رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المحامية أميرة بهى الدين: حين رأيت مرسى جالسًا بجانب قتلة السادات فى حفل نصر أكتوبر قلت «الإخوان سيسقطون لا محالة»

المحامية أميرة بهى
المحامية أميرة بهى الدين

قالت المحامية والإعلامية أميرة بهى الدين إن قطاعات الشعب المصرى التى لم تكن تهتم بالسياسة، انتفضت وقررت الثورة ضد جماعة الإخوان، التى عملت على اختطاف البلاد وتغيير هويتها.

وأضافت أميرة بهى الدين، فى الجزء الثانى من حوارها مع الإعلامى الدكتور محمد الباز عبر برنامج «الشاهد»، المذاع على قناة «إكسترا نيوز»، أن المواطنين الذين كانوا يتظاهرون أمام وزارة الدفاع سجدوا لله شكرًا عندما استمعوا إلى خطاب عزل «مرسى»، الذى ألقاه وزير الدفاع حينها الفريق أول عبدالفتاح السيسى.

■ كيف بدأ الحراك يوم ٢٢ نوفمبر بعد الإعلان الدستورى لمحمد مرسى؟

- استقبلت بيان الإعلان الدستورى بغضب، وهو نفس الغضب الذى شعرت به منذ أصبح محمد مرسى رئيسًا، ورأيت دوائر غاضبة كثيرة فى كل مكان، والجميع كان يتحدث عن رفضه لما حدث، لكن صدور الإعلان الدستورى هو الذى حوّل الغضب إلى حراك.

وكقانونية استقبلت نبأ الإعلان الدستورى بقول: «لا إعلان ولا دستورى»، وهو شىء يتجاوز معنى ومنطق القانون، رأينا شخصًا كتب بعض العبارات يقول فيها إنه بعيد عن الطعن، لذلك انتفض القضاة والمحامون، لأن ذلك كان شيئًا غير معقول وخارجًا عن الخيال، ولم تكن هناك سابقة تشبهه، فكيف يكون غير قابل للطعن عليه، وما هذا الكلام الغريب؟، وكان هناك مستشارون من الإخوان كتبوا هذا الإعلان فى شكل جمل قانونية.

وأثار الإعلان الدستورى غضبًا كبيرًا، فنزل الجميع إلى الشارع وهتفوا قائلين: «إلا القضاء يا مرسى»، بعد هذا الإعلان انتفض القضاة والمحامون.

وخرجت مسيرة من نقابة المحامين ووصلت حتى ميدان طلعت حرب، وكان هناك ترتيب لمسيرة أخرى فى يوم الجمعة التالى، وكان هذا أول يوم تقول فيه مصر كلمتها، وحدث تغيير نوعى فى حجم المسيرات، وتم تعليق العمل فى نادى القضاة، وتجمع أعضاء نادى الجزيرة فى الزمالك وكانوا يرتدون ملابس سوداء، وعبروا كوبرى قصر النيل، ووصلوا ميدان التحرير، وكذلك فعل أعضاء نادى الصيد ونادى هليوبوليس.

هذا كان حزب الكنبة الذى كان يتردد اسمه فى الشوارع، وكانت هناك سيدة وقتها استخدمت تعبيرًا عفويًا قالت فيه: «تركت الكبدة على النار ونزلت للمظاهرات ضد مرسى بعد الإعلان الدستورى»، هنا كان هناك جمهور آخر من عامة الشعب.

الإخوان دهسوا معانى الوطنية عندما نجح «مرسى» وارتكبوا كل الجرائم فى حق الوطن.

وبعد تجمع مسيرات النوادى فى التحرير لم تكن هناك هتافات مشتركة أو متفق عليها، بل كان الشعار الرئيسى «يسقط حكم المرشد».

وفى يوم الجمعة الذى تلى الإعلان، ذهبت إلى الاتحادية، ودخلت إلى كافتيريا كى أستعمل الحمام، ورأيت مشهدًا قصيرًا بالداخل، كان هناك نحو ١٠٠ سيدة فى حمام السيدات يتحدثن عن الإعلان الدستورى، ويتساءلن هل سيتراجع مرسى عنه أم لا وماذا سيفعل الجيش؟، الجميع كان يساعد بعضه، كانت هناك حالة انسجام بين الشعب أمام الاتحادية، وهذه ملامح لصورة لم تكن مطروحة عن القوى السياسية، وهنا أتحدث عن الطبقة البسيطة من الشعب.

