خبراء يمنيون لـ«الدستور»: الهجوم الإسرائيلى مقدمة لفوضى إقليمية شاملة
حذر عدد من الخبراء والسياسيين من تداعيات الهجوم الإسرائيلى، مساء السبت الماضى، على ميناء الحديدة فى اليمن، الذى أسفر عن سقوط ثلاثة قتلى و٨٧ جريحًا، ردًا على استهداف جماعة الحوثى تل أبيب بطائرة مسيرة، تمكنت من اختراق الأجواء الإسرائيلية دون ملاحظة رادارات القبة الحديدية لها، عقب أكثر من تسعة أشهر من التصعيد على خلفية الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة.
وأوضح الخبراء أن استمرار العدوان الإسرائيلى على غزة، وانتهاكات دولة الاحتلال كل الأعراف والقوانين الدولية، سيؤديان لتمدد الصراعات بالمنطقة، مع اتساع دائرة المواجهات بشكل تصعب السيطرة عليه، مع تزايد احتمالات الانزلاق إلى فوضى إقليمية شاملة، لخدمة بعض الأطراف الراغبة فى التصعيد، داخل وخارج دولة الاحتلال.
وأكدوا ضرورة توقف بعض الأطراف العربية عن خدمة أجندات خارجية غير وطنية، عبر تحركات استعراضية غير مؤثرة على مجريات الحرب فى غزة، دون مراعاة تأثيرها على الأوضاع فى الداخل الوطنى أو العربى، مشيرين إلى أهمية دعم الجهود المبذولة لوقف العدوان الإسرائيلى على الفلسطينيين، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو، لاستعادة الاستقرار والأمن الإقليمى.
محمد الشرعبى: يُعقِّد الأوضاع فى الداخل اليمنى.. وجماعة الحوثى تخدم أجندة خارجية
قال الكاتب والصحفى اليمنى، محمد أمين الشرعبى، إن الهجوم الإسرائيلى على ميناء الحديدة فى اليمن ستكون له تداعيات اقتصادية مؤثرة مستقبلًا، بعد أن استهدفت الضربات أماكن حيوية بخلاف خزانات الوقود.
وأوضح «الشرعبى»، لـ«الدستور»، أن الضربات الإسرائيلية لم تكن مؤثرة بشكل كبير على رصيف ميناء الحديدة، مضيفًا: «إذا حدثت ضربات قادمة ستكون لها تأثيرات قوية على المستوى الاقتصادى، مع الإضرار الكبير باليمن».
وأضاف: «هناك خوف من عدم توافر الوقود وضعف قدرة الحصول عليه فى مناطق سيطرة جماعة الحوثى، رغم التطمينات التى أصدرتها الشركات الموجودة فى مناطق سيطرتهم حول وجود مخزون كافٍ من الوقود».
وتابع: «جماعة الحوثى توعدت باستمرار الضربات والمزيد من الهجوم على إسرائيل، وهذا يعنى تصعيد الوضع عسكريًا بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة، وسيكون هناك فعل ورد فعل، وهذا ستكون له تأثيرات على الوضع الإنسانى، والاقتصادى المتردى بالأساس فى اليمن، فى ظل انهيار الوضع الصحى والخدمات الأساسية والمياه والعلاج والغذاء، ما ينذر بسوء الأوضاع».
وقال: «كان من المفترض التوقيع على اتفاق بشأن الأسرى بين جماعة الحوثى والحكومة اليمنية، ثم الانتقال إلى ملفات أخرى، لكن جماعة الحوثى ماطلت، وتم تأجيل الاتفاق، وبالتالى فإن التصعيد الحوثى مع إسرائيل ستكون له عواقب وخيمة على اليمن ذاته».
واستبعد الكاتب اليمنى انخراط مزيد من الأطراف اليمنية فى التصعيد الحالى بين الحوثى وإسرائيل، مضيفًا: «تمت إدانة الهجوم الإسرائيلى على الأراضى اليمنية، لأنه يعد انتهاكًا لسيادة اليمن، لكن لا أحد يتفق مع جماعة الحوثى على استهداف إسرائيل وجر اليمن إلى ساحة الصراعات والحروب، لأن الجماعة تعمل وفق أجندة إيرانية خارجية وليس وفق أجندة وطنية، رغم أن اليمنيين جميعًا ضد الحرب الإسرائيلية على غزة وضد الاحتلال الإسرائيلى».
وتابع: «الجماعة ذاتها تحاصر المدن اليمنية وتشن هجمات عليها، وقبل أيام قليلة شنت هجومًا على مدينة تعز وقتلت المدنيين، ولهذا لا يمكن أن تتوحد الأطراف السياسية اليمنية خلفها، لأن ما يجرى منها هو لعبة لخدمة أجندة إيران، وربما تكون له تداعيات أكثر فى المستقبل، فى ظل عسكرة البحر الأحمر، ما سيعقد طريق تحقيق السلام فى اليمن، خاصة بعد التدخل الإسرائيلى».
على الأهدل: اليمنيون سيدفعون فاتورة باهظة لجرائم الصهاينة والأذرع الإيرانية
أكد الكاتب والسياسى اليمنى، على حميد الأهدل، أن الهجوم الإسرائيلى على الحديدة سيكون له العديد من التداعيات والآثار، على رأسها تعميق المأساة الإنسانية فى اليمن التى نتجت عن الحرب التى أشعلتها جماعة «الحوثى» منذ سنوات، خاصة أنه سيجعل مناطق سيطرة الحوثى شبه مشلولة.
