رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بين حكومتين.. تسليم وتسلم «احترافى»

شهدت مصر اليوم أوسع تعديل وزاري في تاريخ الحكومة المصرية، إذ شمل التغيير 20 وزيرًا، بإجمالي 31 حقيبة وزارية بينها 4 تقودها سيدات. أرقام كلها تحمل دلالات قيّمة في تحليل الشكل العام للوزارة الجديدة، ومن بين تلك الدلالات الرقي في عمليات التسلم والتسليم بين الوزراء.

عملية التسليم والتسلم بين الوزراء ليست مجرد إجراء إداري روتيني، بل رمز عميق للاستمرارية في النظام الحكومي، وتعكس مدى نضوج المؤسسات السياسية والإدارية في الدولة. في مصر، شهدنا مؤخرًا حالات تميزت بالرقى والتقدير المتبادل، ما يحمل في طياته دلالات سياسية واجتماعية مهمة.

تتعدد الأمثلة على الروح الإيجابية التي تدعم مفهوم الوحدة والتعاون داخل الحكومة المصرية. فالكلمة التي ألقاها المستشار عمر مروان عند تسليم مهامه للمستشار عدنان فنجري، وشكر الدكتور أسامة الأزهري الذي وجهه إلى الدكتور مختار جمعة، وعملية التسليم والتسلم بين الدكتور علي المصيلحي والدكتور شريف فاروق، كلها نماذج تجسد الرغبة الحقيقية في تحسين الأداء وتقديم أفضل الخدمات للمواطنين.

سلاسة وشفافية عملية التسليم والتسلم تعزز ثقة المواطنين في مؤسساتهم الحكومية. عندما يشهد المواطن انتقالًا سلسًا للسلطة بين الوزراء، يطمئن إلى استمرارية الخدمات والمشاريع دون انقطاع أو تأثر. كما تضمن عملية التسليم المنظم استمرارية العمل على المشاريع والسياسات التي بدأها الوزير السابق. وهذا يحد من الفجوات الزمنية والإدارية التي قد تنشأ بسبب التغيير في القيادة.

إضافة إلى ذلك؛ تعكس العمليات التزام جميع أفراد الحكومة بالعمل من أجل الصالح العام، بعيدًا عن المصالح الشخصية. فالوزير المغادر يشيد بجهود فريقه، ويعبر عن ثقته في القيادة الجديدة، مما يعزز روح التعاون والمسئولية المشتركة. وعلى الجانب السياسي، تعكس هذه الممارسات نضوج النظام السياسي في مصر. الانتقال السلس والمنظم للسلطة بين الوزراء يظهر أن النظام يمتلك من الآليات والمؤسسات ما يضمن انتقال السلطة بطريقة محترمة ومهنية، بعيدًا عن الفوضى أو النزاعات.

كما يعكس التسليم السلس للوزارات استقرار النظام السياسي، ويعزز من صورة الحكومة كجهاز قادر على التكيف مع التغييرات دون أن تتأثر وظائفه الحيوية، ما يعزز من ثقة الشركاء الدوليين والمستثمرين في استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، كما تشجع تلك العملية الكوادر الوطنية داخل الوزارات، حيث يرون أن الجهود القيمة محل تقدير واحترام من قبل قياداتهم. ما يعزز من ولائهم وانتمائهم لمؤسساتهم، ويحفزهم على بذل المزيد من الجهد والعطاء.

نجحت الحكومة السابقة وخليفتها الجديدة في اجتياز اختبار التسليم والتسلم بجدارة، ما يعكس مستوى عالٍ من الاحترافية والمسئولية. الانتقالات السلسة التي شهدتها الوزارات أكدت استمرارية العمل الحكومي بكفاءة ودون انقطاع. هذا النجاح يعزز من ثقة المواطنين في مؤسساتهم ويبرهن على التزام القيادة السياسية بتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.