سيناء في عيون الجمهورية الجديدة..
رحلة إلى سيناء.. شهادات أبناء أرض الفيروز من "زمن الدماء إلى عصر البناء"
المشروعات التنموية تغلق صفحة الإرهاب في سيناء
رفح الجديدة.. هدية الدولة لأبناء سيناء وجائزة تعوضهم عن سنوات الإرهاب
مشايخ القبائل: لم نفكر لحظة واحدة للتراجع أو الاستسلام أمام الخلايا الإرهابية.. ومشروعات الدولة التنموية قضت على العزلة وتوحيد الحيز العمراني
مع بزوغ فجر 25 أبريل، كانت «الدستور» على موعد رحلة إلى أرض الفيروز، والتي تزامنت مع احتفالات محافظة شمال سيناء بعيدها القومي الذي يتواكب مع احتفالات تحريرها من العدو الصهيوني المحتل الذي لقنه جيش مصر درسا ما زال يوجعه ويقلق منامه.
مزيج من الأفكار التي تتوارد في ذهن من يقرر أن تخطو قدميه على أرض سيناء، ما بين التشوق لما وصلت إليه جذور التنمية والحضارة وبناء مشروعات قومية عملاقة أصبحت تنافس وبقوة مشروعا على المستوى الإقليمي وعلى رأسها محطة تحلية مياه العريش التي تستهدف الدولة أن تكون الأكبر على مستوى الشرق الأوسط والتي مقرر لها أن تنتج 300 ألف متر مكعب يوميا.
كنوز أخرى يتبادل إليها تفكير من أراد أن يخطو على أرض الفيروز أيضا ما بين التاريخ والمدن الأثرية التي تحتويها أرض سيناء والتي تشمل العديد من المدن الأثرية الهامة مثل مدينة بيلوزيوم عاصمة الفراعنة الهكسوس ومدينة رفحاء التي كانت مركزا تجاريا هاما وكذلك مدينة تل المسخوطة التي تعد من أقدم المدن المصرية القديمة.
موازنة تعمير سيناء تزايدت 10 أضعاف على مدار العشر سنوات الماضية
المهندس ناجي إبراهيم، رئيس منطقة تعمير شمال سيناء، أكد أن موازنة تعمير سيناء تزايدت 10 أضعاف على مدار العشر سنوات الماضية، ضمن خطة الدولة للتركيز على تنمية سيناء بمشروعات عملاقة، موضحا أن ما شهدته سيناء على مدار 10 سنوات يصل إلى حد المعجزة وخاصة إذا ما تم مقارنة حجم تلك الإنجازات بما كانت عليه من قبل.
ولفت إبراهيم في تصريحاته لـ«الدستور» إلى أن أولى خطوات التنمية في سيناء تركزت على إنشاء الطرق لربط سيناء بباقي المحافظات وخاصة ربطها بقلب الدلتا والقاهرة الكبرى، موضحا أن اختصار الوقت ساهم كثير على سهولة التحرك من وإلى سيناء مما سهل عملية نقل البضائع والمواد الخام، حيث انطلقت شرايين التنمية بعد إنشاء 5 أنفاق لربط سيناء بجميع أنحاء الجمهورية وخاصة أنه من المخطط أن يتم جذب ٣.٥ مليون مواطن للسكن في سيناء ضمن خطة التعمير.
وأوضح أنه بعد أن تضاعفت الموازنة المخصصة لتنمية سيناء والعمل على شبكة الطرق والأنفاق تم التوجه لتحقيق طفرة ملحوظة في العديد من المجالات الساسية التي تهم المواطن وعلى رأسها ملف التعليم والصحة والمراكز الخدمية ومشروعات البنية التحتية وتوصيل كافة المرافق تباعا لجميع المناطق المحرومة، ومن بعدها تم البدء في تم إنشاء مدن جديدة ومن أبرزها مدينة رفح الجديدة.
وكانت الدولة المصرية قد نفذت مشروعات في سيناء بلغت قيمتها أكثر من 600 مليار جنيه على مدار الأعوام السابقة، وبلغت قيمة مشروعات شمال سيناء ما يقرب من 290 مليار جنيه وتم تنفيذ أكثر من ألف مشروع بها في جميع المجالات.
