أشرف شرف: كتابي عن الزعيم تأخر كثيرا.. ومحفوظ غانم نقطة تحول في حياته (حوار)
أصدر الكاتب الصحفي أشرف شرف كتابه “دولة عادل إمام.. أسرار وحكايات من حياة الزعيم”، بالتزامن مع معرض القاهرة الدولي للكتاب 2024، وفيه يشرح “شرف” العديد من المواقف والحكايات عن الزعيم، وحول هذه الحكايات وكواليس الكتاب التقت “الدستور” الكاتب الصحفي أشرف شرف وكان هذا الحوار:
كيف جاءت كواليس كتابك عن عادل امام.. ولماذا في هذه الفترة بالذات وليس قبل أعوام خاصة وأنك على علاقة مباشرة معه؟
أعترف أنني تأخرت كثيرا في الكتابة عن الزعيم عادل إمام، خاصة أنني أمتلك سلسلة من الحوارات معه، بينها حوارات تعد هي الأجرأ في مسيرته الصحفية والإعلامية من وجهة نظري، حيث كشف لي الكثير من الحكايا التي لم ترو من قبل. رأيت في الفترة الماضية أنه آن الآوان لكتابة كتاب عن زعيم الفن المصري والعربي، ورأيت في ذلك نوعا من التقدير والتكريم لمسيرة نجم تربع على عرش النجومية لأكثر من 60 عاما.
شرف كبير أن أضع ولو بعضًا من تلك الحوارات التي أجريتها معه في كتاب خاص يحمل اسم "دولته الفنية". كما حكيت أيضًا تفاصيل الاتصال التليفوني الذي أجريته معه فور توقيعه لعقد البطولة لمسلسل "فرقة ناجي عطا الله"، وكيف اندهش وقتها من توقيت المكالمة المتأخرة ليلا، لكن أثنى على الإنفراد. ومنذ ذلك الوقت صارت علاقتي بالزعيم. أذكر أيضًا أنه دارت بيننا مكالمة لعمل حوار مع ابنه محمد إمام في أول حوار صحفي له. بعد ثورة 25 يناير أجريت معه حوارًا هامًا، كان جريئًا جدًا، حيث تحدث في هذا الحوار عن علاقته بمبارك ورجاله، ورأيه في الحزب الوطني، وما الأفلام التي جعلته يدخل مباحث أمن الدولة. كما أخبرني أنه الممثل الوحيد في مصر الذي أدخلته أعماله "قسم البوليس". كما أجريت معه حوارًا عن أعماله التي طلب من الرئيس الراحل محمد حسني مبارك التدخل للسماح بعرضها، ولم ينس جملة "مبارك" الشهيرة "اشتغل يا عادل وما يهمكش".
لقد كنت الصحفي الوحيد الذي دفعني للذهاب إلى المحامي الشهير لبيب معوض والحصول على وثائق تتعلق بقضية "ازدراء الأديان" التي رفعها أحد محامي الإخوان ضد الكاتب الكبير وحيد حامد، والمخرج الكبير شريف عرفه، والمؤلف والمخرج المسرحي الكبير الراحل لينين الرملي، والمخرج الكبير الراحل نادر جلال صاحب فيلم "الإرهابي" الذي استوحى أحداثه من قصة اغتيال صديقه المثقف الكبير د/ فرج فودة.
في الكتاب، وردت قصة كيف تواصل مع شقيقته وكيف شرح لها قصة زيارته لمحافظتهم في أسيوط في عز سطوة الجماعات الإسلامية، وعرض مسرحيته الشهيرة "الواد سيد الشغال". قام وزير الداخلية زكي بدر بتأمين موكبه وفرقته، وقرر أن يكون العرض بتذاكر. شهد العرض اقبالا جماهيريا كبيرا، وتبرع بإيرادات العرض للنشاط الثقافي بالمحافظة بعد مقتل ممثل مسرحي من أسيوط وتعرض فرقته لهجوم وضرب من قبل الجماعات المتطرفة. كما لم ينس الزعيم أثناء سفره بالقطار حيث جرى طفل صغير ناحيته وقال له "هتيجي تاني" وبكى.
على الرغم من أن لدي أكثر من كتاب قاربوا على الانتهاء، إلا أنني فضلت أن يكون كتابي الأول عن نجمي المفضل وصديقي عادل إمام. إنه شرف كبير أن يكون إنتاجك الأول عن الزعيم.
يحتوي الكتاب على فصول هي عبارة عن أبحاث في أعمال عادل إمام مثل أفلامه الممنوعة من العرض وغيرها.. ما هي المادة التي استقيت منها الكتاب بخلاف عادل إمام نفسه؟
أرشيفي الخاص بالتأكيد الذي جمعته على مدى سنوات طويلة يحتوي على مكالمات ولقاءات مع النجم عادل إمام، بالإضافة إلى العديد من الحوارات التي أجريت معه ومصادر أخرى قرأتها بسبب حواراتي مع صناع أعماله سواء كانوا مخرجين أو أبطال أعماله.
