رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فريد زهران: الإخوان لم يستجيبوا لدعوات النزول فى 25 يناير لأنهم وافقوا على ترشيح جمال مبارك لرئاسة الجمهورية

فريد زهران
فريد زهران

قال فريد زهران، رئيس اتحاد الناشرين المصريين، رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، إن ثورة ٢٥ يناير كانت وثيقة الصلة بالحراك السياسى الذى سبقها، وهى مرتبطة بمجموعة من التحولات الكبرى أهمها ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، التى كانت تعمل على بناء مشروع حداثى للدولة.

وأضاف «زهران»، خلال حواره مع الإعلامى محمد الباز فى برنامج «الشاهد» على قناة «إكسترا نيوز»، إن جماعة الإخوان لم تؤيد ثورة ٢٥ يناير فى البداية لأنها لم تكن ضد النظام، بل إنها كانت تلمح بتأييد ترشيح جمال مبارك لرئاسة الجمهورية.

وبين أنه شارك فى تأسيس الحزب المصرى الاجتماعى الديمقراطى، رفقة عدد كبير من رموز اليسار والقوى المدنية المصرية، منهم الدكتور محمد أبوالغار، لافتًا إلى أن الحزب استطاع أن يحقق تأثيرًا كبيرًا فى الشارع خلال فترة وجيزة.

■ بداية.. أين كان موقعك فى الحراك السياسى قبل ٢٥ يناير؟

- تتصور دوائر معينة من الشباب أن ٢٥ يناير ظهرت فجأة وغير مرتبطة بحراك طويل متقطع توج فى الأخير بمشهد ثورة ٢٥ يناير.

وأعتقد أن التجربة السياسية المصرية قبل ثورة ٢٥ يناير مرت وانطلقت من تحولات كبرى، وأبرز هذه التحولات ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، التى كانت تعمل على بناء مشروع حديث، وفقًا لشعار ثورة ١٩١٩ «الجلاء والدستور»، وهو شعار يعبر عن مشكلة مصر فى هذه الفترة.

ووُضع أول دستور لمصر عام ١٩٢٣، وكان هناك نضال مستمر من أجل تحقيق الجلاء، وفى الفترة من ثورة ١٩١٩ حتى ثورة يوليو ١٩٥٢ كانت هناك محاولات جادة لبناء مشروع حداثى، وكانت هناك خلافات حول مدى تعبير الدستور عن طموحات الشعب المصرى.

ودستور ١٩٢٣ لم يكن نهاية المطاف، وكانت هناك نضالات أخرى حتى عام ١٩٥٢ التى أعادت ترتيب الأولويات بطريقة مختلفة، وضعت الجلاء فى الأولوية وأنجزته فى ١٩٥٤ وتم الاحتفال بعيد الجلاء، وفى الوقت نفسه رأت الثورة أنه لا بد من ترتيب الأولويات وتم وضع الديمقراطية فى مرتبة متأخرة؛ باعتبار أن توفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أهم، وأنه سيتم توفير حرية سياسية من خلال بناء ديمقراطية اجتماعية مستمدة من الفكر السوفيتى والتجربة السوفيتية، وبناءً عليه تم حل الأحزاب والاتحاد القومى والاتحاد الاشتراكى ودمجها فى حزب واحد، لكن أصبح هناك أشخاص كثيرون محرومون من ممارسة النشاط السياسى.

ومع وضع الديمقراطية فى مؤخرة الأهداف والمطالب، قررت السلطة اعتقال المجال العام وليس فقط المجال السياسى، وهذا امتد للنقابات والجمعيات الأهلية، وتم احتكار الثورة مع السلطة وفقًا لفكرة الرأسمالية المصرية التى رأت أن القطاع الخاص لم ينجز ما يتمناه الشعب من إنجازات، وبما أن الدولة والسلطة شىء واحد، فالسلطة هى المنوط بها إنجاز التنمية الاقتصادية، وبالتالى بدأ تأسيس الهيئات الاقتصادية، ثم وصلنا إلى قرارات يوليو الاشتراكية ١٩٦١ التى بمقتضاها تم تأميم أغلب الشركات الكبرى فى القطاع الخاص المصرى، وبالتالى تبلورت الفكرة وهى صناعة سلطة قوية مستندة على نظام قوى، ورئيس جمهورية قوى وفى يده صلاحيات عالية جدًا ومدعوم من أجهزة ومؤسسات الدولة وفى القلب منها القوات المسلحة، وتستطيع هذه السلطة أن تنجز المهام الملحة، وهى التنمية الاقتصادية وتوفير البنية الأساسية. 