ومن التحرير وباتجاه نادى القضاة فى شارع عبدالخالق ثروت خرجت مظاهرة كبيرة جدًا، كما خرجت مسيرة من شبرا تجاه التحرير، وكانت رهيبة، لم أرَ مثلها، وحمل المتظاهرون طبولًا وأعلامًا ضمت «ستات ورجالة» يهتفون «يسقط حكم المرشد»، فى هذه اللحظة، قلت الإعلان الدستورى لجماعة الإخوان أيقظ الروح الوطنية لدى المصريين لأنهم شعروا بالخطر على مصر.

وسأحكى عن موقف «أبلة لولو»، وهى سيدة جارتى وخالتى وحبيبتى، وهى مصرية بسيطة تزوق العرائس وليس لها فى السياسة بتاتًا، هذه السيدة نزلت الشارع فى يوم الإعلان الدستورى ولم ترجع إلا يوم ٣ يوليو مع سقوط الإخوان، واعتبرت وظيفتها هى إعداد الساندوتشات للشباب فى الشوارع، وكانت تجهز أكياس المياه والثلج لهم، وكان هناك ملايين مثل «أبلة لولو» لم يكن لهم فى السياسة ونزلوا لإنقاذ مصر.

■ ماذا عن يوم ٥ ديسمبر فى أحداث الاتحادية؟

- كان يوم ٥ ديسمبر نموذجيًا لإظهار فاشية وقبح الإخوان، ورأينا فيه كيف ردد أحد الإخوان عبارة «جبنة نستو يا معفنين»، وكيف حاول إخوانى كتم صوت شاهندة مقلد فى هتافاتها ضد الإخوان.

ونزل الشباب عند الاتحادية، لكن قبض الإخوان عليهم، وطلبوا من المحامى العام أن يحبس الشباب، ورفض ذلك، وحدثت قصة غريبة أن هناك شخصًا من كثرة الضرب فقد الذاكرة، ولكن الحقيقة أن هذا الشخص لم يفقد الذاكرة وهو كان مسيحيًا اسمه مينا، وخاف أن يقول للإخوان اسمه حتى لا يقتلوه، هذا المشهد تحديدًا شجع المواطنين على النزول ضد الإخوان و«مرسى»، لأنه كان مشهدًا مؤثرًا.

وفى ٦ ديسمبر ٢٠١٢، اليوم الثانى للأحداث الدموية، تعرض المواطنون للضرب على يد الجماعة.

■ كتبت منشورًا شهيرًا على منصات «السوشيال ميديا».. حدثينا عن كواليس ذلك.

- كتبت «على سجن ليمان طرة معتدل مارش يا قاتل المصريين بالقصد والعمد والجماعة والميليشيات»، وكتبت أيضًا «الأيام الأخيرة للفاشية الدينية فى مصر»، وأيضًا «مصر شديدة عليكم»، وبالفعل كنت أرى أن مصر شديدة على الجماعة.

وكنت أرى أن نزول المصريين إلى الشارع هو طريق «مفيش فيه رجوع»، لأن الجماعة لا تزال ترتكب الجرائم، والمصريون أيقنوا أن ما بيننا وبينهم «دم وثأر»، وكنت مقتنعة بأننا لا يمكن أن نتخلص من هذه الجماعة الإرهابية إلا بالدم الذى سيسيل من الجيش والشرطة والشعب، ولكن فى الأخير سننتصر «بس فى الأول هندفع دم نتعلم منه محدش يهزر مع مصر تانى ويقول نجرب»، لأن هذا مصير دولة وشعب وتاريخ وحضارة، و«كان لازم نتعلم بالتمن الغالى». وكان لدىّ يقين بأن المصريين سيثورون، ولم تكن هذه نبوءة، وأتذكر أقاربى وأصحابى ووالدى الذين كانوا يقولون: «إنتِ جايبة الكلام ده منين؟»، كنت أقول لهم: «ده يقينى، لأنى عارفة الإخوان والمصريين وتاريخ مصر، وفكرة إن الإخوان كانوا بيحاولوا يخوفونا هى فكرة خطيرة جدًا، ومات مننا كتير بس فى النهاية انتصرنا، وهما انهزموا، وهى دى طبيعة المصريين، أما الإخوان فمش شبهنا ومعاشوش معانا».