وقد جمعت حوارات طويلة مع النجمة الكبيرة يسرا، حيث تحدثت في إحداها عن كواليس 17 فيلما تشاركت فيها. وقد شاهدت العديد من برامج "الزعيم" في مراحل فنية مختلفة، بما في ذلك البرامج التي قدمها في البلدان العربية. كما قرأت الكثير من الحوارات المهمة والنادرة، بما في ذلك قصة نادرة نشرت في مجلة نادرة تحمل اسم "الكاميرا" في عام 1980.
وفي تصريح نادر، قال "الزعيم" بشكل خطير "سأجعل سعاد حسني تتمنى أن أكون بطلاً لأحد أفلامها"، ربما كان هذا التصريح بعد صدام بينه وبين "السندريلا". وكشف لي الزعيم الكثير من الكواليس والأسرار، من بينها أن فيلمه "السفارة في العمارة" لم يكن سيرى النور لولا تدخله الشخصي واتصاله بالرئيس الراحل مبارك، حيث أبلغه بالمشكلة ورفض الرقابة على السيناريو، فقال له "مبارك": "اشتغل يا عادل وما يهمكش". وأخبرني "الزعيم" أن الفيلم كان فكرة للمخرج الكبير عمرو عرفه، حيث زار صديقًا له في نفس العمارة التي يسكن بها السفير الإسرائيلي في مصر، وأخذ الزعيم الفكرة وأعطاها لأحد الكتاب المفضلين لديه وصديقه يوسف معاطي لكتابة السيناريو والحوار.
وهناك أيضًا فيلم "عريس أمن دولة"، الذي اعترضت الرقابة على اسمه من البداية، فتم تغييره لعريس من جهة أمنية دون تحديد هويته أو مكان عمله كما طلب حذفا لبعض المشاهد كما أنه كان من المفترض أن يعلب بطولته في البداية كريم عبد العزيز الذي اعتذر، ثم تم ترشيح النجم مصطفي شعبان، الذي كان مشغولا بفيلم من بطولته ألا وهو "أحلام عمرنا" فاعتذر أيضا فتم اختيار النجم الكبير شريف منير الذي لم يكن مصدقا لاختياره لهذا الدور، لدرجة أنه كان قلقا أنا خايف بعد ما صور مشاهدى تتحذف يا زعيم فطمأنه قائلا له " تبقي مشاهدي أنا كمان هتتحذف معاك "، فقال أصله الفيلم بطولتي، وكمان علي أسمي، فطار فرحا بتلك الهدية السماوية علي حد تعبير شريف لي في إحدي حواراتي.
ذكرت في مقدمة كتابك أنك أجريت مكالمات كثيرة مع الزعيم عادل امام ومنهم خبرا بعودته للدراما التليفزيونية بعد غياب أكثر من 30 عاما، فما أهم المكالمات الأخري التي لم تنساها؟
كانت كلها مكالمات ذات علاقة بالأعمال الفنية والاطمئنان على صحته. جمعتني بالزعيم صداقة ومحبة حقيقية. على سبيل المثال، قالت لي النجمة الكبيرة يسرا في إحدى المرات وهي تضحك "أنا هسأل الزعيم بيحبك ليه؟". ولا أنسى مكالمتي معه فور الإعلان عن قرب دخول ابنه محمد إمام القفص الذهبي، حيث كانت المكالمة كلها ضحك وهزار والجميع كان يتكهن عن العروس واسمها ونسبها.
ومن بين المكالمات التي لا أنسى تلك التي جرت فور نشر مقطع فيديو يهاجم فيه ثورة 25 يناير، حيث كان حزينًا لأن الفيديو كان مفبركًا وأكد أنه ليس صحيحًا أنه يهاجم الثوار من الشباب، بل يفكر جديًا في تقديم فيلم سينمائي عن الثورة وشبابها.
تخرج عادل امام من كلية الزراعة وهناك من قابلهم من الشخصيات لا ينكر فضلهم ولا أحد ينكر عليهم اكتشاف بحجم عادل إمام مثل الدكتور محفوظ غانم وفايزة عبد السلام صاحبة نقطة التحول واكتشافه في مسرح التليفزيون وهي من رشحته للمشاركة فى مسرحية أنا وهو وهي؟
نعم، هذا صحيح. كان مطلوبًا منه ورقة التجنيد لإتمام مصوغات تعيينه في التلفزيون، تحديدًا في مسرحه. ولكن لأنه كان ما زال طالبًا في كلية الزراعة، لم يستطع الحصول عليها. لذا تم رفضه من مسرح التلفزيون. جلس حزينًا في إحدى الطرقات، ورأته السيدة فايزة عبد السلام. فسألته: "تيجي تعمل دور في مسرحية 'أنا وهو وهي'؟" رحب علي الفور بهذا العرض، على الرغم من أنه كان يقول "جملة وحيدة في العرض". لكنه وجد فيه فرصة للاستمرار في المسرح.
