رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محاولات الإخوان هدم الدولة المصرية «2»

اتخذ تنظيم الإخوان الإرهابى، منذ نشأته على يد حسن البنا، نهاية عشرينيات القرن الماضى، العنف والاغتيالات والتفجيرات منهجًا، ورغم محاولة الجماعة إظهار أعمالها أمام العامة من الناس تحت شعار «الدعوة»، فإن فكرها لم يخلُ من العنف، وانبثقت منها العديد من الجماعات المسلحة داخل الوطن العربى.. ويمتلك تنظيم الإخوان سجلًا حافلًا بالأعمال الإرهابية، إذ نفّذت الجماعة قائمة اغتيالات للشخصيات المصرية وكبار رجال الدولة، منذ منتصف الأربعينيات من القرن الماضى، بداية من اغتيال أحمد باشا ماهر، رئيس وزراء مصر عام 1945 فى قاعة البرلمان، ما يُعنى أن هؤلاء لا يؤمنون بالحوار ولا يحترمون البرلمان الذى ارتكبت هذه الجريمة فيه.. ولم يكن هو رئيس الوزراء الوحيد الذى تم اغتياله، إذ أعقب ذلك اغتيال المستشار القاضى أحمد الخازندار عام 1948، وبعده بشهور لقى رئيس الوزراء، محمود فهمى النُقراشي، مصرعه عند ديوان وزارة الداخلية على يد الإخوان، ليصبح ثانى رئيس وزراء يغتاله التنظيم.
لم تنتهِ جرائم الإخوان عند هذا الحد، ولكنها تعدته إلى محاولة اغتيال رئيس الدولة، جمال عبدالناصر، فى 24 فبراير 1954، أثناء إلقائه خطابًا فى ميدان المنشية بالإسكندرية، إلا أنهم فشلوا فى اغتياله، اذ أطلق محمود عبداللطيف، أحد كوادر التنظيم الخاص للجماعة والذراع العسكرية للتنظيم، ثمانى طلقات من مسدس بعيد المدي، باتجاه عبدالناصر، ليُصاب شخصان وينجو الرئيس.. وتلوثت أياديهم باغتيال الرئيس الراحل أنور السادات فى حادثة المنصة الشهيرة يوم الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر، عام 1981.. وفى التاسع والعشرين من يونيو 2015، اغتالوا النائب العام، المستشار هشام بركات، فى تفجير سيارة مفخخة بالقاهرة، على يد عناصر تابعة لجماعتهم الإرهابية.. والقائمة طويلة، قديمًا وحديثًا.
لذلك وغيره، لم يأت وصف ليث شبيلات، أحد قادة التيار الإسلامى فى الأردن، والمحسوب على جماعة الإخوان، عجيبًا أو غريبًا أو مدهشًا، عندما وصفهم بـ«الإخوان المجرمين»، إذ قال لهم: «نحن الإسلاميون مجرمون.. فما أعرفه عن إجرامكم لا يتعدى 5% فقط مما تعرفه أجهزة الاستخبارات عنكم.. الله لا يوفقكم والله لا يوفقنى معكم».. حالة الصدق هذه التى مر بها شبيلات تدل على مدى تفسخ التنظيم، والذى أرجعه إلى أن «سبب انهياراتكم أنكم حافظتم على التنظيم ولم تحافظوا على الدين، يلعن أبوالتنظيم ويعيش الدين الذى تمسحتم به».. ثم كان الرجل أكثر صدًقًا عندما وصف نفسه: «بئس الرجل أنا الذى قبلت أن أكون معكم»، ليكشف شبيلات عورة التنظيم، ويزيح اللثام عن وجهه القبيح أمام أعضائه، حتى يروا أنفسهم فى المرآة التى لا تكذب.