■ يوم ٢٦ يونيو ٢٠١٣ كتبتِ «الشعب يحتاج زعيمًا مصريًا حقيقيًا وقويًا ويحب مصر والمصريين»، حدثينا عن ذلك.

- وكتبت أيضًا «الطراطير يمتنعون، النخب يمتنعون.. الدقون يمتنعون.. نريد زعيمًا حقيقيًا مصريًا ابن مصرى، عارف يعنى إيه يحافظ على الأرض والعرض والشرف.. ننتظره ولن يطول انتظارنا».

وفى يوم ٦ أكتوبر ٢٠١٢، احتفلت الجماعة الإرهابية بقتل الرئيس الراحل محمد أنور السادات وليس بانتصار أكتوبر، وأحضروا قتلة الرئيس فى الاستاد وركبوا عربية «السادات» وتجولوا بها.

وفى هذا اليوم قلت: «مفيش يوم ٦ أكتوبر تانى والإخوان فى مصر، لأن المصريين لن يقبلوا أبدًا بأن انتصارهم العظيم يتحول إلى احتفال على يد الجماعة الإرهابية التى قتلت الرئيس الراحل.. مش هيحصل».

وكنت أشعر بمسئولية وطنية، وأن المواطنين «مينفعش ييأسوا»، ورأيت أن «اللى ملهوش فى السياسة واللى وقعوا فى جب اليأس وفى الفترة دى عادوا وانتفضوا»، ووجدت الناس تسألنى على مواقع التواصل الاجتماعى «نمشى ونسيب البلد ولا هننتصر؟» وكان ردى «طبعًا هننتصر».

■ دائمًا ما كنت تتحدثين عن إيمانك بأن الجماعة سترحل.. حدثينا عن ذلك.

- كنت أؤمن دائمًا بأن هناك زعيمًا سيأتى لإنقاذ مصر من جماعة الإخوان، وأرى الآن أن الرئيس السيسى هو الزعيم الذى أنقذ مصر.

فالرئيس السيسى يقع عندى فى منزلة أخرى، هو الزعيم الذى تمخضت مصر عنه بكل حضارتها وتاريخها «عشان ينقذها»، وعلقت فى بيتى صورة أحضرتها من مظاهرة أمام وزارة الدفاع حين نزلت إلى الشارع قبل ٣٠ يونيو، وكان مكتوبًا عليها «انزل يا سيسى»، وأخذت هذه الصورة، وما زلت محتفظة بها حتى الآن «هو ده الزعيم بالنسبالى فى وجدانى وروحى».

■ هل حدث تواصل بينك والإخوان؟ 

- لقد وقّعت على استمارة «تمرد»، كما شجعت المواطنين على التوقيع عليها، ولم يحدث أى تواصل بينى وبين أعضاء جماعة الإخوان أثناء حراك ٣٠ يونيو، لكننى كنت أتعرض دائمًا للسباب والشتيمة فى كل الاستفتاءات والاستحقاقات التى نشارك بها مثل انتخابات البرلمان.

كنت أقف فى طابور السيدات، وبالطبع كانت السيدات على معرفة بشخصيتى، ووجدت اثنتين أو ثلاث سيدات قادمات لشتيمتى، وردت عليهن السيدات فى الطابور.

السيدة المصرية أدركت أنها لن تكون قادرة على تزويج ابنتها، ولن يعمل ابنها ولن يأمن على نفسه فى الشارع ولا على أطفاله فى ظل حكم الإخوان، و«الست المصرية أخدت شبشبها فى رجلها وتركت السوق ونزلت للمشاركة فى مظاهرات ٣٠ يونيو، لذلك فهى سيدة عظيمة»، ولذلك وصف الرئيس السيسى السيدات المصريات بعظيمات مصر.

■ عندما بدأت الأحداث من ٣٠ يونيو حتى ٣ يوليو.. كيف كانت خريطة تحركك؟

- نزلت للتظاهر قبل يوم ٣٠ يونيو لمدة ١٠ أيام عند وزارة الدفاع، وسمعت خطاب الشرعية الذى ألقاه «مرسى» فى ٢٦ يونيو، وكنت وقتها أمام وزارة الدفاع، وكان هذا الخطاب الأول والأخير الذى سمعته منه.