وهذه التجربة تعرضت لضربة كبيرة فى نكسة ١٩٦٧، وفقًا لآراء مفكرين اقتصاديين، وكانت بداية الضربة فى ١٩٦٦ بما اعتبره بعض المفكرين فشلًا فى تنفيذ خطة التنمية الاقتصادية الأولى.

بعد هزيمة ١٩٦٧ أعيد النظر فى المشروع برمته، وأعاد الشباب والطلائع الجديدة التفكير فى مسألة الديمقراطية باعتبارها مسألة مركزية، لأنها تسمح بطرح أكثر من رأى والاختيار بين بدائل، وأول تمرد على هذا الوضع بعد هزيمة ١٩٦٧ نفذته الحركة الطلابية فى ١٩٦٨، وأولى جولات هذا التمرد تمثلت فى الاعتراض على أحكام ضباط سلاح الطيران المسئولين عن هزيمة ٦٧، لكن هذه الموجة من المظاهرات تم قمعها، ولكن فى الوقت نفسه كانت هناك دوائر داخل النظام منتبهة للمطالب.

وأصدر جمال عبدالناصر بيان ٣٠ مارس الذى جاء فى أعقاب الموجة الأولى من الاحتجاجات، وكان يتحدث لأول مرة عن التعددية السياسية والإصلاح السياسى والديمقراطية، وأعقب ذلك حركة الطلبة التى بدأت مع انتخابات ١٩٧١ وتطورت فى يناير ١٩٧٢.

بعدها جاءت حرب أكتوبر وأعادت الثقة فى النظام، وتواكب مع ذلك إصدار ورقة أكتوبر ووثائق النظام، والرئيس محمد أنور السادات اقترح تخفيض حجم رغيف الخبز، وبدأت إجراءات الانفتاح الاقتصادى الذى خلق طبقة جديدة، وبدأ الإصلاح السياسى فى ٧٦ بصدور قرارات تشكيل المنابر السياسية كبداية، وقد سمح بتشكيل ٣ أجنحة للاتحاد الاشتراكى، وظلت قضية الديمقراطية هى القضية المثارة من ٦٨ حتى يناير ٢٠١١.

والفكرة الجوهرية فى الموضوع أن خصوم النظام ليسوا شيئًا واحدًا، منهم من مواقع يمينية، وضد الدولة المدنية، وهناك خصوم من مواقع يسارية، وكان هذا موجودًا على الأرض طول الوقت منذ ١٩٥٢ حتى الآن.

ولذلك نقول إن الذين شاركوا فى ٢٥ يناير لم يكونوا منتمين لقوى واحدة وإنما لقوى مختلفة، لأن خصوم النظام كانوا مختلفين، وكان يجمع بينهم شىء واحد، هو التنافس على تمثيل الشعب، وكل قوى سياسية كان لديها تصور بأنها الأجدر بقيادة هذا الشعب، بفكرها وثقافتها وبرامجها أو توجهاتها، وكلها تطالب بالديمقراطية حتى تحتكم للشعب، وهنا نرسم صورة نظرية للوضع والحراك فى ثورة يناير.

وأنا كنت محسوبًا على قوى اليسار، وهى قوى التغيير السياسى الديمقراطى، وكانت تضع الديمقراطية فى أعلى سلم المطالب، وكان يغلب على تيارنا أنه أقرب لليسار القومى، وكانت هناك محاولة لرسم حدود ما بين القوى الوطنية والديمقراطية، وأقول الآن إن هناك أزمة تهدد الأمن القومى المصرى، ولتجنبها لا بد من توسيع المشاركة السياسية.

■ من خلال تجربتك.. ما مدى قوة وتأثير اليسار على الأرض حاليًا؟

- أتذكر أنه خلال فترة نشاط الحركات الطلابية عام ١٩٧٢، كانت فكرة اليسار مبعثرة، وكان مكونًا من جماعات صغيرة.