جرائم الإخوان وفسادهم لم تقتصر على التنظيم الذى بات مع الوقت بديلًا عن الدين فى نظر أتباعه، وبات الدين مجرد شعارات يستخدمونها.. جرائم المتأسلمين يُسأل عنها الإخوان، فهم من علّموا الناس السحر، وسحروا أعين الناس بشعاراتهم، فتمسحوا بالدين، لا حبًا فى الدين ولكن حبًا فى امتلاك الناس وامتلاك ما يمتلكونه، فهم لم يروا طريقة لتحقيق ذلك إلا من خلال الدين، وهذا هو الإجرام الحقيقى.. إجرام الإخوان فى حق الناس- هكذا يرى شبيلات- قد يغفره الناس فهم أحرارٌ، أما إجرامهم فى حق الله والرسول والدين فهو الطامة الكبرى والإجرام الحقيقى.. فما دونه من إجرام يمكن أن يصدقه العقل، فمن تأله على الله وأجرم فى حق ما أنزل من البينات وغيّر فيها بما يهوى، هو المجرم الحقيقى، وطبيعى أن يستصغر هؤلاء ما دون ذلك من جرائم فى حق الناس، وهذا ما دفع شبيلات، الذى خالطهم وخادنهم، ليطلب من الناس عدم تصديقهم عندما قال: «الإخوان لا تربطهم علاقة بالدين».
الرجل ذهب إلى أبعد من ذلك، إذ قال «لا تصدقوا المتأسلمين»- وهنا يصف الإخوان- وكل من رفع شعارات دينية بينما يُخرج غيره من بوتقة الدين، بأن لا علاقة لهم بالدين أصلًا، «لا علاقة لنا نحن الإسلاميين بالدين وأنا منهم، كذب المتأسلمون، فلا علاقة لهم بما يرفعون من شعارات».. جماعة الإخوان هى من علّمت التنظيمات الدينية التى أتت من بعدها السحر.. فعلى وقع الإخوان، كانت هذه التنظيمات الفاسدة والمفسدة، التى أخرت الحياة عقودًا طويلة، وأولغت فى دماء المسلمين وغير المسلمين؛ فأفدح الجرائم وأكثرها قسوة على النفس والناس أنهم كانوا نموذجًا لغيرهم من التنظيمات المتطرفة، بل كانوا عنوانًا للتطرف.. فهم أسباب البلاء والوباء الفكرى والعقدى، وسبب انتشار الجهالة باسم الدين.
إجرام الإخوان وفسادهم قد يبدو ظاهرًا فى خلافاتهم الأخيرة، والتى اتهموا بعضهم بعضًا فيها بالفساد الأخلاقى والمالى والتنظيمى، وهى اتهامات موجودة داخل التنظيم، ولكنها لم تظهر للعلن بالصورة الكافية الآن، ولكن الثابت أن كل من أطلقها كان يُواجه بالتصفية والاغتيال المعنوى.. إنها تدل على انهيار الفكرة المُؤسِّسة للتنظيم، وأنها مجرد انعكاس لانهيار التنظيم وكذب شعاراته، التى كان يُصدِّرها للناس، وهو أبعد ما يكون عنها.. «الإخوان يتنازعون على الغنائم.. فهم يتكاثرون فى المواطئ التى لا يُرى فيها إلا المنافقون، حيث يعملون لأنفسهم ولمصالحهم وتلتصق بهم لفظةـ مصلحجية، فهم لمصالحهم يعملون دون العمل باسم الدين، والدين عندهم مجرد مصلحة للوصول إلى أهدافهم؛ الدين سلاحهم الأول والأخير، يطعنون من خلاله الناس بادعاء حبه والعمل من أجله.. صورةٌ دفعت البعض للكفر بهذا الدين والإلحاد به، تأثرًا بهم وليس بالدين نفسه!، نحن جماعة لا علاقة لنا بالدين ولا بخدمة الدين، نحن حافظنا على التنظيم ولم نحافظ على الدين».
اتخذ الإخوان من خدعة «قال الله وقال الرسول» شعارًا، ليكون حقًا يُراد به باطل.. غسلوا به عقول الآلاف من أبناء القرى والأقاليم، من أولئك الذين لم تتوافر لهم فرص التعليم الكافية.. والمتابع لتاريخ الجماعة الأسود يجده ملطخًا بدماء الأبرياء على مر التاريخ منذ أن تأسست على يد حسن البنا، كما قلنا.. فتاريخ الإخوان ملىء بالأحداث المثيرة للجدل والجرائم، التى أثرت بشكل كبير على الساحة السياسية والاجتماعية فى البلاد، منذ التسعينيات إلى أحداث يناير 2011.. وحتى فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، تورطت الجماعة فى العديد من الأعمال العنيفة والإرهابية التى كانت لها آثار جسيمة على المجتمع المصرى.
