أصل الإبداع.. مخرجو فرق المسرح بالأقاليم يتحدثون: «نسعى للأفضل بأقل تكاليف»
ما زالت الثقافة الجماهيرية هى المتنفس الأهم لفنانى الأقاليم، فهى التى تضخ هواء الإبداع فى رئة المسرح فى المحافظات، كما تعمل فرقها على صناعة إبداع رائع بأقل الإمكانات المتاحة.
وبمناسبة الدورة الـ٤٦ من المهرجان الختامى لفرق الأقاليم، خصصت «الدستور» تلك المساحة للتعرف على هذه الفرق وإبداعاتها وآمالها فيما هو قادم، والمعوقات التى قد تقف فى طريقها. كما التقت عددًا من مخرجى العروض المشاركة بالمهرجان، الذين تحدثوا بدورهم عن تلك الأعمال التى يقدمونها ودوافع اختيارها، وما واجهوه من تحديات بداية من إنتاجها وحتى محطة عرضها فى هذا الحدث المهم، كما تحدثوا أيضًا عن طموحاتهم فيما يتعلق بجوائز المهرجان.
محمد العدل: «المريد» يعيد التذكير بجرائم طائفة الحشاشين
قال محمد العدل، مخرج عرض «المريد» للفرقة القومية بمحافظة قنا، إن العرض تدور أحداثه حول الصراع التاريخى بين شيخ الجبل رشيد الدين سنان، أمير الحشاشين، وتلميذ مؤسس الطائفة حسن الصباح، لافتًا إلى أن تلك الطائفة هى صاحبة الاغتيالات لرموز الدولة الإسلامية، وأبرز جرائمها كان محاولة اغتيال السلطان صلاح الدين الأيوبى.
وتحدث عن ظروف إنتاج العرض، قائلًا: «تأثرت عملية الإنتاج عامة بعوامل سلبية كان لها دور فى ظهور بعض العروض بشكل أقل جودة مما هو مأمول أو متوقع منها».
وأكمل: «مثلًا موضوع التوريدات ونسب الخصومات التى جعلت ميزانية إنتاج العرض هزيلة جدًا، ولا أستثنى عرضى من ذلك على الرغم من أن الإدارة العامة للمسرح، وعلى رأسها الأستاذة سمر الوزير، لم تدخر جهدًا من أجل خروج الموسم بشكل لائق».
وتابع: «على كل حال ورغم ظروف كثيرة أعتقد أن عرض (مريد) للفرقة القومية بقنا لقى استحسان الجمهور فى المحافظة، خاصة أن تيمة العرض جاءت مختلفة عما كان سائدًا فى عروضها السابقة».
وعن فكرة التسابق والمنافسة، قال: «التسابق فى حد ذاته ربما يكون ممتعًا، ولكن ينبغى ألا ننسى أن المسرح خُلق لإمتاع الجمهور فى المقام الأول وليس لفكرة التسابق أو لجان التحكيم ولكن أيضًا لا ننكر أن التسابق يخلق حالة تنافسية بين الفرق وبعضها، ما يعد حافزًا لصنع عروض جيدة».
وعن أمنياته لمستقبل فرق الأقاليم، قال: «أتمنى أن يتم انتقاء نصوص مسرحية تتماس مع واقعنا وقريبة لنا وتطرح وتناقش همومنا، لأن النص تحديدًا يكون عامل جذب للجمهور حين يعبر عن همومه».
كرم نبيه: «شجرة الحياة» رحلة صوفية عن «التطهير النفسى»
كشف كرم نبيه، مؤلف ومخرج عرض «شجرة الحياة»، أن العرض تدور أحداثه فى إطار صوفى روحانى فلسفى.
وأضاف: «الأمير الشاب يبحث عن شجرة الخلود فى أقصى غابات إمبراطوريته، وأثناء بحثه يمر بمرحلة مليئة بالصعوبات، ولكنها زاخرة بالمكتسبات الروحية، حيث يتجرد خلال رحلته من كل متعلقات الحياة الفانية المادية، ليكتسب المعنى وتصبح نفسه نقية تمامًا، وهنا يستحق الوصول للشجرة، وعند وصوله يدرك قيمة الحياة والموت بعد أن حدثت له عملية تطهير نفسى».
وعن ظروف إنتاج العرض، قال: «مر العرض بظروف صعبة حيث وصلت أموال الإنتاج متأخرة جدًا، ما جعل مدة البروفات تزيد على الستة أشهر، ما أصاب الممثلين بحالة فتور وفقدان للطاقة».
وأكمل: «كثير من الممثلين قدموا اعتذارات عن العمل بسبب اقتراب الامتحانات، مع موعد العروض الذى جاء متزامنًا مع العروض الإقليمية والختامية، ورغم ذلك اجتهدنا وواصلنا الجهود والعمل حتى تم العرض ولاقى النجاح المطلوب جماهيريًا، وحصلنا على المركز الأول على مستوى إقليم جنوب الصعيد الثقافى».
