بمناسبة عيد ميلاد "الزعيم".. عندما قارن غالى شكري بين عادل إمام ومحمد متولي الشعراوي
عادل امام والشيخ متولي الشعراوي هما ألمع نجمين في هذا العقد على الصعيدين المصري والعربي الأول، كما هو معروف، ممثل كوميدي. والآخر كما هو معروف أيضًا أحد الدعاة المتفقهين في الاسلام.. بهذه الكلمات قارن المفكر الدكتور غالى شكرى بين ظاهرة الفنان عادل إمام، والداعية محمد متولي الشعراوي وذلك في مقال نشر له بمجلة "الناقد" في 1 يوليو 1988.
نقطة إنطلاق غالي شكرى لمقارنة عادل إمام ومحمد متولى الشعراوي كانت تصريح الأول لمجلة "المصور" في 29 إبريل 1988 بأنه قرر أن يعرض مسرحية "ميراث الريح" في قرية "كودية الاسلام" التى منعت فيها الجماعات الإسلامية العرض المسرحي وإقتحامهم المركز الثقافي في إحدى قرى أسيوط ومنعوا الدولة من تمثيل المسرحية؛ وبعد سلسلة من الأحداث التي وقعت في كلية الطب وكلية الآداب من قبلهم.
يرى "شكرى" في مقاله:" أن ما يجمع بين عادل إمام ومحمد متولي الشعراوي هذه الجاذبية التي تسحر الملايين حول شخصية كل منهما عن طريق الاسلوب التمثيلي الذي يخاطبان به الجماهير. واذا كان التمثيل في حياة عادل امام هو الحرفة المباشرة، فان التمثيل في حياة الشعراوي هو البديل للخطابة التقليدية والوعظ والارشاد. واذا كان التمثيل في حياة عادل امام لا يتطلب سوى الاتقان الحرفي، فان التمثيل في عمل الشعراوي يتطلب الحركة العفوية العريف الكتاب او مدرس القرية والكلام الحاذق المبسط الذي يبهر السامع ويخدر حواسه ويسلبه القدرة على التفكير وانما يحيله الى صدى وجهاز ارسال فقط.
ويتابع، مؤخرا وقعت والمواجهة المتوقعة بين النجم عادل امام والنجم متولي الشعراوي. فجأة ظهرت على سطح الحياة المصرية قضية والفن حلال أم حرام وأقول على السطح، لأن الحياة المصرية تغلي بمشكلات أبعد ما تكون عن هذه الافتعالات المقصودة، ولأن المصريين في حياتهم اليومية يمارسون الفن في تجلياته المختلفة دون التوقف عند الحلال والحرام ولكن بعض الجماعات الإسلامية أعلن ان الموسيقى صوت الشيطان وأن المسرح رجس والغناء عورة والفنون التشكيلية وثنية والأدب غواية الكافرين، هكذا دفعة واحدة.
ويستطرد، قال عادل إمام فى حديثه، إن المسرحية تعرض صراعا بين استاذ يشرح نظرية التطور لداروين وبين بعض الطلاب المتعصبين، وأضاف انه يريد ان يقدم عرضا مماثلا في جامعة اسيوط، يشاركه فيه الطلاب وأريد أن يكون كلامي دقيقا منذ البداية هذه ليست جماعات متطرفة بل ارهابية. وكان من الممكن ان نسميها متطرفة فكريا قبل ان تستعمل الجنازير والخناجر والرصاص، وعندما لطخت أيديها بالدماء أصبحت إرهابية. ان التنازلات التي تقدمها الحكومة لهذه الجماعات هي التي جعلتهم يتوحشون وتساءل عادل امام: ما علاقة الفلوس بالدقون ؟ في اشارة واضحة إلى التمويل الداخلي والخارجي لهذه الجماعات التي اصبحت مليشيات علنية الشركات توظيف الأموال وما يسمى البنوك الإسلامية، وهي الشركات التي تستولي على اموال وودائع المواطنين في مقابل نسبة ربح عالية لا تسمى فائدة، ولكن المأساة أن أحدًا لا يستطيع استرداد أمواله وودائعه، وقد تساءل عادل امام عن السر في هذه الارباح التي تصل إلى ثلاثين في المائة احيانا، وهي نسبة لم يحققها أي مصرف في العالم وبمناسبة الدقون لفت. نظري أيضا أن بعض قادة الأحزاب قد اصبحت لهم دقون.. هكذا فجأة مع انني كنت اراهم بدونها في الماضي. واختتم كلامه: ولذلك أحس أن من واجبي كانسان وفنان ومصري في آن.
ويتابع، ولا شك أن مواهب الشعراوي القطرية، كمواهب عاملها امام، هي التي نقلتهما إلى الصف الأول من نجوم العصر الجديد، ولكنها النجمان النقيضان.. فالممثل الكوميدي المحترف يقتضيه الأمر ان يعارض وينتقد وهو في مجال الحياة العامة القريب إلى اليسار الناصري ان جاز التوصيف أما الشيخ الشعراوي فقد نقله السادات من عملة الإداري المتواضع في الأزهر إلى عضوية الحكومة التي وافقت على وكامب ديفيده وزيرا للأوقاف ومن يومها ظل الشيخ في صفوف المؤيدين، حتى وهو خارج الوزارة. ولكن الحلقة التلفزيونية الأسبوعية التي يقيمها وتباع الى افطار عربية عديدة، دفعت بمواهبه الى الصدارة فأصبح في فترة وجيزة من مليونيرات عصر الانتفاع. وكانت جاذبيته هي التي فتحت له أبواب الداخل والخارج، ولكن الأبواب الخارجية كانت أكثر اتساعا في زمن الاسلام والنقط والارهاب، كان النظام المصري كغيره من الانظمة العربية يعاني، ولا يزال، من الجماعات الدينية الراديكالية. وكان الشيخ ولا يزال صاحب بضاعة يبز فيها المعرفة المتواضعة لشباب هذه الجماعات. ولأنه أيد السادات والصلح مع اسرائيل، ولأنه يجادلهم بمنطق العامة من الشعب فقد راح يسحب البساط من تحت اقدامهم، وأصبحوا بدورهم يرون فيه خصها. وبقيت المفارقة إلى الآن ان الشيخ قائد بلا جنود، وان جنود التنظيمات بلا قائد... بالرغم من أن الفكر الذي يروجه الشيخ الشعراوي هو نفسه فكر هذه التنظيمات، ولكن سلاحه هو موهبته التلفزيونية الطاغية. وأما سلاحهم فهو الإرهاب. انه رجل النظام، ولكنه لا يقل راديكالية في تفسير القرآن والاحاديث، حتى انه لا يشعر بأي حرج في التلميح والتصريح والتعريض بالمسيحية والمسيحيين مما يساهم - وقد ساهم - في خلق مناخ طائفي يعبي العواطف والانفعالات في قنابل موقوتة".