بعد انتهاء جاى ريتشى من فيلمه "ينبوع الشباب".. عشبة الخلود أسطورة لازمت البشر
فكرة "الخلود"، محور فيلم "ينبوع الشباب"، للمخرج جاي ريتشي، والذي انتهي من تصويره في مصر أمس الأربعاء.
ومنذ خلق الإنسان الأول "آدم" وفكرة الخلود ارتبطت برمز "التفاحة" التي أخرجته من الجنة بعدما وسوس له الشيطان أنه بتناول هذه الثمرة سيخلد ولن يموت.
ومنذ القدم، من تلك اللحظة التي أدرك فيها الإنسان ماهية الموت وما يعنيه من انتفاء الوجود لعالم العدم، وفكرة الخلود تراود البشرية وتخايل تصوراتها وأحلامها حتى ولو كانت محالة.
الحضارات القديمة، وبالتحديد أساطير هذه الحضارات، تطرقت لفكرة الخلود وحلم الإنسان بتحقيقها، وأن يهزم الموت ويظل مخلدا على قيد الحياة للأبد متمتعا بالصحة والشباب والعافية.
فكرة الخلود فى مصر القديمة
في كتابه "رب الثورة: أوزيريس وعقيدة الخلود في مصر القديمة"، يؤكد الباحث الدكتور سيد القمني الأهمية الكبرى والقصوى لهذه العقيدة "الخلود" عندهم، حتى أكد البعض أنه لا يمكن فهم أو تصور مصر القديمة بوضوح دون تصور عالمها الآخر؛ لأن الاعتقاد في هذا العالم قد نفذ إلى كل فكرة وكل سلوك، وصبَغ كل شيء مصري قديم بصِبْغته، وما كان ليحدث تقدم أو تخلف اجتماعي، أو تغيرات سياسية أو اقتصادية، أو فكرية، أو حتى معمارية أو فنية، دون أخذ هذا المعتقد كعامل أول وأساسٍ مشترك، مؤثِّر ومتأثر بعلاقة جدَلية قائمة ومستمرةٍ بينه وبين هذه المتغيرات.
كما أن تصوراتِ المصريين القدماء عن هذا العالم تُعطي انطباعًا واضحًا عن أسلوب تفكيرهم، وعن أخلاقياتهم ونُظمهم الاجتماعية في تلك العصور السَّحيقة، بل إنه لولا اهتمامُ المصريين القدماء بعالَمِهم الآخر، ما وصل إلينا شيءٌ البتة عن تاريخهم؛ فهم لم يُدوِّنوا ما دوَّنوا، ولم يهتموا بتسجيل ما سجَّلوا؛ إلا بسببِ- ومن أجلِ- أملهم العظيم في الخلود.
جلجامش وملحمة الخلود
كما عرفت حضارة بلاد الرافدين فكرة الخلود، ورصدتها أسطورة "جلجامش"، وهى ملحمة شعرية مجايلة لنصوص الأهرامات في مصر القديمة.
وملحمة جلجامش تتناول قصة الصديقين "إنكيدو" و"جلجامش" اللذين ينطلقان في مغامرة ورحلة شاقة عبر غابة الأرز المقدسة.
وحسب الباحث العراقي "د. طه باقر" عن فكرة الخلود في ملحمة جلجامش: إن الآلهة قررت الانتقام من إنكيدو وجلجامش لقتلهما الثور السماوي وخومبابا، واختارت أن يموت إنكيدو، الذي أصيب بالحمى بسبب لعنة الآلهة، ومات بين يدي جلجامش بعد عدة أيام، فحزن عليه بشدة، حتى إنه رفض دفنه على أمل أن يسمع بكاءه فيعود للحياة، لكن بعد عدة أيام سقطت دودة من أنف الجثة، فاستسلم جلجامش وقرر دفن جثمان صديقه. وأصبح جلجامش يفكر في الموت، وقرر أن يبحث عن سر الخلود، وبدأ رحلة البحث عن الحكيم «أوتونابشتيم»، وهو المخلوق الوحيد الذي أنعمت عليه الآلهة بالخلود.
يخبره أحد الحكماء عن وجود نبات مثل الشوك ينبت في المياه العميقة، ويجدد الشباب لمن أصيب بالشيخوخة، لكنه لا يمنع الموت، فيخوض جلجامش المغامرة، ويربط نفسه بحجر، ويغوص في المياه العميقة، فيجتز النبتة، ويعود ليشكر الحكيم، ويقرر العودة إلى الوركاء لإطعام كل شيوخها من النبتة فيعود لهم شبابهم، ويترك لنفسه ما يأكله عندما يصل لمرحلة الشيخوخة. ولكن في طريق العودة يتوقف جلجامش عند بحيرة باردة الماء، وبينما يغتسل من مائها، تتسلل حية وتأكل النبتة، فينهار ويبكى بعد أن ضاعت آماله.