رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أفلام "المسافة صفر".. من غزة رأسًا إلى مهرجان كان

التحضيرات تسير الآن على قدم وساق والجميع في انتظار اللحظات الأخيرة قبل عرض وتقديم مبادرة أفلام غزة "من المسافة صفر" في إطار فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي، في دورته السابعة والسبعين، التي ينظمها ويشرف عليها حكاء غزة الأول وابنها البار ابن القطاع المخرج الفلسطيني الكبير "رشيد مشهراوي"، الذي أجبر العالم على سماع صوت غزة وناس غزة وحكايات غزة. 
فالحكايات التي لم تُحكَ.. تُسرد الآن سينمائيًا في مهرجان كان، رغم أنه لا وصف يجسد غزة وما حدث فيها وما زال يحدث حتى الآن! فما بعد غزة ليس كما قبلها.. والأفلام المنتجة "من المسافة صفر" هي سينما لتوثيق العدوان على غزة سينمائيًا من خلال ٢٠ فيلما ستُعرض عرضًا عالميًا أولًا في إطار فعاليات أهم مهرجان سينمائي على مستوى العالم، وهو مهرجان كان السينمائي السابع والسبعين، وتلك الأفلام تعبر عن واقع يفوق الخيال، فالسينمائيون الفلسطينيون ذاتهم تحت القصف.. وفنانو غزة حاليًا ليسوا مبدعين أو مخرجين فحسب، إنهم ضحايا للعدوان! فنانو غزة هم الراوي وهم الرواية. 
لذلك دومًا ما يقول مشهراوي: "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، وكما قال الشاعر الكبير محمود درويش: "ولم نحلم بأكثر من حياة كالحياة". 
والعشرون فيلمًا المنتجة من غزة "من المسافة صفر" تعبر وتسرد وقائع ويوميات لغزة وأحوالها وأحوال قاطنيها والمتواجدين على أرضها، وفي إطار الاحتفال بثلاثين عاما على مهرجان "ميد فيلم فيستفال" في روما، والذي قرر استضافة وعرض جميع أفلام غزة "من المسافة صفر" في دورته القادمة، قال رشيد مشهراوي: "إلى كل المهرجانات الكبرى في العالم.. غزة ستأتي إليكم في الدورة القادمة"، وبالفعل، وفي إطار لقاء تم بالأمس بين المخرج الفلسطيني والفنان المصري حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، أثمر اللقاء عن اتفاق بعرض العشرين فيلمًا التي توثق لما حدث وما زال يحدث في غزة في فعاليات الدورة المقبلة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي نوفمبر ٢٠٢٤، وتم اللقاء في مهرجان "كان" بعد الاحتفال بأفلام غزة "من المسافة صفر" بعروض جماهيرية لاقت إقبالا غير مسبوق مؤخرًا في سويسرا. 
وتم تخصيص خيمة كاملة لعروض الأفلام "من المسافة صفر" في مهرجان كان اليوم الإثنين، ٢٠ مايو ٢٠٢٤، هذا إلى جانب الإعلان عن هذا الحدث الكبير ودعوة الجميع للحضور إليه قبلها بيوم، وعقد ندوة للفنانين الفلسطينيين في سوق الفيلم في مهرجان كان، وكما يقول "مشهراوي": "إن ذاكرة الأخبار قصيرة وتتعامل مع الحدث اليومي فقط، بينما الذاكرة السينمائية فهي وثيقة تاريخية قيمة وفنية تفتح الطريق حتمًا أمام هؤلاء المخرجين والمبدعين لكي يتدربوا لما بعد هذا المشروع، ويقدموا سينما عالية وراقية وبدون تنازلات". ويشرح "مشهراوي" فكرة المشروع فيقول: "إن المخرجين يروون قصصهم التي عايشوها بأنفسهم، فهم موجودون في الخيام بعدما تهدمت منازلهم وفقدوا الكثيرين من أحبائهم، وبالتالي هم الحدث نفسه".
ويضيف: هم ليسوا مبدعين أو مخرجين فقط، إنهم ضحايا لحرب غزة، ومن هنا جاءت التسمية (المسافة صفر) لتعبر عن علاقة المبدع  بالحرب، وإنه يحكي ما حدث ليس عن بُعد بل عن مقربة وعن معايشة لما يحكيه، فهو الأجدر دون أدنى شك على سرد الحكايات وتوثيقها على شريط سينما ليكون حجة على القتلة وشهادة للتاريخ من شهود عيان عاشوا ووثقوا وكانوا ضحايا يتحدثون عن ضحايا، وعن أرض مسلوبة هي بالطبع أرضهم.