فى اليوم الأول نزلت الساعة الخامسة عصرًا «فى عز النقرة»، بدأنا بألف وألفين ثم أصبحنا على امتداد النظر لمدة ١٠ أيام متواصلة، وكنا أمام وزارة الدفاع، وكان المصريون يخاطبون الوزير وقتها عبدالفتاح السيسى «انزل يا سيسى مرسى مش رئيسى»، وكأنهم يرون «السيسى» أمامهم.

وخطاب الشرعية كان أطول خطاب فى التاريخ، فقد تحركت من أمام وزارة الدفاع حتى منزلى فى أكتوبر، وكان الخطاب ما زال متواصلًا، وواجهت زحام القاهرة حتى وصلت إلى منزلى، ووجدت «مرسى» ما زال يخطب ويقول «الشرعية والحكاية والرواية»، وأنا برد عليه «شرعية مين يا عم». 

وفى يوم ٣٠ يونيو وضعنا خطة عمل منظمة، حيث نزلت إلى التحرير ثم وزارة الدفاع، ثم نقابة المحامين، ونقابة الصحفيين وكانت بها احتفالية، ثم دخلنا إلى نادى القضاة، وقفت فى وجه المسيرة الخارجة من النادى وصورتها بكاميرتى الخاصة، وكنت أهتف «يا قضاة يا قضاة خلصونا من الطغاة»، وكان القضاة يردون علىّ، ثم أكملنا المسيرة حتى دار القضاء العالى، حيث صعد القضاة على السلم، بينما أكملنا نحن على شارع طلعت حرب ودخلت علينا مسيرتان؛ إحداهما قادمة من شارع التوفيقية، وأخرى قادمة من شارع عدلى، وتقابلتا فى طلعت حرب وعدنا مرة أخرى إلى التحرير، ومن ثم اتجهت ناحية عابدين واستقللت المترو ونزلت عند وزارة الدفاع مع زملائى الذين كانوا يعتصمون أمامها منذ ١٠ أيام. 

وبدأ هاجس آخر يشغلنى وهو «هل الجيش سيتحرك أم لا؟»، لكننا قررنا أن نبقى فى الشوارع ولن نرحل منها، وكلنا كنا نهتف «ارحل».

وعندها خرجت مسيرة نادى الجزيرة ونادى هليوبوليس ونادى الصيد ناحية ميدان التحرير. ورأيت سكان «مارينا» يخرجون وسمعت إعلانًا يقول «السادة سكان مارينا.. من يريد المشاركة فى مظاهرات ٣٠ يونيو ضد الإخوان وضد مرسى عليه أن يتوجه إلى البوابة ٤».

وكنت فى الشارع يوم ٣٠ يونيو واتصلت بى ابنتى وقالت لى «الحقى يا ماما.. الجونة مطلعة مظاهرات والغردقة مطلعة مظاهرات»، ولم يكن الأمر مقصورًا على التحرير والاتحادية، وإنما على كل محافظات مصر.

ووثقت الانتصار الذى حدث فى ٣٠ يونيو بالصور؛ ليكون توثيقًا للأجيال والأحفاد.

 

ماذا عن يوم 3 يوليو؟ 

- صباح يوم ٣ يوليو، كان الناس يتحركون فى كل ميادين مصر، بين وزارة الدفاع والتحرير والاتحادية والمنصة.

واستمعت لبيان ٣ يوليو أمام وزارة الدفاع، من خلال الموبايلات لأنه لم تكن هناك تليفزيونات، وهناك مصريون سجدوا شكرًا لله فى هذه اللحظة. 

وشعرت بالاطمئنان على مصر أثناء إلقاء بيان ٣ يوليو وإعلان تعطيل العمل بالدستور، والبلد تم تسليمه لليد الأمينة التى تحفظه وتصونه، لذلك بعد سماعى جملة «تعطيل العمل بالدستور» قلت «أنا عايزة أروّح أنا خلصت اللى عليا»، وكانت الناس فى الشوارع كالطوفان.

ولم أحتفل مع الناس لكننى ركبت تاكسى وكنت أبكى من الفرحة، وفى اليوم الثانى طلبت من أصحابى على «فيسبوك» أن يرسلوا إلىّ صور أهاليهم وهم يحتفلون بنجاح ثورة ٣٠ يونيو فى المناطق التى يسكنون فيها، وجمعت أكثر من ٦٠٠ صورة، ونشرتها على المدونة الخاصة بى باسم «مصر الحلوة راجعة».