إدراج إسرائيل على القائمة السوداء للأمم المتحدة.. ما الأهداف والدلالات؟
في وقت تنتشر التحركات الدولية المناهضة لسياسات إسرائيل وتدعو لوقف الحرب على غزة، أعلنت منظمة الأمم المتحدة عن قرارها بتضمين إسرائيل في "قائمة العار" والمعروفة بالقائمة السوداء للأمم المتحدة، وذلك بناءً على الممارسات التي تسببت في معاناة الأطفال في غزة خلال الحرب المستمرة منذ أشهر.
ومن المتوقع أن يُصدر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، تقريرًا في 18 يونيو 2024 يتضمن قائمة جديدة تضم عددًا من المنظمات والدول، بما في ذلك إسرائيل، كمنتهكين لحقوق الأطفال.
يأتي هذا التحرك الأممي بعد تسع سنوات من توصية الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاعات المسلحة بإدراج إسرائيل في القائمة بسبب انتهاكاتها خلال حرب عام 2014 في غزة، التي شهدت وفاة 540 طفلًا من بين أكثر من 2100 فلسطيني.
وأصبحت هذه القائمة أكثر أهمية بعد ارتفاع عدد الأطفال الذين قتلوا في الحرب الحالية على غزة إلى 10 آلاف طفل، وفقًا لتقديرات الإعلام الحكومي في غزة، بالإضافة إلى العدد الكبير من الجرحى والمفقودين تحت الركام.
"القائمة السوداء" للأمم المتحدة: ما هي؟
تُعتبر "القائمة السوداء"، أو المعروفة إعلاميًا بـ"قائمة العار"، قائمة يصدرها الأمين العام للأمم المتحدة سنويًا، تُشمل الدول والمنظمات التي تنتهك حقوق الأطفال في مناطق النزاع. يُصدر هذا التقرير وفقًا لطلب من مجلس الأمن الدولي، حيث يتضمن معلومات عن الانتهاكات والمسؤولين عنها. من المقرر أن يُقدم التقرير والقائمة إلى مجلس الأمن الدولي في 14 يونيو، ويُعلن رسميًا ونشره في 18 يونيو.
تُسمى "قائمة العار" لأنها تتضمن أسماء الجهات المتهمة بانتهاكات حقوق الأطفال في النزاعات، مثل قتلهم أو تشويههم أو تجنيدهم أو اختطافهم أو ارتكاب أعمال عنف جنسي بحقهم. تُعد فيرجينيا غامبا، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والنزاع المسلح، المسئولة عن كتابة التقرير والقائمة.
تأسست القائمة في عام 2002، وعلى الرغم من عدم وجود تداعيات قانونية مباشرة، فإنها تمثل أداة معنوية ذات تأثير سياسي، حيث تُشكل ضغطًا للجناة للامتثال للقانون الدولي. تظل الجهات المدرجة في القائمة لمدة ٤ سنوات، ويمكن لأي جهة تقديم طلب لحذف اسمها من القائمة بعد ذلك، مع تقديم تقرير يثبت امتثالها لحقوق الأطفال والقوانين الدولية.
تزداد المعاناة للأطفال في قطاع غزة
منذ السابع من أكتوبر 2023، يتعرض الأطفال في قطاع غزة لانتهاكات حقوقهم الأساسية، حيث يحرمون من حقوقهم في الحياة والتعليم والسكن اللائق والرعاية الصحية، مما ينتهك اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل. وحذر "مركز العودة الفلسطيني" في تقرير للأمم المتحدة من استهداف الأطفال الفلسطينيين بشكل رئيسي من قبل القوات الإسرائيلية.
الاحتلال الإسرائيلي يستهدف التعليم والرعاية الصحية
الاحتلال الإسرائيلي يدمر المدارس بنسبة تصل إلى 80% في غزة، وهذا ما يسمى بـ "القتل المدرسي"، ومنذ بداية الحرب الحالية في مايو 2024، استهدفت القوات الإسرائيلية ودمرت عدة مؤسسات تعليمية، بما في ذلك مدارس تابعة للأونروا في شمال قطاع غزة.
يتعرض الأطفال في غزة لنقص حاد في الرعاية الصحية، حيث تم طمس النظام الصحي تقريبًا، ودمرت معظم المستشفيات، بما في ذلك تلك التي تقدم الخدمات للأطفال.
الأطفال يعانون من سوء التغذية ويكافحون من أجل البقاء
سوء التغذية ينتشر بين الأطفال في قطاع غزة، حيث يعاني 31٪ من الأطفال في شمال القطاع من سوء التغذية الحاد، مقارنة بـ 15.6٪ في يناير. ومن المقرر أن تكون نسبة سوء التغذية الحادة عند الأطفال تقريبا 1 من كل 3 أطفال.
الحرب تسفر عن آلاف الأطفال القتلى والمصابين
منذ بداية الحرب الحالية في غزة، استشهد أكثر من 37 ألف مواطن، بما في ذلك نحو 15500 طفلًا، وفي الضفة الغربية، استشهد 526 مواطنًا بينهم 132 طفلًا.
جدوى إدراج إسرائيل في قائمة "العار"
على الرغم من عدم وجود تداعيات قانونية أو قضائية مباشرة، يمكن استنباط دلالات إيجابية من تحرك الأمم المتحدة الأخير بإدراج إسرائيل في قائمة "العار". يمكن تحليل هذه الدلالات عبر عدة نتائج كما كشفها خبراء ومراقبين دوليين.
تأثير على سمعة إسرائيل الدولية
يعتبر هذا القرار تأكيدًا على قبول المجتمع الدولي للانتهاكات الصارخة التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة وضد الأطفال بشكل خاص. يمكن أن يؤدي هذا القرار إلى تشديد الضغط الدولي على إسرائيل للامتثال للقانون الدولي ووقف انتهاكات حقوق الإنسان.
الاعتراف بعدم أخلاقية وديمقراطية إسرائيل
يمكن أن يؤدي إدراج إسرائيل في قائمة "العار" إلى تعزيز الاعتراف الدولي بعدمية وديمقراطية الدولة وجيش الاحتلال الإسرائيلي. يمكن أن يُصبح هذا القرار مرجعًا دوليًا للتأكيد على عدم القبول بالانتهاكات والتجاوزات التي ترتكبها إسرائيل، وبالتالي، يمكن أن يُشكّل عاملا اقتصاديا وسياسيا لضغط دولي لتغيير سياساتها.
في النهاية، يمكن أن يكون إدراج إسرائيل في قائمة "العار" نقطة تحول في الجهود الدولية لمحاسبة الانتهاكات والتجاوزات، وللمطالبة بالعدالة والمساءلة لحقوق الإنسان في المنطقة.