وأنا كنت مُشاركًا فى الحملة الشعبية من أجل التغيير قبل ٢٠١١، وشاركت فى نفس الوقت فى «المركز المصرى الاجتماعى الديمقراطى»، وكان هذا المركز يضم مجموعة من السياسيين من انتماءات يسارية مثلى أنا والدكتور مجدى عبدالحميد، وسياسيين آخرين من جيل الوسط مثل صبرى سليمان وتامر الميهى وأحمد فوزى، وكان هناك آخرون من جيل الشباب مثل زياد العليمى، ولكن كان لدينا صوت، ولو لاحظت الأسماء ستجد أن جميعها كانت لديها مواقع وأدوار بعد ٢٠١١، هى مجموعة قليلة ولكن فعالة وتؤثر فى دوائر واسعة، لذلك حين اندلعت ثورة ٢٥ يناير كنا موجودين.

ولكن أصبحنا على درجة عالية جدًا من الضعف، نتيجة الركود السياسى ومرور الوقت، لكن كنا موجودين، عندما حدثت ٢٥ يناير نزلنا الميدان، لم نشارك جمعيًا فى صُنع الحدث، والتيار اليسارى لم يشارك فى صُنع الحدث، بالعكس لم أكن أتوقع أن المواطنين سيستجيبون لدعوة النزول فى ٢٥ يناير.

لما نزلنا اكتشفنا حجم الفراغ السياسى المُروع الذى نتج عن سنوات طويلة من الغياب، واكتشفنا أن الميدان يحتوى على مئات الآلاف من المواطنين دون قيادة ولا رؤية ولا توجهات واضحة، وكانت هناك شعارات عامة رائعة، ولكن لا تعبر لا عن فكر ولا عن رؤية لتحقيقها وتنفيذها على أرض الواقع، وعندما جاءت لحظة الحقيقة اكتشف الجميع أن القوى المُنظمة الوحيدة الموجودة فى الميدان هى الإخوان، وبقية القوى تتعثر وتتخبط فى محاولة لتنظيم نفسها بشكل متأخر جدًا، على عكس «الإخوان» الذين كانوا أكثر جاهزية.

■ كيف ترى حجم مشاركة الإخوان فى الحراك الذى حدث قبل وبعد ٢٥ يناير؟ وكيف تقيم ادعاءاتهم بأنهم هم من صنعوا الثورة؟

- بالتأكيد الذى صنع ثورة ٢٥ يناير هو الشعب المصرى، والإخوان الذين كانوا فى ميدان التحرير لم يظهروا كتنظيم بالمعنى السياسى الحداثى، الذى يكون عبارة عن بضعة آلاف من المواطنين تلتف حولهم أعداد أكبر من المواطنين الآخرين لتكوين حزب سياسى، لكن الإخوان كانوا أقرب لنموذج الطائفة، «يتزوجون مع بعض ويتاجرون مع بعض ولديهم ما هو أكثر من اتفاق على برنامج وتوجه سياسى». من الممكن أن نقول إنهم يعبرون عن مذهب، والمواطنون الذين نزلوا فى ٢٥ يناير لم يكونوا كذلك، كانوا جماعات وأعضاء فى الجمعية الوطنية للتغيير وحملة «البرادعى»، وأيضًا «٦ أبريل»، وغيرها من المجموعات الشبابية التى لديها جمهور، ولكنها ليست أحزابًا سياسية متبلورة ولديها رؤية، كانت أقرب للتنظيمات الحداثية، ويمكن أن نقول إنها أيضًا أقرب ما تكون للجماعات الاحتجاجية، بمعنى أن الحركة الاحتجاجية مرتبطة بمهمة مُلحة محددة ومطالب معينة، هذه الجماعات هى التى دعت وحشدت المواطنين إلى ٢٥ يناير والنزول إلى الميدان، وكانت لها أيضًا دعوات أخرى مماثلة سابقة وحققت من خلالها نجاحات أو إخفاقات.