على مشارف أرض الفيروز
ومع شروق شمس الصباح كنا على مشارف أرض الفيروز، حيث تزين الشمس لوحة الطبيعة الخلابة التي تتمتع بها سيناء تتنوع بين الجبال الشاهقة والوديان العميقة والشواطئ الساحرة والصحراء الخالية، ويزين تلك اللوحة جنود الله على الأرض ينشرون حالة الأمن والأمان لكل الوفدين إلىها.
مآذن المساجد تصدع بآيات الذكر الحكيم تنويها بدخول وقت الصلاة، حتى كان مستقرنا أمام أبواب مسجد النصر بوسط مدينة العريش، الذي امتلأت جنباته بالمصلين حتى التف الناس حول المسجد بالشوارع رافعين تكبيراتهم بالدعوات خاتمين صلاتهم بالسلام الذي يليق بأرض السلام.
منذ سنوات معدودة بعد أن جمع قوى الشر كل سموهم وحاولوا نشر إرهابهم على تلك البقعة المباركة، لم يكن أحد بمخيلته أن يتجول على أرض سيناء في يوم ما دون أن يلتف حوله قوة تأمين للحماية من ذئاب الدم البشرية، إلا أننا كانت جولتنا متفردة لم نتوقف إلا للكمائن الثابتة التي يتصدرها خير جنود الأرض تأمينا للطرقات.
شواهد على مرحلة الإرهاب
من العريش إلى بئر العبد تلك المدينة التي شهدت مواجهات شرسة حملت حوائطها شواهد على تلك الذكريات الألمية التي لا تستحقها تلك الأرض المباركة، إلا أن أهلها عادوا ليمحوا تلك الذكريات بإعادة ترميم ما أصيب منها والبدء في مرحلة جديدة من إعمارها وتنميتها بسواعد أبناءها يدا بيد مع الأجهزة التنفيذية بالمحافظة.
جولة سريعة في بئر العبد تخللناها بالطرق الجانبية حتى صعدنا إلى تبة مرتفعة تحتضن في أسفلها مياه فيروزية ويحيط بها النخيل على الشاطئ، وأعلى تلك التبة خيمة بدوية يجلس تحت ظلالها عدد من الأبناء والمشايخ ويحيط بهم جذوة النار التي تعلوها أباريق القهوة العربية والشاي لضيوفهم بجانب حبات التمور السيناوية.
أطراف من الحديث تبادلناها حتى ظلال تلك الخيمة البدوية، استرجعت مأساة ما عاشه أبناء سيناء من مواجهات لخلايا الإرهاب السرطانية التي حاولت أن تشق الصف من جهة، وبين تحالف أبناء تلك القبائل فيما بينهم وكيف أصبحوا وجيشهم جسدا واحدا، حتى أصبحت كل أرجاء المحافظة في أمان تام.
أبناء القبائل.. كلمة السر
كلمة السر خلال الفترة السابقة كانت في مشايخ قبائل سيناء، أصحاب توجيه البوصلة لشبابهم والداعم الأكبر لثباتهم أمام مواجهة الإرهاب، والذيم كان لهم حديث مطول مع «الدستور» حيث بادر الشيخ سلامة الرقيعي شيخ قبيلة الدواغرة بمنطقة شمال سيناء، الذي أكد أن قبائل سيناء لم تفكر ولو للحظة واحدة التراجع أو الاستسلام أمام الخلايا الإرهابية بل بادر الجميع لتقديم أرواحهم ودماءهم للوطن وخاصة أنهم اعتبروها مسألة «أكون أو لا أكون».
واضاف الشيخ سلامة الرقيعي، أن قبيلته استشهد منها 16 شخصا على يد الإرهابيين، ومع ذلك لم يتراجع البعض أمام تلك الفاجعة، بل زادهم الأمر إصرارا وصلابة وتحول إلى تحدي مزدوج ما بين فداء الوطن بجانب الثأر لفقدانهم ذويهم.
