السودانيون يستقبلون عيد الأضحى بالدم والدموع وسط أزمة حادة فى النقود وانتشار الجوع
للعام الثاني على التوالي، يستقبل السودانيون عيد الأضحى المبارك دون فرحة الاحتفال المعتادة، حيث أصبحت الطقوس التقليدية غير قابلة للتحمل خلال الحرب الأهلية، التي أسفرت عن مقتل الآلاف وتشريد الملايين وانهيار الاقتصاد.
وانزلق السودان إلى الحرب في 15 أبريل 2023، عندما بدأت المواجهة المسلحة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع المتمردة.
وأعلن قائد الجيش السوداني، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، عن وقف إطلاق النار "من جانب واحد" في أول أيام عيد الأضحى.
كما أعلن قائد قوات الدعم السريع المتمردة، محمد حمدان دقلو، المعروف باسم "حميدتي"، عن وقف إطلاق النار "أحادي الجانب" لمدة يومين في معركته ضد الجيش.
وقال، في تسجيل صوتي نشر على فيسبوك، اليوم الإثنين: "نعلن وقف إطلاق النار من جانب واحد باستثناء حالات الدفاع عن النفس عشية العيد ويوم عيد الأضحى".
وفي كلمته بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، قال والي العاصمة السودانية الخرطوم، أحمد عثمان، إنه "رغم الأحزان التي يعيشها الشعب السوداني جراء الانتهاكات، لكن النصر قادم وستكتمل فرحة الشعب قريبًا".
وهنّأ الوالي القوات المشاركة في "معركة الكرامة" والمواطنين بعيد الأضحى، قائلا: "بالإصرار والعزيمة سيتحقق النصر ويعود الناس إلى ديارهم"، حسبما نقلت الصحف المحلية.
الولايات السودانية تستقبل عيد الأضحى وسط أزمة حادة فى النقود وانتشار الجوع
وعلى الأرض، يواجه السودانيون في العيد ارتفاعًا كبيرًا في أسعار السلع الغذائية، بما في ذلك الماشية، بسبب انخفاض قيمة العملة الوطنية وسط الحرب، ما يجعل التضحية بالأضاحي بعيدة عن متناول السكان المحليين؛ إذ تراوحت أسعارها بين 350 ألف جنيه و600 ألف في حدها الأقصى. كما تتراجع الحالة الإنسانية بشكل مضطرد، ويوجد 25 مليون سوداني على حافة الجوع.
وذكرت التقارير المحلية أن معظم الذين أجبرتهم الحرب على النزوح لم يتمكنوا من توفير احتياجاتهم الضرورية للعيد، بسبب فقدانهم مصادر دخلهم الرئيسية من جهة، وتوقف الدعم الذي يصل من المنظمات من جهة أخرى.
وأشارت التقارير إلى أن بعض الناشطين تمكنوا من توفير مجموعة من الخراف، بعد حملة تبرعات من السكان المحليين، وقاموا بذبحها وتقديمها إلى النازحين في مراكز الإيواء.
النازحون بمعسكرات إيواء بورتسودان وجنوب الخرطوم فاقدون فى عيد الأضحى الأهل واللمة
وحسب ما أوردته الصحف المحلية، فإن النازحين السودانيين في معسكرات الإيواء بدوا فاقدين لطعم العيد ووجود الأهل واللمة في ظل وضع إنساني كارثي.
وفي أحد مخيمات الإيواء المقامة في مدينة بورتسودان، قالت إحدى النازحات، في تصريحات لقناة الجزيرة، إنها "لا تشعر بالفرح بسبب افتقادها للأهل والعائلة، وابتعادها عنهم إثر اندلاع الحرب"، معربة، وهى تجهش بالبكاء، عن حزنها وألمها، لفراق أحبتها، الذين مات منهم من مات، وتقطعت السبل بالأحياء منهم، وحالت المعارك بينهم وبين منازلهم التي ألفوها.
وأفادت النازحة بأنها تقطن منذ عام في مدرسة، اتخذتها مسكنًا جراء الاحتياج، وعدم وجود خيارات أخرى، الأمر الذي اضطرها رفقة أطفالها للقبول بالعيش في وضع غير إنساني، حيث ينامون على الأرض في منأى عن "الستر" الذي أشارت إلى عدم وجوده في ظل ظروف النزوح.
وفي معسكر إيواء الفاروق بمدينة كوستي جنوب الخرطوم، قال أحد النازحين: "لا ملامح فرحة هنا في المعسكرات، وليس بين النازحين من لديه رغبة في الاحتفال بالعيد، واعتبره كثر يومًا كبقية الأيام".
وأضاف: "إنه من المحزن أن ترى أطفالك وعائلتك أمام عينيك ولا تستطيع تلبية حاجاتهم من ملابس أو طعام، وهذا الإحساس بالعجز ضيق علينا حياتنا وفقدنا الأمل في العودة لمنازلنا من جديد"، مشيرًا إلى أن "الجوع دهم معظم المقيمين في معسكرات الإيواء، وباتت الغالبية بالكاد تحصل على وجبة واحدة في اليوم بعد نفاد المدخرات المالية، فضلًا عن تعرض الأطفال للإصابة بأمراض سوء التغذية".
وكانت غرفة طوارئ حي الجريف، غرب العاصمة الخرطوم، قد أفادت فى وقت سابق اليوم بوفاة 32 شخصا من السكان خلال الأسبوع الماضي، حسب صحيفة "المشهد" السودانية.
وأكد بيان غرفة طوارئ الحي- الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع- أن سبب الوفيات في "الجريف" والمناطق المجاورة هو سوء التغذية وتفشي الحمى بسبب المياه غير الصالحة للشرب نتيجة انعدام الكهرباء فترات طويلة، محذرًا من كارثة صحية بعد توافد أكثر من 250 مريضا على المركز الصحي، بينهم 228 مريضا بالملاريا الحبشية خلال 10 أيام.
سكان الفاشر يستقبلون عيد الأضحى بالدم والدموع
وفي الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، استقبل السكان عيد الأضحى بالدم والدموع، بسبب المواجهات والانتهاكات من قوات الدعم السريع. ولم يتمكن الأهالي من أداء صلاة العيد في الميادين والساحات العامة كما كانوا يفعلون في الأعياد السابقة، بسبب التدهور الأمني المستمر في المدينة، وفقًا لشهادات نقلتها صحيفة "المشهد" السودانية.
في حين أن الآخرين من سكان الفاشر أمضوا هذا العيد في طريقهم للنزوح نحو محلية طويلة في ولاية شمال دارفور، ومخيم أدري في شرق تشاد، هربًا من النار المتأججة للقتال في المدينة، ويعانون من ظروف إنسانية صعبة قد تكون أنستهم أن اليوم هو عيد.
ولأكثر من شهر، تعاني الفاشر من قتالٍ عنيف بين الجيش والفصائل المسلحة المتحالفة معه، ضد قوات الدعم السريع، التي تفرض حصارًا كاملًا على عاصمة شمال دارفور، وتسعى للسيطرة على آخر مواقع القوات المسلحة في إقليم دارفور.