فى بداية ٢٥ يناير، الإخوان لم يستجيبوا لدعوات النزول للميدان، وبدأوا بعد فترة يؤيدونها على استحياء، لأنهم كانوا قبل شهور من الثورة يلمحون إلى موافقتهم وتأييدهم لترشيح جمال مبارك لرئاسة الجمهورية، وكان هناك حديث شهير لمحمد مرسى يتحدث عن انتخابات البرلمان ٢٠١٠، وعن إخلاء دوائر معينة للرموز الوطنية مثل زكريا عزمى فى ذلك الوقت، وهذا يدل على أن الإخوان قبل ٢٥ يناير لم يكونوا ضد النظام ولكن كانوا يعارضونه، ولكن ليس فى موقف الضد أو موقف المناوئ، بل من باب التعاون، وقد كانوا موجودين فى البرلمان بنسب كبيرة، وفى أحد المجالس فى عصر «مبارك» كان هناك ٨٤ نائبًا إخوانيًا.

وبهذا المعنى لم تكن هناك حالة خصومة بين الجماعة ونظام مبارك، ولهذا لم يجهروا بتأييد ٢٥ يناير، ولكن عندما مالت الكفة فى اتجاه حدوث تغيير حقيقى، بدأ الإخوان يعيدون حساباتهم ويظهرون المعارضة.

والنظام عقب ٢٥ يناير مباشرة، ممثلًا فى عمر سليمان، كان يريد التفاوض، لكن القوى المدنية رفضت الجلوس معه، لأنه رمز من رموز النظام، على عكس الإخوان الذين ذهبوا للنقاش، وبالتالى قدموا أنفسهم لدوائر السلطة التى يعاد تشكيلها باعتبارهم مستعدين للتعاون وأنهم من الممكن أن يكونوا جزءًا من حل هذه الأزمة، فردت هذه الدوائر التحية بأحسن منها وقررت إدخال اثنين محسوبين على التيار الإسلامى فى لجنة تعديل الدستور، منهما واحد إخوانى أصيل وهو صبحى صالح، وأيضًا الدكتور طارق البشرى.

كما قدموا أنفسهم للمعارضة المدنية، وكان سقف مطالبهم أعلى ومربوطًا بطلبات مثل سرعة إجراء الانتخابات وتحقيق الديمقراطية، والسلطات لم تكن راغبة فى أن تستمع لهذه اللغة، بل كانت تريد أن تستمع إلى واحد يتحدث عن كتلة منظمة، ويستطيع أن يفاوض باسمها بجدارة، والقوى المدنية لم تكن لديها هذه الحالة، بينما الإخوان كان لديهم ذلك، وبالتالى الجماعة أحرزت هدفًا مقابل الجماعات المدنية، أمام السلطات.

■ عندما أدركت القوى المدنية تحركات الإخوان بدأت فى تنظيم نفسها وأسست أحزابًا منها الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى الذى تأسس عام ٢٠١١.. ما ظروف تأسيسه والفكرة التى قام عليها؟

- كنت ضمن المجموعة التى شكلت الحزب المصرى الاجتماعى الديمقراطى تحت التأسيس، وعندما اندلعت الثورة نزلنا إلى الميدان وتفاعلنا مع المجموعات الموجودة فيه، وبدأت تظهر دعوات كثيرة لتأسيس أحزاب سياسية.

من بين الدعوات التى أطلقت كانت الدعوة لتأسيس حزب يسارى كبير، وقد شاركت فى هذه الدعوة وحضرت فعاليتها، ووجدت أن الأمور لا تسير وفقًا للجهة التى أتصورها، وكنت أحد الذين دعوا لتأسيس الحزب، ومعى عبدالغفار شكر، رحمه الله، ومدحت الزاهد، وإيمان عطية. 

وحدث لقاء واسع فى نقابة التجاريين لتأسيس الحزب اليسارى الكبير وحضر المئات من الناس، وأنا كنت مؤيدًا وقتها فكرة إنشاء حزب يسارى ديمقراطى واسع، تحت مظلته توجد الاتجاهات اليسارية المختلفة على غرار حزب العمال الإنجليزى. 

والأحزاب الديمقراطية الاجتماعية تحتمل فكرة وجود تنوع سياسى تحت مظلة واحدة، بين أناس يمتلكون حسًا ليبراليًا أعلى، وأناس آخرين يمتلكون حسًا اجتماعيًا أعلى، أو غيرهم يمتلكون توجهًا يمينيًا أو راديكاليًا.. لكننى لم أجد الأمور تسير فى هذا الاتجاه. وفى مثل هذه اللقاءات كنا نجد أناسًا تشبهنا، وأذكر أنه خلال المناقشات الضارية التى تمت فى الأيام الأولى للثورة، التقيت الدكتور أيمن الخراط والدكتورة آمال جاد وأنا أعرفهما ويعرفاننى، كما التقيت عمرو حمزاوى ولم أكن أعرفه، ومن ثم بدأت تحدث جلسات بيننا، لكن اكتشفنا أن هذا الطريق ليس هو ما نريده، ومن أجل الطريق الآخر الذى نريد أن نسلكه بدأنا فى إجراء جلسات ومناقشات أخرى.

