الكنيسة اللاتينية تحتفل بحلول يوم الجمعة الخامس عشر من زمن السنة
تحتفل الكنيسة اللاتينية بحلول يوم الجمعة الخامس عشر من زمن السنة، وبهذه المناسبة ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها: بالتواضع، نحن نعيش مع الله ويعيش الله معنا بسلام مطلق: في التواضع يكمن الأساس الحيّ لكلّ قداسة. نحن نستطيع مقارنته بينبوع تتدفّق منه أربعة أنهر من الفضائل والحياة الأبديّة. النهر الأوّل الذي يتدفّق من أرض رطبة هو الطاعة؛ تصبح الأذن مصغية بتواضع، لتسمع كلمات الحياة والحقّ الآتية من حكمة الله، فيما تكون اليدان جاهزتين دومًا لإتمام مشيئته الغالية جدًّا... جعل الرّب يسوع المسيح، حكمة الله، نفسه فقيرًا لنصبح أغنياء. أصبح خادمًا ليعطينا المُلك، ومات أخيرًا ليعطينا الحياة... لنعرف كيف نتبعه ونخدمه، قال لنا: "تَتَلمَذوا لي فإِنِّي وَديعٌ مُتواضِعُ القَلْب".
في الواقع، إنّ الوداعة هي النهر الثاني من الفضائل الذي يتدفّق من أرض التواضع: "طوبى لِلوُدَعاء فإِنَّهم يرِثونَ الأَرض"، ممّا يعني أنّ جسدهم نفسه يعيشان بسلام. لأنّ روح الله تحلّ على الإنسان الوديع والمتواضع؛ وحين ترتفع روحنا وتتّحد بروح الله، نحمل نير الرّب يسوع المسيح اللطيف وحمله الخفيف... من هذه الوداعة الحميمة يتدفّق النهر الثالث الذي يتضمّن العيش بصبر. من خلال الضيق والآلام يزورنا الربّ. إن استقبلنا هؤلاء المبعوثين بقلب فرح، يأتي إلينا شخصيًّا لأنّه قال بلسان نبيّه: "يَدعوني فأُجيبُه أَنَّا معه في الضِّيقِ فأُنقِذُه وأُمَجِّدُه".
النهر الرابع والأخير للحياة المتواضعة هو التخلّي عن الإرادة الشخصيّة وعن أيّ مسعى شخصيّ. ينبع هذا النهر من تحمّل الآلام بصبر. الإنسان المتواضع... يتخلّى عن إرادته الشخصيّة ويضع نفسه عفويّا بين يديّ الله. هكذا يصبح إرادة واحدة وحرّية واحدة مع الإرادة الإلهيّة... هنا يكمن أساس التواضع... إرادة الله، التي هي الحريّة بذاتها، تنزع عنّا روح الخوف وتجعلنا أحرارًا، ومحرّرين وفارغين من أنفسنا... حينها، يمنحنا الله روح المختارين الذي يجعلنا نصرخ مع الابن: "أَبًّا، يا أَبَتِ!".