ومن الحكايات التي لا يعرفها أحد: المنتج الكبير والمؤلف المسرحي العظيم سمير خفاجي كان معترضًا عليه في البداية، لكنه تحمس له كل من فؤاد المهندس (بطل العرض) ومخرجه ومؤلفه عبد المنعم مدبولي. وكانت فايزة عبد السلام نقطة تحول كبيرة في حياة الزعيم الفنية، خاصة أنه تألق في العرض المسرحي، وزادت مساحته. كما أنه من الحكايات التي قالها أن الجمهور في أول ليلة عرض لم يصفق له لأنه لم يكن يعرفه. أصر أن يصفق له الجمهور في الليلة التالية، وقد كان بل أن الجمهور لم يتوقف عن التصفيق حتى الآن.
أما الدكتور محفوظ غانم، كان أحد دكاترته في كلية الزراعة. هذا ما حكاه الزعيم عنه: فتح له بيته ومكتبته، وآمن بموهبته. واستقى الزعيم الكثير من ثقافته من مكتبة هذا الدكتور الجليل. وقال له جملة لم ينساها: "أن عادل إمام خُلِقَ ليكون ممثلا، ولو أصبح مهندسًا زراعيًا ربما أفسد الزراعة والأرض في مصر".
أوردت العديد من الرسائل مكتوبة بخط اليد من أصدقاء الزعيم.. ما هي الرسائل التي حازت انتباهك ورأيت فيها غرابة ما؟
لم تكن الرسائل مختلفة، ولكن كان أصحابها مختلفين. على سبيل المثال، كان الخطاب الذي كتبه حكم مصر الدولي جمال الغندور يحكي قصة الكارت الأحمر الذي أعطاه له الزعيم في ليلة اعتزال كابتن مصر ونادي الزمالك أشرف قاسم في الملعب. كان موقفاً طريفاً أن يخرج الحكم اللاعب لكارت طرد، لكنه عادل إمام يفعل ما يشاء.
كانت جميع الخطابات مليئة بالمحبة والتقدير، من بينها الخطاب الذي كتبه مخرج مصر الكبير محمد عبد العزيز صاحب 18 فيلماً في حياة الزعيم. كما كان هناك خطاب الفنان الكبير محمود البزاوي الذي قال إن هناك تمثيلاً تراجيدياً وكوميدياً، وهناك عادل إمام.
وكذلك كان هناك خطاب كتبته زوجته الإعلامية هالة محمود السعدني، والتي بدأت خطابها بعمو عادل إمام وحكت مواقفاً كوميدية جمعتها به في منزل والدها. وأيضاً خطاب المخرج الكبير وائل إحسان الذي وصفه برئيس جمهورية التمثيل، وأيضاً الفنانة منال سلامة التي حكت عن تجربتها معه في مسرحية الزعيم.
وأخيرًا، كان هناك رسائل من النجمتين الكبيرتين يسرا والهام شاهين، والتي وصفته ب " وش الخير عليه "، حيث أن أولى بطولاته السينمائية كانت معه من خلال فيلم " الهلفوت "، وأيضا الخطاب الذي كتبه الفنان والسيناريست تامر عبد المنعم، وكذلك الخطاب الطويل الذي تعدي الصفحتين وكتبه الفنان الكبير والمخرج المسرحي محمد أبو داود عنه، وكذلك الخطاب الذي كتبته الفنانة الكبيرة مشيرة اسماعيل وخرجت من عزلتها من أجل الزعيم، وأغرب رسالة انسانية من السيدة فيرا يوسف زوجة صديقه الراحل أحمد راتب، والذي وصففته بالشقيق عادل إمام، وكذلك المخرجة الكبيرة كاملة أبو ذكري الذي وصفته بالأستاذ.
في النهاية من يقرأ الكتاب يجد أنه لم يكتمل وانه ربما يكون هناك جزء ثان خاصة وأنك قلت إنك تملك الكثير من الأسرار التي عاينتها بنفسك؟
هذا صحيح، أنوي العمل على الجزء الثاني من كتابي "دولة عادل إمام"، لأنني لم أشبع بعد من الحكايات ومن رصد رحلة أهم نجم مصري وعربي في تاريخ الفن المصري. إنه معجزة فنية، فإذا بحثت في سيرة أي نجم كبير مهما كان شأنه، ستجد تميزه في وسيلة فنية دون الآخر. على سبيل المثال، سمير غانم تميزه في المسرح فقط، ود. يحيى الفخراني ستجده في التلفزيون فقط، وأحمد زكي في السينما. حتى رفقاء السلاح كما وصفهم الزعيم في إحدى حواراته، صلاح السعدني قال عنهم "مندوبنا في التلفزيون"، بينما سعيد صالح هو "مندوبنا في المسرح". ولكن عادل إمام حقق نفس القدر من النجاح في أي وسيلة فنية، وهنا تكمن المعجزة.