سامح شكرى: مصر فتحت معبر رفح منذ بداية الأزمة وإسرائيل كانت تعرقل دخول المساعدات بحجة تفتيشها
- قال فى حوار لـ«القاهرة الإخبارية» إن القمة العربية ستحاول إحداث صحوة فى الضمير الإنسانى
- وقف إطلاق النار وإنقاذ أهل غزة من الوضع الكارثى أولوية قمة المنامة
- إذا كانت إسرائيل حريصة على الوضع الإنسانى لقطاع غزة فعليها فتح معابرها الخمسة
- المجتمع الدولى أشاد بجهود مصر فى ملف المساعدات ونرفض محاولات إسرائيل تشويه الحقائق
- تحركنا نحو محكمة العدل استنادًا للقانون الدولى ومعاهدة منع الإبادة الجماعية
قال سامح شكرى وزير الخارجية، إن الأولوية والتركيز الأكبر فى قمة المنامة سيكونان لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة وإنقاذ الشعب الفلسطينى، من الوضع الإنسانى الكارثى الذى يعيش فيه حاليًا.
وخلال حوار خاص أجراه مع قناة «القاهرة الإخبارية»، أكد «شكرى» أن معبر رفح كان مفتوحًا منذ بداية الأزمة فى غزة، وكانت مصر تدخل المساعدات التى يعتبر ٦٥٪ منها من مصادر مصرية، إلى الأشقاء فى غزة، لافتًا إلى أن تلك الجهود كانت تتعرض للعرقلة بسبب الإجراءات الإسرائيلية فى فحص الشاحنات والتأكد من طبيعة المساعدات.
وتابع أن عددًا كبيرًا من الدول دعا لحل الدولتين كحل للقضية برمتها، لكن لا توجد ترجمة لهذه الأقوال بأفعال على أرض الواقع، مضيفًا أنه يتم طرح مثل هذا الكلام فى محاولات لتحويل الأنظار عن القضايا الحالية الرئيسية، مثل وقف إطلاق النار والتعامل مع الوضع الإنسانى المتردى فى قطاع غزة، كأولوية قصوى.
إلى نص الحوار:
■ منذ اللحظة الأولى للأحداث فى قطاع غزة والموقف المصرى يرفض مخطط التهجير ويطالب بتحكيم العقل.. ما أبرز محددات الموقف المصرى فى التعامل مع تلك الأزمة؟
- منذ البداية نحن نطالب بوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين فى قطاع غزة، ومنع كل أعمال التهجير سواء داخل أو خارج القطاع أو محاولات تصفية القضية الفلسطينية.
وبعد ما يزيد على ٧ أشهر استشهد نحو ٣٥ ألف فلسطينى وأصيب ١٠٠ ألف آخرون، ووصل عدد الأيتام إلى ٢٢ ألفًا، والضحايا المدنيون غالبيتهم من النساء والأطفال، وهذا الأمر ما زال يخيم على أعمال هذه القمة، فى ظل اهتمام القادة العرب بالتعامل وإنهاء هذه الحرب الغاشمة على قطاع غزة وما أتت به من آثار على المدنيين.
وهذا أمر حيوى لا بد من إبرازه فى ظل اجتماع القادة فى هذا التوقيت وتداولهم وتشاورهم، والذى من شأنه أن يركز الأضواء مرة أخرى على قضية الحرب على غزة، ويؤدى إلى صحوة فى الضمير الإنسانى الذى يتعامل فيما هو واضح، بمعايير مزدوجة إزاء القضايا الدولية المختلفة.
■ مصر أعلنت عن اعتزامها التدخل رسميًا لدعم الدعوى التى رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.. ماذا عن تلك الخطوة؟
- هى خطوة كانت متسقة مع المنظور القانونى لما يحدث فى غزة، والالتزامات القائمة فى إطار معاهدة منع الإبادة الجماعية، وفى ضوء ما نشهده من قصف عشوائى أدى إلى هذه الأضرار البالغة بالمدنيين فى غزة، وكان من الضرورة أن ندعم الدعوى المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية من المنظور القانونى، ومن منظور احترام المعاهدة ومن منظور بحث ما يتم من مخالفات للقانون الدولى الإنسانى، فليست هناك دولة محصنة من الخضوع للمسئولية فى هذا الأمر، ومن أجل هذا أقيمت محكمة العدل الدولية باختصاصات واضحة، ولا بد من التعامل مع هذه القضية بشكل يؤدى إلى وضع المسئولية على مرتكبيها.
■ هل ستعمل مصر على تحقيق إجماع عربى حول أزمة غزة؟ وماذا عن الموضوعات المقررة مناقشتها خلال القمة؟
- أزمة غزة تخيّم على أعمال هذه القمة وتأخذ الأولوية، لكن مركزية القضية الفلسطينية يتم تناولها فى إطارها المعتاد، ومن خلال القرارات التى سوف تصدر عن القمة سواء فيما يتعلق بتنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية، أو التزام الدول العربية بالسلام كخيار استراتيجى وضرورة الحفاظ على القدس، والعمل على الاحتفاظ بهويتها العربية الإسلامية المسيحية، والقضايا الأخرى ذات الاهتمام فى منطقة تموج بالأزمات، كالأزمة فى السودان، والأزمة فى ليبيا، والوضع فى سوريا.