■ وما هو الطريق الآخر؟

- فكرنا فيمن سيكون وكيل المؤسسين، ومن سيكون الواجهة وماذا سنفعل، وظهر اقتراح بأن نذهب إلى الدكتور محمد أبوالغار.. وأعتقد أننى كنت صاحب الاقتراح.

واتصلنا بالفعل بالدكتور محمد أبوالغار وعرضنا عليه الفكرة ووافق، وبدأنا نشكل مجلس أمناء، واختيار أعضائه كان بناءً على اقتراحات من الدكتور محمد أبوالغار، مثل الدكتور مكرم مهنى، رحمه الله، والدكتور حازم الببلاوى، والدكتورة ميرفت التلاوى، ومن هنا بدأنا نتحرك، وكان أول اجتماع عقدناه فضفاضًا وليس اجتماعًا رسميًا، وكان فى نقابة الصحفيين فى ١٨ مارس، أى قبل الاستفتاء على الدستور بيوم واحد، وأخدنا قرارًا فى هذا الاجتماع باختيار اسم الحزب «المصرى الديمقراطى الاجتماعى»، كما تم تشكيل لجنة تيسير أولية، وتم الاتفاق على ٥ وكلاء مؤسسين، من بينهم الدكتور محمد أبوالغار، وزياد العليمى وأنا، ووقتها كان الدكتور عمرو حمزاوى معنا، لكنه خرج بعدها بأسبوع أو أسبوعين، وقال إن الحزب سيكون يساريًا أكثر من اللازم بالنسبة إليه.

وبدأنا إجراءات تأسيس الحزب، وصولًا لشهر يوليو، وكان الحزب قد حصل على إشارة رسمية، أى أننا كنا قد جمعنا ٥ آلاف توكيل من عدة محافظات وفقًا للقانون، ونفذنا الإشهار الرسمى ونظمنا أول مؤتمر عام، وعندما أسس الحزب رسميًا فى شهر يوليو، كان لدينا مقر واحد، ومن هذا المقر أخذنا قرار المشاركة فى الانتخابات البرلمانية وخضناها، ونحن تقريبًا لا نمتلك سوى هذا المقر.

وساهمنا مساهمة أعتقد أنها كانت إيجابية فى بناء ما يسمى تحالف الكتلة المصرية، الذى كان يضم حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى، وحزب المصريين الأحرار، والمصرى الديمقراطى الاجتماعى، وكان هذا التحالف هو الأكثر بروزًا على الساحة كقطب معارض لجماعة الإخوان وللدولة العميقة أو الدولة القديمة والنظام القديم، أى أن الكتلة المصرية كان لها تأثير كبير.

تجربة انتخابات ٢٠١٢ قالت إننا كنا ضد الإخوان وضد الفلول فى ذلك الوقت، وكان لنا جمهورنا وكانت لنا كتلة تصويتية كبيرة، وأخذنا ٤٢ مقعدًا، وكان الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى قد حصل على ٢٠ مقعدًا من بين الـ٤٢ حصدتها الكتلة كلها، وكان حزبنا هو الكتلة الأكبر فى البرلمان فى ذلك الوقت.

كيف كان حال اليسار فى الشهور التى سبقت ثورة 25 يناير؟

- بصفة عامة كان هناك تيار يسارى يرى أنه لا بد أن يتحالف مع النظام فى مواجهة الإخوان، وكان يرى أن الخصم الوحيد هو الإخوان، وكان يقود هذا التيار حزب التجمع، وطريقته هذه تقليدية وموجودة فى اليسار بصفة عامة، وهى طريقة تعكس التناقض الرئيسى فى هذا التيار.

وكان هناك تيار يحوى منظمات يسارية وحركات مثل «كفاية والحركة الشعبية من أجل التغيير»، وكانت سماته مختلفة عن الجبهة اليسارية التى يقودها حزب التجمع.