أما عن المنافسة، فيراها «نبيه» فرصة جيدة للمشاركة واكتساب الخبرات والمهارات والتبادل الفكرى والثقافى، وتصنع حالة جيدة بين الفرق لإبراز مواهبها.
وأضاف: «أتمنى فى المواسم المقبلة لفرق الأقاليم أن تجتهد وتواصل العمل من أجل المسرح، فالمسرح فى الأقاليم يحتاج لهذه الطاقات والمواهب، ومسرح الأقاليم فرصة جيدة يجب استثمارها من أجل بناء جيل واعٍ مثقف قادر على إحداث التغيير للأفضل فى المجتمع»
أحمد يسرى: «جميلة» يرصد رحلة الساحرة راما فى «الغابة المسحورة»
ذكر أحمد يسرى، مخرج عرض «جميلة» لفرقة بورسعيد، أن الأحداث تدور قبل ٣٠ عامًا، فى مملكة قديمة تسمى «الغابة المسحورة»، تحكمها ساحرة قوية وجميلة وطيبة تدعى «راما».
وأضاف: «هذه الشخصية كان لديها جناحان مسحوران بقوة أبدية، رغم ذلك كانت تحكم مملكتها بالحب والخير والجمال، وكانت على حدودها مملكة (راموس) التى يحكمها (شاول)، إلا أن (إيثان الطماع)، ابن الملك شاول، دبر مكيدة لأبيه وأخيه لينفرد بالحكم، وسرق جناح (راما) بعد أن خدعها باسم الحب، فصبت لعنتها على ابنته المتبناة الأميرة (جميلة)، وهى لعنة لا يفكها إلا الحب المجرد من أى غرض، وتتوالى الأحداث حتى تنتهى بانتصار الخير». وعن ظروف إنتاج عرضه، قال: «للأسف كانت سيئة جدًا، وكان هناك تداخل فى مواعيد الفرق علاوة على سوء التنظيم ووجود مسرح واحد فقط، وهو ما تسبب فى مشكلة كبيرة مع الفرق». وعن أمنياته للمواسم المقبلة، قال: «أتمنى تبسيط الإجراءات والبروفات ومواعيد العروض على أن تكون لكل فرق الثقافة الجماهيرية مواعيد ثابتة ومحددة، على سبيل المثال نوادى مسرح الطفل يصبح لها موعد محدد، كذلك نوادى المسرح والشرائح».
محمد عبدالمحسن: «الثأر» صياغة أدبية لقصة امرؤ القيس
أكد الفنان محمد عبدالمحسن، مخرج عرض «الثأر ورحلة العذاب» للفرقة القومية بالمنصورة، أن عرضه صياغة أدبية لقصة الأمير الشاعر امرؤ القيس الذى طرده والده للعراء وأمر بقتله بعد أن عصاه وصاحب الصعاليك.
وقال «عبدالمحسن»: «تسوق الأقدار البطل ليكون حاملًا لثأر أبيه الذى قُتل غدرًا، بعد تآمر أمراء القبائل المجاورة عليه، ليمضى الأمير الشاعر قُدمًا فى طريق الأخذ بالثأر».
وتابع: «ملاحظتى أن الجيل الجديد لم يعد مقبولًا بالشكل الكافى على المسرح، نظرًا للمجهود الكبير المبذول فى هذا النوع من الفن، ومن الممكن أن يكون المردود بعد هذا الجهد ليس كبيرًا من ناحية الانتشار بالمقارنة بوسائل السوشيال ميديا الأخرى المنتشرة حاليًا، مثل (تيك توك)».
وأكمل: «من هنا تأتى أهمية المهرجانات سواء الإقليمية أو الختامية، ودور التغطية الإعلامية لخلق حافز لدى الشباب، وأود أن أؤكد أهمية دور النقد المستنير البناء، وليس الحاد المستفز فى بعض الأحيان، الذى من الممكن أن يهدر مجهود شهور مبذولة فى كل عناصر العروض المسرحية، ونتمنى أن يكون النقد فى خدمة العملية المسرحية وليس للتهكم وذبح المسرحيين كما يفعل بعض الزملاء». وعن أبرز معوقات التجربة، قال: «من الناحية المادية واجهنا الكثير من المعوقات، نظرًا لارتفاع الأسعار أكثر من مرة منذ اعتماد الميزانيات وحتى موعد بداية الإنتاج الفعلى وشراء الخامات».
وتمنى تقديم مزيد من الدعم للفرق الشبابية، لأنها خط الدفاع الأول للحركة المسرحية فى مصر، وبها طاقات وخبرات لا تقل عن المحترفين.
محمد عفيفى: «السد» يدور حول العمال من خلال جوابات «حراجى القط»
قال المخرج محمد عفيفى إن أحداث مسرحية «السد»، التى أخرجها للفرقة القومية بالبحيرة، تدور حول قرية «جبلاية الفار» وفكرة بناء السد العالى ورحيل رجال القرية للعمل فى المشروع، وذلك عبر جوابات «حراجى القط»، بطل العرض، إلى زوجته «فاطنة» وأولاده، والنص من تأليف إسراء محبوب، ومأخوذ عن خطابات «حراجى القط» للشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى.