كل هذه القضايا تهم القادة العرب، وبالتأكيد ستكون محل تداول فيما بينهم، وسيتم اعتماد القرارات الخاصة بها.
■ ماذا عن هذه القرارات المنتظرة تجاه تطورات الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية؟
- بالتأكيد الأحداث فى غزة والمطالبة بوقف إطلاق النار واتخاذ كل السبل لدخول المساعدات الإنسانية ومنع التهجير ودعم القضية الفلسطينية بصفة عامة، كلها أمور سيتم التركيز وإعطاء الأولوية لها، ولكن أيضًا هناك مجموعة من القرارات التى تم اعتمادها فى القمم المتتالية تأكيدًا لمركزية القضية الفلسطينية والأبعاد المختلفة لها، بما فى ذلك دعم السلطة الوطنية الفلسطينية وتوفير الدعم المادى لها، لتطلع بمسئوليتها لتوفير الخدمات والاحتياجات للشعب الفلسطينى فى القطاع وفى الضفة الغربية.
■ هل ترى أن مبادرة السلام العربية التى أقرّتها قمة بيروت عام ٢٠٠٢ ما زالت قابلة للتطبيق خاصة فى ظل الحكومة الإسرائيلية المتطرفة الحالية؟
- المبادرة منذ ٢٠٠٢ هى الخيار الاستراتيجى للدول العربية، والمبادرة فى حد ذاتها دليل على التطلع وتوجه الدول العربية نحو السلام وفقًا لعناصرها المختلفة، بما فى ذلك إقامة الدولة الفلسطينية، ويظل هذا هو الهدف، وبالتالى المبادرة تتناول كل أبعاد القضية ونستطيع على أساسها أن نبنى سلامًا حقيقيًا فى المنطقة، عبر دولتى فلسطين وإسرائيل اللتين يعيشان فى سلام.
■ ما المطلوب لتنفيذ هذه المبادرة؟
- الإرادة السياسية لدى الجانب الإسرائيلى بقبول حل الدولتين، والعمل على إقامة الدول الفلسطينية.
ومنذ اتفاقيات أوسلو، والمفاوضات تسير على مدى ٣ عقود، ولكن لم تصل إلى نتيجة فى ضوء عدم توفر الإرادة السياسية، وهناك الآن تصريحات رسمية من الحكومة الإسرائيلية، تؤكد مرة أخرى رفض هذا الخيار، وبالتالى لا بد أن يكون الموقف الإسرائيلى متوافقًا مع الإجماع والتوافق الدولى، على أن حل الدولتين هو المخرج الوحيد للأزمة الحالية، وكذلك القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، من خلال إقامة الدولة الفلسطينية، وبالتالى هذا هو الهدف ولا بد من تحقيقه، لأن الشعب الفلسطينى هو شعب جدير بأن تكون له دولته، وأن يعيش مثل بقية دول العالم فى أمان وسلام.
■ فى ظل استمرار التحركات الإسرائيلية العسكرية بمدينة رفح الفلسطينية رغم الاعتراض الدولى.. ما تداعيات الأمر على الوضع الإنسانى الكارثى المتأزم فى الأساس بالقطاع وعلى الإقليم أيضًا؟
- استمرار الأعمال العسكرية وتوسيع رقعتها حتى رفح، أمر تحسب له المجتمع الدولى، وكل دول العالم دعت لمنع توسيع رقعة الصراع العسكرى إلى رفح التى لجأ إليها أكثر من مليون و٣٠٠ ألف فلسطينى، فى ظل التوقعات بأن يؤدى ذلك إلى أضرار بالغة الخطورة وواسعة النطاق على الشعب الفلسطينى.
والأحوال حاليًا كارثية مع عدم وجود الملجأ، وعدم وجود المأكل، والرعاية الصحية لجموع الشعب الفلسطينى، واستمرار الأعمال العسكرية، بل توسيع رقعتها فى منطقة تكتظ بالسكان فى أوضاع بالغة الخطورة أمر لا أتصور أن يكون مقبولًا للمجتمع الدولى ومقبولًا للإنسانية، لما يؤدى من نتائج كارثية، وهذا ما تحذر منه مصر وتحذر منه بقية دول العالم، ولكن كما قلت لا يكفى التحذير اللفظى، ولا يكفى الادعاء اللفظى برعاية قضية الوضع الإنسانى، وإنما لا بد من اتخاذ إجراءات وخطوات ملموسة يكون لها أثرها، أما أن يصبح الأمر عبثيًا فلا يأتى إلا بأننا ننتقل من مرحلة سيئة إلى مرحلة أسوأ فأسوأ، وكل ذلك على حساب المواطنين الأبرياء الفلسطينيين من نساء وأطفال.
