ما بين ويلات الحرب وارتفاع درجات الحرارة.. أطفال غزة يُحشرون بين شقي الرحى
تحت سماء غزة الغائمة، يكابد الأطفال آلام الحرب وويلات التغير المناخي في هذه البقعة الصغيرة من الأرض، حيث تتقاذف الصواريخ وتنهال القنابل، ويعاني الصغار من جراح لا ترى بالعين المجردة، لكنها تغرس جذورها العميقة في نفوسهم الرقيقة.
وفي ظل الدمار والخراب الذي خلفته الحروب المتتالية، تضاعفت معاناة أطفال غزة مع تفاقم آثار التغير المناخي. فالأيام الحارة القاسية تحرمهم من لعبهم في الهواء الطلق، والخيام البلاستيكية تزيد من معاناتهم مع الحرارة المرتفعة التي ضربت بالعالم، أيضًا تلوث مياه الشرب تهدد صحتهم بأمراض خطيرة، بعدما دمرت الحرب موارد المياه النظيفة.
وفي هذا الصراع المرير ضد الحرب والمناخ معًا، يبقى أطفال غزة أسرى الظروف القاسية، يتطلعون إلى يوم تشرق فيه شمس الأمل والسلام على ديارهم المنكوبة.
*صدر تقرير عن منظمة اليونيسيف حول تأثير تغير المناخ على الأطفال، موضحًا أن حوالي مليوني طفل في مناطق تتجاوز فيها مستويات تلوث الهواء المعايير العالمية، مما يجبرهم على تنفس هواء ملوث يعرض صحتهم وتطور أدمغتهم للخطر، ويتسبب في وفاة أكثر من نصف مليون طفل سنويًا.
خبير مناخي: يجب إنقاذ أطفال غزة قبل فوات الأوان
وفي هذا السياق، حذر عادل خيري، الخبير المناخي، من تفاقم معاناة أطفال غزة جراء تداخل آثار الحرب مع تغير المناخ، حيث معاناتهم من ويلات الحروب المدمرة، وفي نفس الوقت مواجهة كارثة أخرى لا تقل خطورة هي أزمة تغير المناخ العالمي. فبينما تحاصرهم الصواريخ والقنابل، يتعرضون أيضًا لموجات الحر القاتلة والكوارث الطبيعية الناجمة عن الاحتباس الحراري.
وأوضح "خيري"، في حديثه، أن معدلات الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه والأوبئة في ازدياد بفعل تلوث المياه وسوء الأوضاع الصحية، كما يعاني الأطفال هناك من سوء تغذية حاد بسبب نقص الغذاء والمياه النظيفة، بسبب ما تخلفه الحرب من دمار يقضي عى حياتهم الآدمية.
وطالب بضرورة التحرك عاجلًا، من الجهات المعنية لحمايتهم من هذه الأزمات المركبة قبل فوات الأوان.
خبير مناخي: استنشاق الهواء السام يُعرض الأطفال للخطر
وحذر علي كاشف، خبير مناخي، من التأثيرات المدمرة لتغير المناخ على أطفال غزة، مطالبًا بإجراءات عاجلة، فيجب على الدول العمل الجاد لمعالجة تداعيات التغير المناخي والتدهور البيئي على أطفال غزة المنكوبين، واتخاذ خطوات حاسمة لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة وتعزيز الاستدامة، إلى جانب تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للعائلات المتضررة.
وشدد "كاشف"، في حديثه، على أن الأمر لم يعد قابلاً للتأجيل، ففي ظل الحرب المستعرة، يضاف إلى معاناة أطفال غزة تلوث الهواء الخانق الناجم عن نفس الأسباب المؤدية لتغير المناخ العالمي، فمستويات التلوث هناك تتجاوز المعايير الدولية بفارق شاسع، مما يجبر الأطفال على استنشاق هواء سام يعرض صحتهم وتطور أدمغتهم للخطر الدائم.
مسئول بهيئة إنقاذ الطفولة: التغيرات المناخية تسبب أمراض الملاريا والإسهال
وفي تصريحات سابقة، تحدثت آمنة خليل، مسؤولة التواصل والإعلام بهيئة إنقاذ الطفولة في مصر، حول تأثير أزمة المناخ على الأطفال، محذرة من المخاطر الفورية التي تهدد حياة الأطفال جراء ارتفاع درجات الحرارة وتلوث الهواء والعواصف، كصعوبة التنفس وسوء التغذية وانتشار الأمراض المعدية.
وأشارت "خليل"، في تصريحاتها، إلى أن الظواهر المناخية القاسية تزيد انعدام الأمن الغذائي والتهجير القسري، ما يعرضهم لمخاطر الانفصال عن ذويهم والاتجار والتجنيد القسري، متوقعةً زيادة انتشار الأمراض الناجمة عن التغير المناخي كالملاريا وأمراض الإسهال.
ودعت إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة وتعزيز التمويل لحماية الأطفال من الآثار المدمرة للظواهر المناخية القاسية.