وأضاف «عفيفى»: «كانت عملية الإنتاج مرهقة، وواجهنا العديد من التحديات والمشكلات، وكلما تجاوزنا مشكلة تظهر أخرى، إضافة إلى أن العرض يضم ٤٠ ممثلًا بأعمار مختلفة، من سن ٧ سنوات حتى ٧٥ سنة، وكلما زاد عدد الممثلين زادت المشاكل». وتابع: «كما واجهنا صعوبات فى صناعة الديكور والإضاءة، لكن بالرغم من المرور بالأوقات الصعبة أشكر كل أعضاء فريق العمل، لتحمله كل هذه التحديات ليظهر العرض بهذا الشكل أمام الجمهور». وعن أمنياته، قال: «أتمنى أن تنال فرق الأقاليم نصيبًا بشكل أكبر فى جوائز المهرجان القومى، تقديرًا للجهود، فقد عمل أعضاء تلك الفرق أشهرًا طويلة بأموال قليلة، وقد يدفعون من جيوبهم للفن، وقد يؤثر ذلك على عملهم الأساسى، وكل ذلك فى سبيل اللعبة المسرحية، وبالتالى ففرق الأقاليم تمارس الفن من أجل المتعة غير منتظرة مقابلًا ماديًا، وهناك أشخاص بالأقاليم يستحقون الفرص، وأخيرًا أتمنى استمرار المهرجانات الإقليمية والختامية». وعن المهرجان، أكد: «أحب التسابق وفكرة العمل لإظهار أقوى ما لديك؛ فالتسابق دافع لكل فنان لكى يظهر للجمهور، وعلى المستوى الشخصى أنا متابع للمهرجان الختامى والعروض المسرحية، وعندما أعلم بأن هناك عرضًا مسرحيًا جيدًا تظهر غِيرة فنية صحية تدفعنى أن أشاهد وأبذل مجهودًا أكبر لأكون أفضل».
حسام التونى: «الطاحونة الحمراء» رحلة ضياع المشاعر فى عالم مزدحم بالقسوة
ذكر المخرج حسام التونى، مخرج عرض «الطاحونة الحمراء» لفرقة القاهرة المسرحية، أن العرض يدور حول فكرة أنه «لا مكان للمشاعر أو الحب فى عالم مزدحم بالقسوة يتصارع فيه الجميع من أجل كسب المال وحب التملك، خاصة بعد أن أصبحت الحياة مثل الطاحونة؛ تدور فتطحن كل الناس.. يحكى العرض قصة شاعر يقع فى حب فتاة استعراض».
وقال «التونى»: «تلك التجربة هى ثانى تجربة لى بمسرح الثقافة الجماهيرية، بعدما قدمت العام الماضى عرض (غيبوبة)، كما قدمت عرض (الخان) الذى شارك فى المهرجان القومى للمسرح فى دورته الخامسة عشرة، وحاليًا أدرس فى السنة الأخيرة من قسم الدراما والنقد بالمعهد العالى للفنون المسرحية».
وتابع: «إعداد العرض استغرق وقتًا طويلًا، وحرصنا على تقديم عرض يتناسب مع مسرح الثقافة الجماهيرية ومع عاداتنا وتقاليدنا، وتعد أصعب مراحل العرض هى مرحلة تسكين الأدوار، لأننا كنا نبحث عن ممثل وراقص ومطرب، فهو عرض غنائى استعراضى».
وأوضح: «كانت التجربة رحلة شاقة وممتعة فى آن واحد، وفكرت فى تقديم شىء مختلف، ومن المتعارف عليه أن المسرح الموسيقى يعد من المسارح الصعبة والنادرة، كما أننا حرصنا على تقديمه بشكل حى، فكان رهانًا صعبًا، بتقديم عرض متكامل بجودة فنية عالية، وقد وفقنا فى ذلك وكانت هناك ردود أفعال جيدة من المسرحيين والجمهور والنقاد». وأكمل: «صعد العرض للمهرجان الختامى لفرق الأقاليم، ونتمنى أن نصعد للمهرجان القومى»، مؤكدًا: «يجب أن تكون لدى مخرج الثقافة الجماهيرية أفكار جديدة، فالمشكلة أن مسرح الثقافة الجماهيرية محكوم بنصوص، وفى بعض الأحيان نجد العروض مكررة، فمن الضرورى أن يبحث المخرج عن الجديد فيما يقدمه من منتج فنى يمتع الجمهور».
وقال: «مسرح الثقافة الجماهيرية يصل لكل الجماهير فى كل أنحاء الجمهورية، ويجب أن تكون العروض قادرة على الاشتباك مع مشكلات الجمهور وتحقق له المتعة فى نفس الوقت».
وعن أهمية مسرح الثقافة الجماهيرية، أضاف: «يعد مسرح الثقافة الجماهيرية خط الدفاع الأول لأنه يصل لكل المناطق والأحياء، ومن الضرورى أن تقوم العروض المتميزة بعمل جولات فى المحافظات».