الكنيسة اللاتينية تحتفل بذكرى بطرس الذي نسك في جبل آثوس
تحتفل الكنيسة اللاتينية بذكرى بطرس الذي نسك في جبل آثوس، وانتقل إلى الله حول سنة 890.
وبهذه المناسبة ألقت الكنيسة عظة احتفالية جاء نصها كالآتي: "لا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُبْطِلَ التَّوْرَاةَ أَوِ الأَنْبِياء. مَا جِئْتُ لأُبْطِل، بَلْ لأُكَمِّل". إنّ قوّة كلام ابن الله هذا تختزن سرًّا عميقًا.
إنّ الشريعة كانت تفرض بالفعل أفعالاً، ولكنّها وجّهت هذه الأفعال كلّها نحو الإيمان بالحقائق التي سيكشفها المسيح، لأنّ تعليم المخلّص وآلامه هما الهدف الأكبر والمستتر لإرادة الآب. لقد أُعلِنت الشريعة، تحت غطاء الكلام الموحى به، ميلاد ربّنا يسوع المسيح وتجسّده وآلامه وقيامته؛ لقد علَّمنا الأنبياء والرسل مرارًا وتكرارًا أنّ سرّ المسيح قد أُعِدَّ منذ الأزل، ليُكشَفَ في زمننا.
لم يشأ المسيح أن نفكّر في أنّ أعماله أمرًا آخر غير ما تفرضه الشريعة، لذلك أكّد بنفسه: "مَا جِئْتُ لأُبْطِل، بَلْ لأُكَمِّل". كما أكّد أيضًا أنّه "قَبْلَ أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ والأَرض، لَنْ يَزُولَ مِنَ التَّوْرَاةِ يَاءٌ أَو نُقْطَة"، لأنّه بالمسيح تجد الشريعة وكلّ الأنبياء كمالهم. لقد أعلن الربّ في وقت آلامه: "تمّ كلّ شيء". في هذا الوقت تأكّد كلّ كلام الأنبياء.
لذلك، أكّد المسيح أنّه، حتّى أصغر وصايا الله، لا يمكن أن تبطل دون أن نخطئ تجاه الله... لا شيء يمكن أن يكون متواضعًا إلاّ أصغر الأشياء، والأكثر تواضعًا كان آلام الرب يسوع المسيح وموته على الصليب.
ولمّا نهضَ الرّب يسوع حيًّا، بعد ما قاسى الموت صلبًا لأجل الناس، ظهرَ مُنَصَّبًا ربًّا ومسيحًا وحبرًا إلى الأبد؛ وأفاضَ على تلاميذه الروح الذي وعدَ به الآب. ومن ثمّ فالكنيسة، وقد جُهّزَت بمواهب مؤسّسها، وتسلك بأمانة في حفظ وصاياه في المحبّة والتواضع والكفر بالذات، تسلّمَت رسالة الدعوة بملكوت الله والرّب يسوع المسيح، وإنشائه في جميع الأمم، فكانت على الأرض بذرة هذا الملكوت وبدأه. غير أنّها فيما كانت تنمو شيئًا فشيئًا كانت تصبو إلى كمال هذا الملكوت، راجيةً ومتمنّيةً بكلّ قواها أن تتّحد بملكها في المجد.