وقال: «ضرب ميناء الحديدة يهدد اليمن لأنه بلد مستورد، وهذا سيعمق الوضع الإنسانى، فى ظل تضرر مراسى السفن الخاصة باستيراد المواد الأساسية، وستكون للضربات تداعيات عسكرية، لأن جماعة الحوثى مقامرة وتركيبتها قائمة على العنف واستغلال الأوضاع لمصلحتها، ما يعنى استمرار التصعيد بين الطرفين، وأن تطال الهجمات الإسرائيلية مناطق يمنية أخرى».
وأضاف: «الهجوم أيضًا ستكون له تداعيات سياسية، فهناك حاليًا شبه توافق على التفاوض بين الحوثى والحكومة الشرعية، برعاية السعودية والأمم المتحدة، لكن هذا التصعيد سيؤجل من الاتفاقات التى ربما كانت ستعقد خلال الأشهر القليلة المقبلة».
وأوضح «الأهدل» أن جماعة الحوثى هى أداة من أدوات إيران، التى تملك مشروعًا توسعيًا بالمنطقة، يتضارب مع المشروع الإسرائيلى، لذا لا تريد إشعال مواجهة مباشرة معها، بل تستخدام أذرعها فى المنطقة لتنفيذ أجندتها.
واستطرد: «لذلك، فإن جماعة الحوثى لا تولى اهتمامًا لرد الفعل الإسرائيلى المبالغ فيه، رغم أن هذا أمر متوقع، فهو كيان إرهابى يمارس إبادة فى قطاع غزة، ومن المتوقع أن يرتكب جرائم فى اليمن كما يفعل فى فلسطين، لأن الحوثى لا يهمها ما حدث وسيحدث لليمن بقدر ما يهمها تحقيق مصالح إيران فى البحر الأحمر».
وأردف: «من المتوقع أن تكون هناك ردود أفعال أخرى من لبنان والعراق وسوريا والمناطق التى تتمركز بها الأذرع الإيرانية، وسيركز رد الفعل من قبل الحوثى على البحر الأحمر، لأن هناك صعوبة فى الوصول لإسرائيل، والجماعة لا تملك الأسلحة المتقدمة للمجابهة، لأن مدى أسلحتها لا يصل لإسرائيل، كما أن ما يحدث هو مجرد تجارب من طهران لأسلحتها، ليس أكثر».
وعن موقف المجتمع الدولى مما يحدث، قال «الأهدل»: «الموقف الدولى لا يتكافأ مع هول الاعتداء الصهيونى السافر على الحديدة وما نتج عنه من أضرار بشرية ومادية، فالأمم المتحدة أدانت القصف فى بيان خجول ودعت للوقف الفورى للتصعيد، أما واشنطن فقالت إنه ليس لديها علم مسبق بما جرى، كما أن المجتمع الإقليمى يدرك أن الحوثى جماعة إرهابية وتقابلها تصرفات إرهابية من إسرائيل، وللأسف فإن اليمن وشعبه سيدفعان الفاتورة التى ستكون باهظة».
محمود الطاهر: «أنصار الله» قدمت خدمة للاحتلال والتداعيات تلتهم الشرق الأوسط
رأى الكاتب والصحفى اليمنى، محمود الطاهر، أن تداعيات الهجوم الإسرائيلى على الحديدة ستكون قوية وقد تلتهم الشرق الأوسط بأكمله، مشيرًا إلى أن الهجوم ستظهر تداعياته الإنسانية على اليمن قريبًا جدًا.
وأضاف: «الحوثيون ألزموا رجال الأعمال والمستوردين بأن يكون ميناء الحديدة هو المحطة الرئيسية لهم فى تفريغ الحاويات من أجل تزويد اليمنيين باحتياجاتهم، وبالتالى فإن الهجمات الإسرائيلية قد تُخرج الميناء عن الخدمة، وسيحتاج إصلاحه إلى نحو ستة أشهر، لكن (الحوثى) لن تصلح أى شىء لأنها ستستغل مثل هذه المعاناة».
وتابع: «إسرائيل قالت إن الهجوم على الحديدة هو لوقف التهريب الإيرانى للحوثى، لكنهم يهربون السلاح عبر عدة مناطق، كما أن هناك ١٥ جزيرة فى البحر الأحمر يتم من خلالها التهريب، وكذلك عبر الشريط الساحلى اليمنى، وهو طويل للغاية، لكن هذا الهجوم ستكون له تداعيات قوية فى المنطقة، خاصة أن الدول العربية لها حساباتها المختلفة عن الحوثى ولا تعرف به من الأساس».
وأشار «الطاهر» إلى أنه من المتوقع أن تتمدد الحرب فى المنطقة فى حال استمرار التصعيد، خاصة أن المجتمع الدولى يرى أن ما تقوم به إسرائيل هو دفاع عن النفس.
وأكمل: «هجوم أنصار الله يخدم إسرائيل، التى أرادت ذريعة لضرب اليمن مباشرة، ويخفف عنها الضغوط المبذولة لوقف الحرب على غزة، ويدعم الرواية الإسرائيلية التى تقول إن إسرائيل تدافع عن نفسها ضد الهجوم من كل فصائل إيران، وهو ما يحقق عدة أهداف إسرائيلية، أما (الحوثى) فهى تستغل حرب غزة لتكوين حاضنة شعبية وتحظى ببعض التعاطف العربى».