوا لله أن يدخل فيهم بشكلٍ كاملٍ وبالنتيجةِ هم منفتحون تماماً على الآخرين – هم أشخاصٌ قد وجَّهَتْ منذُ الآنَ الشركةُ مع اللهِ كيانَهم بالكامل، ورحيلهم نحو الله ما هو إلا إتمامٌ لما هم عليه منذُ الآن.
حسب خبرتنا لا تمثِّلُ الحالةُ الأولى ولا الثانية الوضعَ الطبيعيَّ للوجودِ الإنسانيّ. فأكثرُ الناس –هذا ما نعتقده – يبقى حاضرًا في أعماقِ جوهرهم انفتاحٌ أخيرٌ داخليٌّ على الحقيقةِ والمحبةِ والله. لكنه انفتاحٌ تغطّيه في خيارات الحياة تنازلاتٌ نحو الشرِّ تتجدَّدُ دائمًا... ما الذي يحصل لهؤلاء عندما يظهرونَ أمامَ الديّان؟ كل الأشياء القذرة التي كوَّموها طوال حياتهم أتصبحُ فجأةً دون أهمية؟ أو ما الذي يمكن أن يحصل لها؟ يعطينا القديس بولس في الرسالة الأولى إلى كورنتوس فكرةً عن تأثيرِ حُكمِ اللهِ المختلفِ على الإنسانِ حسبَ حالته... قائلاً: "فإِن بَنى أَحَدٌ على هذا الأَساسِ بِناءً مِن ذَهَبٍ أَو فِضَّةٍ أَو حِجارةٍ كَريمة أَو خَشَبٍ أَو هَشيمٍ أَو تِبْن، سيَظهَرُ عَمَلُ كُلِّ واحِد، فيَومُ اللّه سيُعلِنُه، لأَنَّه في النَّارِ سيُكشَفُ ذلِك اليَوم، وهذِه النَّارُ ستَمتَحِنُ قيمةَ عَمَلِ كُلِّ واحِد. فمَن بَقِيَ عَمَلُه الَّذي بَناه على الأَساسِ نالَ أَجْرَه، ومَنِ احتَرَقَ عَمَلُه كانَ مِنَ الخاسِرين، أَمَّا هو فسيَخلُص، ولكِن كمَن يَخلُصُ مِن خِلالِ النَّار"