فى تسعينيات القرن الماضي، تصاعدت التوترات بين الجماعات الإسلامية المسلحة والدولة المصرية، ورغم أن جماعة الإخوان لم تكن فى قلب العديد من الأعمال المسلحة التى قامت بها جماعات أخرى، مثل الجماعة الإسلامية والجهاد الإسلامى، إلا أن أعضاءها كانوا متورطين فى الدعم اللوجستى والفكرى لتلك الجماعات.. وخلال أحداث 25 يناير 2011، لعبت جماعة الإخوان الإرهابية دورًا فى الاحتجاجات وتحريك الشارع.. وعلى الرغم من أن الأحداث بدأت كحركة شعبية سلمية، إلا أن الأمور بدأت تتعقد، مع دخول الإخوان إلى الساحة السياسية بشكل أكبر، إلى أن ظهرت حقيقة نواياهم فى السيطرة على مقاليد الحكم والبلاد.. وبعد تولى محمد مرسى، مرشح الإخوان، مقاليد الحكم فى مصر، تورط الإخوان فى أعمال عنف ضد المتظاهرين والمعارضين لحكمه، خصوصًا فى واقعة «الاتحادية»، حيث قتل عدد من المتظاهرين المناهضين لمرسى أمام القصر.. ومع تصاعد الاحتجاجات ضد حكم مرسى، شهدت مصر- وقتها- موجة من العنف والإرهاب وقفت وراءها جماعات مسلحة مرتبطة بجماعة الإخوان.. وفى أعقاب الإطاحة بمرسى، حشدت جماعة الإخوان الإرهابية أنصارها فى اعتصامين كبيرين، فى ميدانى رابعة العدوية والنهضة، إلى أن تدخلت قوات الأمن لفض الاعتصامين، لتُفاجأ هذه القوات برد المعتصمين بالذخيرة الحية، مما أدى لإصابة واستشهاد عدد من رجال الشرطة.. ولم تسلم الدولة المصرية، بعد ذلك، من الهجمات الإرهابية التى شنتها جماعات متشددة من فروع جماعة الإخوان، شملت تفجيرات الكنائس والهجمات على تمركزات قوات الأمن، ما أسفر عن استشهاد عشرات الجنود.. والقائمة طويلة.
■■ وبعد..
لقد بلغ الإخوان أقصى درجات الخيانة والإرهاب، عندما وقفوا أمام رغبة الشعب، الذى نزل بالملايين فى ثورة الثلاثين من يونيو، فأشعلوا النار فى البلاد، ما بين اشتباكات وإثارة عنف وفوضى وحرق لدور العبادة.. وبدأت الاشتباكات مع الشعب المُطالب برحيل الرئيس الإخوانى، أسفرت عن وقوع العشرات من المتظاهرين، بين قتيل وجريح.. ولم تسلم دور العبادة، سواء المساجد أو الكنائس، والمنشآت العامة، وأبرزها أقسام الشرطة، من العمليات التخريبية للجماعة، بعد فض اعتصام رابعة، فامتدت يد العنف والتدمير لأكثر من 82 كنيسة ودار عبادة، فى المنيا وأسيوط والفيوم، ووقفت وراء التفجير الانتحارى للكنيسة البطرسية فى العباسية، إضافة إلى نهب وتدمير متحف ملوى وغيره.. وأسفرت جرائم الإخوان الإرهابية عن مقتل وإصابة المئات فى أحداث الحرس الجمهورى فجر الثامن من يوليو 2013، بين الإخوان وقوات الجيش المكلفة بتأمين دار الحرس والمنشآت العسكرية، بعد محاولة عناصر مسلحة إخوانية اقتحام المبنى بتحريض من قيادات الإخوان.. واستمرت العمليات الإرهابية بشكل مكثّف فى الأعوام الثلاثة التالية، قبل أن تتراجع تدريجيًا مع عودة الاستقرار والضربات الأمنية المتلاحقة، حيث تراجعت العمليات الإرهابية بشكل ملحوظ، خلال السنوات الماضية، وهو ما استدعى لجوء تنظيم الإخوان إلى نشر وترويج الشائعات والأكاذيب، والدعوة للتظاهر والتخريب والعنف.. وللحديث بقية.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.