رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء يكشفون تداعيات الشغور الرئاسي في لبنان على قرارات الحرب

لبنان
لبنان

في ظل استمرار الفراغ الرئاسي في لبنان منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في عام 2022، تتصاعد التحديات التي تواجه البلاد على المستويين الداخلي والخارجي. هذا الوضع اللادستوري أثر بشكل كبير على سير العمل في المؤسسات الدستورية والإدارات الحكومية، مما أدى إلى تعثر القرارات السياسية الحاسمة وزيادة التوترات بين الفرقاء السياسيين، ولاسيما في ظل تصاعد التوترات على جبهة الحدود اللبنانية - الإسرائيلية.

في هذا السياق، يتزايد قلق الخبراء والمحللين اللبنانيين من تداعيات هذا الفراغ على الاستقرار الأمني والاقتصادي للبلاد، وسط جهود دولية متواصلة للوساطة في إيجاد حل سياسي ينهي هذه الأزمة الدستورية المستعصية.

محمد الرز، الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، يقول إن استمرار الشغور الرئاسي في لبنان ترك تأثيرا سلبيا كبيرا على سير عمل المؤسسات الدستورية والإدارات الحكومية، مشيرًا إلى أنه فمنذ انتهاء عهد الرئيس السابق ميشال عون عام 2022 أصبحت الحكومة مستقيلة بموجب الدستور الوطني على أن تقوم بتصريف الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة، وهي على هذا المنوال حتى الآن.

خلافات سياسية حادة وراء استمرار الشغور الرئاسي

وأضاف الرز في تصريح لـ"الدستور": ففي النظام البرلماني في لبنان يجري رئيس الجمهورية استشارات نيابية ملزمة لتسمية رئيس مجلس الوزراء، الذي يقوم بتشكيل حكومته ويعرضها عليه، ولأن انتخاب رئيس للبلاد كان متعذرا طيلة الفترة الماضية، بسبب عدم وجود كتلة نيابية كبرى تمثل ثلثي عدد النواب، وعدم التوصل إلى ائتلاف كببر بين الكتل نفسها، ولأن نواب الثنائي الشيعي وحلفائهم رشحوا الوزير السابق سليمان فرنجية للرئاسة الأولى، مقابل معارضة كتل نيابية أخرى رشحت جهاد ازعور، ثم طرح رئيس المجلس النيابي نبيه بري شرط الحوار قبل الانتخاب، فإن المحاولات لعقد جلسة نيابية لانتخاب الرئيس على عدة دورات فشلت واستمر الفراغ المشحون بخلافات سياسية حادة.

كما أشار الكاتب اللبناني إلى أن هذا الوضع اللادستوري في لبنان والمليئ بالأعراف والاجتهادات والتفسيرات المختلفة للدستور، وضع الدولة تحت سلطة حكومة تصرف الأعمال بالحد الأدنى، مما أسقط حالات شلل على معظم الإدارات وأوجد إرباكات في الموازنات مع اتخاذ قرارات بالاضطرار ولو كانت غير مكتملة دستوريا، إلى خلافات بين الوزراء تبعا لانتماءاتهم السياسية والحزبية أثرت على التئام جلسات مجلس الوزراء.

مساعي دولية لإنهاء الشغور الرئاسي في لبنان

تابع: "ولما عجز مجلس النواب اللبناني عن انتخاب رئيس للجمهورية بدأت المساعي الخارجية تتوالى لحل هذه المعضلة، وكان آخرها اللجنة الخماسية المؤلفة من سفراء الولايات المتحدة وفرنسا ومصر وقطر والمملكة العربية السعودية والتي بذلت جهودا مكثفة بغية التوفيق بين الكتل النيابية لتذليل العقبات وانتخاب رئيس للبلاد"، مشيرًا إلى أن اللجنة ركزت مساعيها الأخيرة على الخروج من ثنائية الاسمين أي "فرنجية وازعور" نحو اسم ثالث يكون مقبولا من الجميع، وتتمثل فيه شروط الرئاسة بالالتزام الفعلي بالدستور وحيازة مشروع وطني اصلاحي لكل لبنان بمناطقه وطوائفه ويلقى القبول العربي والدولي، وفي هذا المجال طرح أكثر من اسم ثالث برز من بينها اللواء الياس البيسري المدير العام للأمن العام.

واختتم الرز حديثه، قائلًا: "لكن مساعي اللجنة الخماسية توقفت بسبب اشتعال المعارك بين حزب الله والكيان الإسرائيلي على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة واتجهت كل الجهود لمنع توسع الاشتباكات إلى حرب شاملة مما يبدو معه أن انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية أصبح مؤجلا إلى أن تلقي الحرب اوزارها، وعلى نتيجتها سوف يتحدد الكثير من المعادلات وفي مقدمها رئيس لبنان الجديد".

الوضع الرئاسي في لبنان: التحديات والتوقعات

من جانبه أكد الكاتب الصحفي اللبناني فادي عكوم، أن لبنان لا يزال يعاني من فراغ رئاسي حيث لا يوجد رئيس للبلاد حتى الآن.

وقال عاكوم في تصريحات لـ"الدستور"، إن هذا الشغور الرئاسي، الذي تعدى عامين منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، يعكس حالة من الشلل السياسي الذي يؤثر سلبًا على مؤسسات الدولة اللبنانية ويزيد من التوترات الداخلية.

وأوضح أن عدم وجود رئيس للبلاد يثير تساؤلات حول صلاحيات اتخاذ قرارات الحرب والسلم، حيث أن هذه السلطة قد تكون الآن بيد حزب الله أو المجموعات المتنافسة، بدلًا من أن تكون من مؤسسات الدولة المعنية بالأمور الأمنية والعسكرية.

وتابع: "على الصعيد الخارجي، تتزايد المخاوف من أن يؤدي هذا الفراغ الرئاسي إلى انفلات الأوضاع في لبنان، ويزيد من تدخل القوى الإقليمية في الشؤون الداخلية للبلاد، مما يعقد من جهود الوساطة الدولية لحل الأزمة"، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي حاليًا يعكف على التوسط والتسهيل لإيجاد حل سياسي لهذا الخلاف الدستوري المستمر، إذ يعتبر انتخاب رئيس جديد خطوة حاسمة نحو استعادة الاستقرار والتنمية في لبنان.