تسييس الرياضة.. روسيا تواجه الاستبعاد الغربى من أوليمبياد باريس 2024 بالتجاهل والازدراء
تجاهلت روسيا بشكل خاص دورة الألعاب الأوليمبية في باريس 2024، التي انطلقت، أمس، بمشاركة أكثر من 10500 رياضي من نحو 200 دولة، فيما يشارك 15 لاعبا روسيا فقط في هذه الألعاب دون رفع العلم الروسي أو أداء النشيد الوطني الروسي.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في تقرير لها اليوم، إن روسيا ولأول مرة منذ عام 1984 لم تعرض دورة الألعاب الأوليمبية على شاشة التليفزيون، حيث لا يولي التليفزيون الحكومي اهتماما كبيرا بفعاليات أوليمبياد باريس، هذا بخلاف إبراز السلبيات في هذه الدورة.
روسيا تهاجم تسييس أوليمبياد باريس 2024
وحسب الصحيفة، فقد أفادت نشرات الأخبار الروسية بعمليات تنظيف نهر السين، الذي خلصت إلى أنه سوف يمتلئ حتما بمياه الصرف الصحي مرة أخرى، وأعرب المعلقون الإعلاميون عن اشمئزازهم من حمل الشعلة الأوليمبية من قبل شخصيات مثيرة للجدل تدعم الشذوذ الجنسي.
واعتبرت الصحيفة أن هذا الأمر يمثل انحدارًا كبيرًا لروسيا، القوة الأوليمبية التقليدية التي استخدمت لسنوات المنافسة كوسيلة لإظهار القوة وتعزيز الفخر الوطني، وغالبًا ما احتلت المركز الأول في عدد الميداليات النهائية بالأوليمبياد، ويمثل هذا الثمن الذي تدفعه موسكو لغزوها أوكرانيا قبل عامين.
وقالت "واشنطن بوست" إنه بعد منع روسيا من المشاركة في أوليمبياد باريس بسبب الحرب، اختارت موسكو رفض الألعاب، فهي تضعها في إطار نفس الرواية التي استخدمها الرئيس فلاديمير بوتين لتأجيج القومية في الداخل، وهي أن روسيا منخرطة في مواجهة وجودية مع تحالف غربي عازم على إذلال روسيا.
وقال دميتري نافوشا، وهو بيلاروسي شارك في تأسيس موقع رياضي بارز في روسيا ولكنه غادر البلاد ويعارض غزو أوكرانيا: "لا أحد يريد أن يعترف بالسبب الحقيقي وراء زيادة الحواجز أمام مشاركة روسيا، وهو الحرب".
وتابع: "هذه الحقيقة مخفية ببساطة، ويتم تفسيرها على أن الغرب لا يحب روسيا، لذلك لا يسمحون لنا بالذهاب إلى أي مكان".
ومع ذلك، أكد "الكرملين" أن قرار منع روسيا نابع من النفاق الأمريكي.
وقال دميتري جوبيرنييف، وهو معلق رياضي روسي معروف: "الأمريكيون، الذين ذهبوا إلى العراق وفيتنام واعترفوا لاحقًا بالخطأ، كما أن الولايات المتحدة لم تُعاقب أبدًا في عالم الرياضة لشن الحروب".
منع مشاركة روسيا فى أوليمبياد باريس 2024 بسبب أوكرانيا
وفي عام 2017، أوقفت اللجنة الأوليمبية الدولية مشاركة فريق روسيا حتى نهاية عام 2022 بسبب فضيحة المنشطات، ومع ذلك، أرسلت بعضًا من أكبر الفرق إلى الألعاب- 335 في طوكيو قبل ثلاث سنوات- حيث شارك الرياضيون الروس وفازوا بميداليات تحت تسمية "محايدة".
وفي عام 2022، حظرت اللجنة الأوليمبية الدولية الرياضيين الروس مرة أخرى في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، ويمتد الإيقاف أيضًا إلى الرياضيين من بيلاروسيا، الدولة التابعة المجاورة لروسيا، والتي دعم زعيمها ألكسندر لوكاشينكو غزو بوتين لأوكرانيا.
وفي العام الماضي، قررت اللجنة الأوليمبية الدولية السماح للرياضيين الروس الأفراد بالمشاركة إذا استوفوا المتطلبات الصارمة للمشاركة، حيث إن الرياضيين والأفراد الروس والبيلاروسيين "الذين يدعمون الحرب بنشاط" أو المتعاقدين مع وكالات الأمن القومي أو العسكرية في بلادهم غير مؤهلين للمشاركة.
كما قضت اللجنة الأوليمبية الدولية بعدم اعتماد أي مسئول حكومي روسي أو بيلاروسي للألعاب، كما مُنع العديد من ممثلي وسائل الإعلام من كلا البلدين من الحضور، ما زاد من إزعاج "الكرملين".
روسيا تمنع فرقها من الذهاب إلى أوليمبياد باريس 2024
وحسب الصحيفة الأمريكية، شوّه رئيس اللجنة الأوليمبية الروسية، ستانيسلاف بوزدنياكوف، سمعة الرياضيين الذين اختاروا المشاركة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن حوالي نصفهم يقيمون خارج روسيا، فقد أطلق عليهم اسم "عملاء أجانب".
كما قامت اللجنة الأوليمبية الروسية بدفع أكثر من 200 مليون روبل، أو 2.3 مليون دولار، إلى ما لا يقل عن 245 رياضيًا لم يتمكنوا أو اختاروا عدم المنافسة، وفقًا لما قاله المدير العام للجنة لوكالة "ريا نوفوستي".
وقالت الصحيفة إنه كان هناك حملة ضغط عامة داخل روسيا لإقناع الرياضيين بالانسحاب، لكن رفض ما لا يقل عن 20 رياضيًا روسيًا مؤهلين واستوفوا معايير المنافسة الدعوات؛ إما لأن اتحادهم قرر عدم المشاركة أو تضامنًا مع أعضاء الفريق الآخرين الذين لم يحصلوا على الضوء الأخضر من اللجنة الأوليمبية.
فيما ترك "الكرملين" القرارات الشائكة بشأن من يجب أن يشارك للاتحادات ورياضييها.
وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف: "يتخذ كل رياضي مثل هذه القرارات بشكل مستقل فى دورة الألعاب الأوليمبية، أما بالنسبة لمن سنحت لهم الفرصة ولم يذهبوا، فإن لكل اتحاد ظروفه واتفاقياته وآرائه وقراراته الجماعية، ويجب احترام ذلك".