إسرائيل تجر المنطقة إلى "حرب شاملة".. "اغتيال هنية" يفجّر الأوضاع
باتت منطقة الشرق الأوسط على شفا حرب ضارية وتصعيد أعنف وصراع قد يشتعل أكثر وأكثر في جبهات عدة على إثر اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في طهران، فجر الأربعاء، إذ توالت ردود الأفعال بسرعة بين نفي وإدانة وتعطيل لمفاوضات الهدنة في غزة وإبرام صفقة تبادل، واستعدادًا لشن حرب شاملة في المنطقة، الأمر الذي قد يزيد من اتساع رقعة الصراع وتحول المنطقة إلى بؤرة حرب ملتهبة تأكل الأخضر واليابس.
سياسة الاغتيالات ستوسع الصراع في المنطقة
وأكد مصدر مصري رفيع المستوى، لقناة "القاهرة الإخبارية"، أن سياسة الاغتيالات التي تمارسها إسرائيل تهدد الوضع الأمني الإقليمي، وستؤدي إلى توسيع نطاق الصراع بالمنطقة لوضع يصعب السيطرة عليه.
إيران: سنضرب إسرائيل مباشرةً
وردًا على اغتيال هنية، أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، نقلًا عن مسئولين إيرانيين، بأن المرشد الإيراني على خامنئي أصدر أوامره، في اجتماع طارئ للمجلس الأعلى للأمن القومي، بضرب إسرائيل مباشرةً، كما أمر الحرس الثوري والجيش بإعداد خطط للهجوم والدفاع إذا توسعت الحرب.
ولفت المسئولون الإيرانيون، للصحيفة الأمريكية، إلى أن طهران تؤكد حقها في الرد والدفاع عن نفسها ضد أي تعدٍ على السيادة الإيرانية، والثأر لدماء "هنية" واجب على طهران لأن اغتياله وقع على أراض إيرانية.
وحسب الصحيفة الأمريكية، أكد المسئولون الإيرانيون أن قادة الجيش الإيراني يدرسون شن هجوم بمُسيّرات وصواريخ على أهداف عسكرية بمحيط تل أبيب وحيفا، وأن يكون هناك هجوم منسق من جبهات في إيران واليمن وسوريا والعراق لتحقيق أقصى تأثير خلال الضربة الموجهة لإسرائيل.
القسام: اغتيال هنية ستكون له تداعيات كبيرة على المنطقة
في المقابل، أكدت كتائب القسام، في بيان لها، أن عملية الاغتيال الإجرامية بحق إسماعيل هنية في قلب العاصمة الإيرانية هي حدثٌ فارقٌ وخطير، ينقل المعركة إلى أبعادٍ جديدةٍ وستكون له تداعياتٌ كبيرةٌ على المنطقة بأسرها، وأنّ جرائم العدو المتواصلة في مختلف الساحات تدق ناقوس الخطر لدى كل دول وشعوب المنطقة، ولا بد أن تكون حافزًا للجميع لدعم وإسناد المقاومة في فلسطين لأنها خط الدفاع المتقدم عن الأمة بأسرها.
فيما أكد خليل الحية، خلال مؤتمر صحفي تعقيبًا على اغتيال إسماعيل هنية، القيادي في حركة حماس، أن عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس لن تمر دون رد، قائلًا: "إن فعل الاحتلال اليوم هو لإشعال المنطقة بالكامل، فهو يريد أن يشعل المنطقة ليهرب إلى الأمام لأنه فشل في تحقيق أهدافه، لذلك قلنا مرارًا إنه يراوغ، فلا يريد اتفاقًا ولا يريد صفقة، بل يريد أن يبقى العدوان هنا وهناك رغم فشله، فيهرب إلى الأمام بالقتل والتدمير وغير ذلك".
وردًا على اغتيال "هنية"، أعلنت كتائب القسام عن تنفيذها عمليتي إطلاق نار بالخليل قرب مستوطنة كريات أربع وقرب الحرم الإبراهيمي ردا على عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
إدانات عالمية باغتيال "هنية"
وفور اغتيال "هنية"، أدانت دول العالم اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، منددة بشكل واسع وكبير باغتياله، واصفين إياه بـ"انزلاق المنطقة إلى دائرة الفوضى"، حيث حذّرت مصر من مغبة سياسة الاغتيالات وانتهاك سيادة الدول الأخرى وتأجيج الصراع في المنطقة، مطالبة مجلس الأمن والقوى المؤثرة دوليًا بالاضطلاع بمسئوليتهم فى وقف هذا التصعيد الخطير فى الشرق الأوسط.
كما اعتبر الأردن- في بيان- أن اغتيال "هنية" خرق للقانون الدولي والإنساني، وجريمة تصعيدية ستدفع باتجاه المزيد من التوتر والفوضى في المنطقة، فيما أكد العراق أن هذه العملية العدوانية تُعد انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية وتهديدًا للأمن والاستقرار في المنطقة.
واعتبرت سلطنة عُمان اغتيال هنية انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والإنساني، وتقويضًا واضحًا لمساعي تحقيق السلام في المنطقة، مؤكدة موقفها الثابت في رفض كل أشكال الإرهاب مهما كانت دوافعه ومسبباته، فضلًا عن رفض انتهاكات سيادة الدول وحرماتها.
