واشنطن بوست: نتائج الانتخابات الهندية لم تعط رئيس الوزراء مودى الأغلبية الساحقة المتوقعة
رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، اليوم الأربعاء، أن نتائج الانتخابات الهندية لم تعط رئيس الوزراء ناريندار مودي الأغلبية الساحقة المتوقعة، حيث أظهرت أن الناخبين أسهموا في انتكاسات صادمة من شأنها أن تقلل من مدى قبضة حزب بهاراتيا جاناتا بزعامة مودي على السلطة.
وأوضحت الصحيفة، في تقرير تحليلي أوردته على موقعها الإلكتروني، أنه على مدى العقد الماضي كان اسم الهند مرادفًا دوليًا لرئيس وزرائها ناريندرا مودي، ولكن مع ظهور النتائج الأولية للانتخابات يوم أمس الثلاثاء بدا أن الناخبين يظهرون عدم الرضا عن الوضع الراهن ووضعوا الفائز على أرض هشة.
وأضافت الصحيفة أن النتائج الأولية تشير إلى أن حزب بهاراتيا جاناتا بزعامة مودي قد يضطر إلى الاعتماد على شركاء في الائتلاف لتشكيل الحكومة، خاصة أن الحزب خسر أغلبيته المطلقة للمرة الأولى، ويحتاج إلى التحالف مع الآخرين في البرلمان لتنفيذ سياساته.
وتابعت "واشنطن بوست": أن رئيس الوزراء الشعبوي لم يفشل أبدًا في تأمين الأغلبية في انتخابات الولاية أو الانتخابات الوطنية على مدار 23 عامًا من حياته السياسية، وحقق انتصارات ساحقة في الانتخابات السابقة، ولكن يبدو الآن أن مودي يواجه انتكاسة سياسية.
واستعرضت الصحيفة الأمريكية، في تقريرها، عددًا من الموضوعات المهمة بشأن الانتخابات الماراثونية، التي استمرت 47 يومًا في الهند منها السيرة الذاتية لرئيس الوزراء:
من هو ناريندرا مودي؟
مودي، البالغ من العمر 73 عامًا، وصل إلى السلطة في 2014، وقاد شعبه منذ ذلك الحين، حيث تتمحور صورته المصممة بعناية حول كونه رجلًا متدينًا يعمل بلا توقف لخدمة بلاده، مخالفًا للنظام السياسي التقليدي الذي اعتبره الناس فاسدًا.
وعزز مودي من سلطة حزبه، حزب بهاراتيا جاناتا، ورفع من مستوى الاقتصاد والبنية التحتية في الهند، وعزز مكانة البلاد الدولية، وفقًا لأنصاره، لكن منتقديه يرون أنه وحزبه اليميني استغلوا الانقسامات العرقية والدينية، لتحقيق مكاسب سياسية.
ومُنع مودي سابقًا من الحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة لدوره المزعوم في أعمال الشغب التي وقعت في غوجارات عام 2002، وأسفرت عن مقتل أكثر من 1000 شخص، ومنذ وصوله إلى السلطة تعرضت الأقليات أيضًا للاضطهاد وفقًا لتقارير وزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان.
وعلى الرغم من المخاوف بشأن القمع والتآكل الديمقراطي في ظل حكم مودي، كانت الإدارة الأمريكية تتودد بنشاط إلى مودي، على أمل أن تتمكن الهند من المساعدة في احتواء التوسع الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وفي العام الماضي، قام مودي بزيارة دولة على مستوى عال إلى البيت الأبيض سلطت الضوء على نفوذه العالمي المتزايد، وكانت صوره وبايدن معًا سمة شائعة أيضًا في مسار الحملة الانتخابية الهندية خارج مقر حزب بهاراتيا جاناتا وعلى اللوحات الإعلانية.
وقال مودي، يوم أمس الثلاثاء، في تغريدة على "تويتر"، إن نتائج الانتخابات حتى الآن كانت "إنجازًا تاريخيًا في تاريخ الهند، وإنه سينحني للشعب من أجل هذه المودة ويؤكد لهم أننا سنواصل العمل الجيد الذي قمنا به في العقد الماضي لمواصلة تحقيق تطلعات الناس".
كيف تقارن هذه الانتخابات بالانتخابات السابقة؟
من بين حوالي مليار شخص مسجلين للتصويت في الهند، أدلى نحو 600 مليون شخص بأصواتهم في ما يُعتبر أضخم انتخابات في العالم من حيث العدد، ومع استمرار إعلان النتائج، يبدو أن الناخبين يعبرون عن استيائهم من الوضع الراهن، مما يضع مودي على أرضية هشة، خاصة أنه في الانتخابات السابقة التي أجريت في 2014 و2019، فاز حزب بهاراتيا جاناتا بقيادة مودي بانتصارات ساحقة وحقق أغلبية واضحة في البرلمان.
وفي انتخابات 2014، جاء مودي إلى السلطة على موجة من الغضب الوطني ضد الفساد، وفي 2019، استفاد من المشاعر الوطنية عقب اشتباك حدودي مع باكستان، لكن في هذه الانتخابات، توقع معظم المحللين السياسيين أن يتفوق بسهولة على الأحزاب المعارضة الفقيرة التمويل، والتي تعرضت بعض قياداتها للسجن وتجميد حساباتها البنكية قبل الانتخابات.
لكن النتائج الأولية تظهر دعمًا أقل حرارة لحزبه القومي؛ مما يخترق هالة عدم القابلية للهزيمة التي تحيط به كأقوى سياسي هندي في العقود الأخيرة.
ماذا سيحدث بعد ذلك لحزب مودي؟
أشارت المؤشرات المبكرة إلى أن الحزب قد لا يتمكن من تأمين المقاعد الـ272 المطلوبة في مجلس الشعب "لوك سابها"، المكون من 543 عضوًا بمفرده كما فعل في 2014 و2019.
قبل الانتخابات، أظهر مودي وحلفاؤه ثقة مطلقة، حيث تعهد قادة حزب بهاراتيا جاناتا بالسيطرة على 400 مقعد، وركزوا الحملة بشكل شبه كامل على جاذبية مودي الشخصية، لكن الآن، قد يجد الحزب نفسه في موقف يحتاج فيه للتفاوض مع حلفاء مودي وتقديم تنازلات للحكم.
يُعتبر الأداء الضعيف للحزب في ولاية أوتار براديش الأكثر كثافة سكانية في الهند، والتي ترسل 80 نائبًا إلى البرلمان، أحد الأسباب التي يسوقها المحللون السياسيون، حيث كانت أوتار براديش معقلًا لحزب بهاراتيا جاناتا وساعدت في دفع مودي إلى النصر في السنوات السابقة لكن هذه المرة، يبدو أن أحزاب المعارضة، المؤتمر الوطني وحزب ساماجوادي، على وشك الحصول على أكثر من نصف المقاعد في نفس الولاية.
التأثيرات المحتملة على سياسات مودي المستقبلية
قد تؤدي هذه النتائج أيضًا إلى الشكوك حول قدرة مودي على دفع أجندته الطويلة الأمد، حيث أشار مودي إلى أنه إذا حصل على تفويض قوي لفترة ثالثة فإنه يمكنه المضي قدمًا في سياسات عمالية مثيرة للجدل، تهدف إلى تسهيل عملية التوظيف والفصل، ومساعدة أصحاب الأعمال المحليين، ودعوة الاستثمارات الأجنبية.