المؤتمر الأول لأدب الطفل.. انطلاقة نحو التطوير
يحظى أدب الطفل، فى تلك الآونة، بالتفاتة ملحوظة من بعض مؤسسات الدولة شأن اتحاد الكتاب والمجلس الأعلى للثقافة، والمعهد العالى لفنون الطفل بأكاديمية الفنون، من خلال طرح موضوعات هامه للنقاش التى ترصد بدورها أهم إشكاليات أدب الطفل فى المنطقة العربية ككل، وكان من أهم هذه اللقاءات المؤتمر الأول لأدب الطفل، الذى انعقد مؤخرًا فى المجلس الأعلى للثقافة على مدار يومين، ليكون بداية انطلاق موفقة لتطوير أدب الطفل وآلياته، وبدا ذلك واضحًا من اختيارالعنوان الرئيسى للمؤتمر "أدب الطفل والتكنولوجيا الحديثة" تحت إشراف رئيس نادى القصة الكاتب محمد السيد عيد، وأمين المؤتمر الشاعر عبده الزراع وبدعم من أربعة دور نشر "دار نهضة مصر، دار أرجوحة، الظبى، المستقبل" كما أتى اختيار الدورة الأولى باسم الكاتب "على ماهر عيد" اختيارًا واعيًا ومثمرًا، حيث إعطاء الأولاوية والاهتمام لأدب ذوى الاحتياجات الخاصة، الذى تفرغ له وأولاه كل اهتمامه الكاتب على ماهر عيد، فانفردت أبحاث المؤتمر بجزء كبير عن ذوى الهمم والكتابة الواعية لهم، والتوعية بقضاياهم التى يتربع على عرشها التنمر والاستضعاف والتمييز، مع استعراض بعض النماذج القصصية التى تناولت تلك القضايا وأوصت بضرورة توعية المعلمين والراشدين حول الطفل ذوى القدرات الخاصة للتعامل بأساليب داعمة للقدرات غير المرئية، بوسائط ووسائل يطمئن لها الطفل ذو الإعاقة الجسدية أو العقلية ليخرج ما لديه من قدرات خارقة.
من المحاور الهامة التى استعرضتها أبحاث المؤتمر.. الكتب التفاعلية للطفل مع رصد التحديات التى تواجه الكتاب الورقى فى مقابل انتشار الرقمنة والكتب الإلكترونية، التى ظهرت مع ثورة التكنولوجيا وغيرت مسار وسائل التعبير والتواصل، وأشارت الأبحاث عن كيفية توظيف التكنولوجيا لتصبح داعمًا للمدركات السردية اللفظية والسمعية والبصرية وتقدم أشكالًا من الأدب التفاعلى المعتمد على الصورة والمدركات السمعية واللمس أحيانًا كثيرة، مما يسهم فى تنشيط التفكير الابتكارى وتنمية المهارات الخيالية وتعزيز بناء المعرفة، ولكن ارتفاع كفة الكتب الإلكترونية والتفاعلية يهدد مكانة الكتاب الورقى الذى يواجه بعض الصعوبات، منها: ارتفاع أسعار الورق والطباعة والتوزيع، فى حين أن الكتاب الإلكترونى يسهل تحميله والاحتفاظ به، ونشره وتوزيعه بضغطة زر، لهذا وضع على كاهل منظومة أدب الطفل بعض التوصيات التى من شأنها خلق توزان بين الكتاب الورقى والإلكترونى، فلكل منهما سلبياته وايجابياته، كما أن وجودهما معا يخلق نوعًا من التنافس الإيجابى الذى يصب فى النهاية لاتساع قاعدة القراء من الأطفال، ففى حاضرنا التكنولوجى لم يعد الكتاب الورقى يرضى شغف أغلب الأطفال واحتياجاتهم، لهذا شرحت وأوفت جميع أبحاث المؤتمر للباحثين العرب والمصريين هذه الإشكاليات فى عناوين هامة شأن الآثار الإيجابية والسلبية للتكنولوجيا للباحثة الإماراتية عائشة الغيص، وأطفالنا وبساط التكنولوجى للباحثة السورية ثراء الرومى، التى تعرضت لقضية إدمان الإنترنت ومخاطره النفسية على الطفل وما يخلقه من حضور باهت للغة العربية، وأعطى الباحث محمد فضل شبلول نموذجًا لإيجابية الكتاب الإلكترونى فى تحويل الكتب التراثية إلى برامج إلكترونية شأن كليلة ودمنة، وتحدث الباحث أحمد عبد العليم عن رقمنة الكتاب والمقصود بها فى بحث واف، وحول الميتافيرس قدم الباحث المصرى محمد بغدادى أضرار العالم الافتراضى وتغذية الطفل بأوهام تحاكى الواقع، بحيث تخلق سعادة مفرغة من معانيها، ليخرج فى النهاية المؤتمرالأول لأدب الطفل بحصيلة كبيرة من التوصيات الهامة التى تختص بطرق الكتابة المتطورة التى تحاكى عصر الطفل، والاهتمام بشغفه واحتياجاته، والعمل على تطوره العقلى والإبداعى، ومواجهة التمادى مع التكنولوجيا، بل توظيفها لصالح الأديب والطفل، كما أنادى بضرورة الاحتفاظ بجميع الأبحاث المقدمة فى المؤتمر فى ملف خاص كأرشيف للمؤتمر، ودمجها مع أبحاث المؤتمرات المقبلة تمهيدًا لإصدار كتيب خاص بالمؤتمر، أو على الأقل طباعة نشرة خاصة بالمؤتمر، ليصبح أولى بذور الانطلاق نحو تقدم أدب الطفل.