لسنا متورطين في اغتيال "هنية"
على الجانب الغربي، سعت الولايات المتحدة إلى نفي تورطها في اغتيال إسماعيل هنية، حيث أكد أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، أن الولايات المتحدة ليست متورطة في عملية اغتيال إسماعيل هنية، ومن الصعب التكهن بتبعاتها، موضحًا أن الولايات المتحدة لم تتلق تحذيرًا مسبقًا بشأن عملية اغتيال إسماعيل هنية، حسب قناة "القاهرة الإخبارية".
انهيار المفاوضات
أكد موقع "أكسيوس" الأمريكي، أن استراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط كانت تعتمد على وقف الحرب في غزة وتحرير المحتجزين الإسرائيليين، حيث يسعى بايدن بشكل مكثف وشخصي لوقف هذه الحرب، حيث يرى أنها عامل رئيسي لتاريخه السياسي قبل رحيله من البيت الأبيض مطلع العام المقبل.
فيما كشف 3 مسئولين أمريكيين عن أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تشعر بالقلق الشديد من تأثير اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، على مفاوضات تحرير المحتجزين ووقف إطلاق النار في غزة، كما أن مثل هذا الحادث من شأنه إشعال حرب إقليمية واسعة لطالما عملت الولايات المتحدة على تجنبها.
وحسب وسائل إعلام عبرية، فإن التقديرات تشير إلى أن عملية اغتيال إسماعيل هنية في طهران قد تجمّد المفاوضات الرامية إلى التوصّل لهدنة في غزة "أسابيع أو أشهرا"، موضحةً أن تعاظُم عمليات الاغتيال التي نفّذتها "إسرائيل" مؤخّرا، "قد تؤدي إلى تجميد المفاوضات بشأن الصفقة، بين أسابيع وأشهر؛ فضلا عن تقارب المحاور في المنطقة".
مستعدون لشن حرب شاملة
وخلال مؤتمر صحفي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل بانتظار أيام صعبة فيها كثير من التحديات، ونحن مستعدون لكل السيناريوهات وضد كل تهديد.
وتابع نتنياهو: "في الأيام الأولى منذ الحرب قلت إنها ستأخذ وقتًا وإنها ستطلب منا جميعًا الصبر، وأكرر هذا اليوم، كل أسبوع يقولون لنا من هنا ومن الخارج أنهوا الحرب، لأننا لا يمكن أن نحصل على أي شيء إضافي، وأنا لم أسمع هذه الأصوات في حينه ولن أستسلم لها الآن".
بينما أكد قائد سلاح الجو الإسرائيلي، وفقًا لقناة "القاهرة الإخبارية"، أن سلاح الجو يعمل على المستويين الدفاعي والهجومي في جميع ساحات الحرب، ويحيط إسرائيل بعشرات الطائرات استعدادًا لأي سيناريو، كما أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال، دانيال هاغاري، عن أن تل أبيب مستعدة للسيناريوهات كافة على المستويين الدفاعي والهجومي.
وأفادت وسائل إعلام عبرية بأن إسرائيل أبلغت لبنان وإيران، عبر أطراف وسيطة، بأنها مستعدة لحرب شاملة في الإقليم، بعد التهديد الأخير بضرب تل أبيب ردًا على اغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر، حيث قالت القناة 12، الإسرائيلية، إن تل أبيب أبلغت لبنان وإيران عبر قنوات دبلوماسية بأنها مستعدة لحرب شاملة، إضافة إلى إصدار تعليمات للسفارات الإسرائيلية برفع حالة التأهب وزيادة اليقظة ضمن الاستعداد للرد الإيراني.
بينما قالت القناة 14، الإسرائيلية، إنه يجب على سكان تل أبيب في البدء بتخزين الغذاء لعدة أيام صعبة، بعد اغتيال إسماعيل هنية في طهران.
في الجهة المقابلة، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، عن مسئول بوزارة الدفاع "البنتاجون" قوله إن الولايات المتحدة دفعت بـ12 سفينة حربية في الشرق الأوسط بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والقيادي في حزب الله فؤاد شكر.
تجاهل تبنى اغتيال "هنية"
وفور كلمة نتنياهو خلال المؤتمر الصحفي، قالت دانا أبوشمسية، مراسلة قناة "القاهرة الإخبارية" من تل أبيب، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يتطرق في كلمته إلى عملية اغتيال إسماعيل هنية في طهران ولم يتبنَ رسميًا العملية.
وأضافت أبوشمسية، في إفادة لـ"القاهرة الإخبارية"، أن إسرائيل دائمًا ما تعلن عن عملياتها ضد حزب الله، إلا أن الوضع مختلف بالنسبة للعمليات الخاصة بحماس، مشيرًة إلى أن هناك عمليات اغتيال نفذها الاحتلال منذ 2008، ولم يعلن عنها رسميًا حتى الآن.
وأوضحت: إن كلمة نتنياهو جاءت مقتضبة ونشعر فيها بنشوة الانتصار، وكأنه يريد توجيه رسالة تحديدًا إلى الشارع الإسرائيلي وعائلات المحتجزين بأنه كانت هناك ضغوط عدة عليه لإنهاء هذه الحرب وإتمام الصفقة، ولكنه أصر على موقفه المتمثل في ضرورة مواصلة الضغط العسكري.