■ رغم كل ما قدمته مصر فى ملف المساعدات تحملها إسرائيل الآن المسئولية عن الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التى يواجهها قطاع غزة.. ما ردك؟
- صرحت بالأمس بالرفض التام لمثل هذه الادعاءات والمحاولات للىّ الحقائق، وإلقاء المسئولية على الآخرين، ومنذ بداية الأزمة ومعبر رفح مفتوح بشكل دائم، وتسعى مصر بكل الوسائل وبالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتوفير المساعدات وإن كانت الغالبية العظمى من هذه المساعدات مصدرها المجتمع المدنى المصرى والحكومة المصرية، ويعد من ٦٠ لـ٦٥٪ من حجم هذه المساعدات مصدره هو المساهمات المصرية.
فى نفس الوقت تم إنشاء مستودعات لتخزين المساعدات فى العريش وتوفير الشاحنات للدخول إلى قطاع غزة، وهذا أمر كان دائمًا ما يحظى باهتمام بالغ من السلطات المصرية، ولكن كانت تعرقله الإجراءات المطولة والمتعمدة من إسرائيل فى إطار التحقق من المساعدات وطبيعتها.
ولا ننسى أن هناك ٥ معابر إسرائيلية، وإذا كان هناك اهتمام بالوضع الإنسانى، فتستطيع دولة الاحتلال وهذه مسئوليتها القانونية وفقًا للقانون الدولى، أن توفر هذه المساعدات من مواردها ومن مخازنها بما يطمئنها، وتعفى الوضع الإنسانى من خطر التفاقم.
ويجب أن يكون واضحًا أن مصر تعمل بكل جهد لإدخال أكبر عدد من المساعدات، وهناك إشادة بما بذلته مصر من جهد، من المنظمات الدولية ومنظمات غير حكومية عاملة فى النطاق الإنسانى، فأى ادعاء بغير ذلك ليس له أساس من الصحة.
■ كيف ترى الدور المصرى فى الدفع نحو الاعترف بدولة فلسطين فى ضوء الاتصالات الدبلوماسية المكثفة ولقاءات الرئيس عبدالفتاح السيسى مع زعماء ورؤساء الدول والحكومات؟ وما فرص عقد مؤتمر دولى للسلام بمشاركة كل الأطراف المؤثرة والمقتنعة أيضًا بحل الدولتين؟
- فيما يتعلق بالاعتراف فهو خطوة أخرى فى إطار تنفيذ حل الدولتين، وعلى الدول التى تعتنق فكرة حل الدولتين كمخرج للأزمة أن تسير فى اتجاه الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعضويتها الكاملة فى الأمم المتحدة.
وبذلت مصر فى إطار لجنة الاتصال العربية الإسلامية جهدًا بالتنسيق مع شركائها من الدول العربية، لإقناع عدد من دول العالم بالاعتراف.
وهناك أكثر من ١٣٠ دولة معترفة بالدولة الفلسطينية، ويجب أن يزيد هذا العدد وتكون هناك إجراءات ليس فقط بالأقوال، وإنما بإجراءات ملموسة تؤكد أن حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية هما سبيل إنهاء الأزمة.
وفيما يتعلق باحتمال عقد مؤتمر دولى للسلام، هناك مقترحات من عدد من الدول، منها دول أوروبية لعقد هذا المؤتمر لإطلاق عملية السلام للاعتراف بدولة فلسطين، ونحن نشجع وندعم كل هذه المقترحات. لم نصل بعد إلى نقطة العمل الجدّى لعقد مثل هذا المؤتمر، فى ضوء أن الحرب دائرة، ولا يمكن أن يعقد مؤتمر قبل وقف إطلاق النار، لكن عندما تسمح الظروف لتنفيذ هذا المقترح، وهناك فائدة من مشاركة المجتمع الدولى وطرفى الصراع السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل، واستعداد لإبداء الإرادة السياسية للإقدام على تنفيذ حل الدولتين، وهنا يكون من المناسب أن ندعم هذا التوجه ونشارك فيه.
بماذا تطالب مصر المجتمع الدولى؟
- فى هذه المرحلة تطالب مصر بالعمل على إقناع إسرائيل بوقف إطلاق النار، واتخاذ إجراءات ملموسة تدفع إسرائيل إلى التوقف عن هذه الأعمال العسكرية ومراعاة الأضرار الإنسانية التى وقعت بالقطاع.
وهناك دعاوى نستمع إليها كثيرًا من الدول، حول ما يتعلق بوقف إطلاق النار أو حول الترويج لحل الدولتين كحل للقضية والأزمة الإسرائيلية الفلسطينية، لكن لا نرى ترجمة لهذه الأقوال بأفعال سواء فيما يتعلق باتخاذ إجراءات ملموسة لإقناع إسرائيل بوقف إطلاق النار، أو فيما يتعلق بتنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية، وإنما نرى أنها محاولات لتحويل الأنظار عن القضايا الحالية بتناول قضايا أخرى، بالتأكيد لها أهميتها، ولكن لا بد أن تكون الأولوية والتركيز فى هذه المرحلة على وقف إطلاق النار، والتعامل مع الوضع الإنسانى المتردى فى قطاع غزة.