ولفت الرقيعي، إلى أن الدولة كان لها الفضل في توحيد الصف الداخلي بين أبناء سيناء وتواجد الجيش بجانب أبناء القبائل كان له الدافع المعنوي الأكبر، حتى تم إجلاء الإرهاب بشكل كامل عن أراضي سيناء.
وأوضح شيخ قبيلة الدواغرة بمنطقة شمال سيناء، أن الدولة تمكنت من خلال خطتها التنموية في النجاح بقضاءها على العزلة وتوحيد الحيز العمراني عن طريق تنفيذ المشروعات القومية وتنفيذ شبكة أنفاق وطرق ربطت سيناء بمحافظات الدلتا واقتصرت وقتا طويلا في السفر.
وتناول أطرف الحديث الشيخ إبراهيم أبو عليان، أحد مشايخ سيناء، والذي أكد لـ«الدستور» أن سيناء تشهد طفرة تنموية غير مسبوقة والملفت أنها تتم في خطى سريعة ومتسابقة على سبيل المثال تنفيذ مصانع الرخام ومحطة السكة الحديد الجاري تنفيذها ومشروعات سحارات سرابيوم ومطار البردويل وأنفاق تحيا مصر وغيرها من المشروعات العملاقة التى يترقبها أبناء سيناء.
ولفت أبو عليان إلى أن تلك المشروعات العملاقة شكلت تغيرا حضاريا وأثر في حياة المواطنين في سيناء كما سهلت عليهم التنقل والتحرك وتوفير فرص العمل وتوفير الحاجة اليومية والخدمية للأهالي، مناشدا القيادة السياسية بالاستمرار في تكثيف الجهود لتحيق التنمية المتكاملة بكافة أرجاء المحافظة.
ميلاد أهالي سيناء من جديد
حالة ارتياح نفسية ومعنوية يعيشها أبناء سيناء بعد أن عادت أراضيهم خالية من وباء سرطان الإرهاب، حيث بدأ كل منهم في ممارسة حياته الطبيعية دون أي حذر من حالات الغدر والذئاب المنفردة التى كانت تتوغل بين مزارع وتلال سيناء، وهذا ما أكده الشاب أحمد سعيد الذي شرح لنا لمحات من أيام التوغل الإرهابي ومحاولة الإرهابيين إثبات أي تواجد لهم وصناعة ما يسمى بولاية سيناء.
وأضاف الشاب السيناوي، أن كل الفئات العمرية كانت على كلمة واحدة رافضة لما وصفوه بالاحتلال الثاني رغم أن تعدد مسميات الراغبين في تحويل سيناء إلى ساحة إرهابية تحت شعارات دينية تنوعت ما بين ولاية سيناء وما بين بيت المقدس وما بين الدولة الإسلامية وغيرها من المسميات التي حالوا استقطاب أي شخص لهم بتلك الشعارات الهدامة.
ولفت إلى أن أرض سيناء أصبحت شاهدة على تنمية وإعمار ركزت الدولة عليه خلال العشر سنوات الأخيرة جعلت الحياة أكثر سهولة ووفرت عدد من الخدمات كان الأهالي حرموا منها قبل ذلك، ومع ذلك ما زال هناك ارتباط وتواجد للوحة طبيعية وتاريخية تحاول الدولة على توفيرها والمحافظة عليها كما اعتاد أهالي سيناء عليها وعلى رأسها توافر البيوت البدوية التي يتم تصميمها بنفس الطراز الذي اعتاد عليه الأهالي ويتم تسليمها جاهزة بأسعار رمزية مقارنة بتكلفتها وأحيانا يتم عمل قرعة وتسليمها مجانا أبضا للمواطنين.
وتناول الحديث منه شاب ثلاثيني من أبناء العريش، قائلا: شيوخ القبائل كانوا حلقة وصل قوية دفعتنا للثبات على مبادئنا ضد الإرهاب وكان الجيش وقتها شوكة قوية جعلتنا لا نخشى أي تهديد أو رسائل من ذئاب الإرهاب التي لا تعرف سوى لغة الدم من أجل تحقيق أهدافهم المسمومة.
وأضاف أن الشعب السيناوي يقف مع دولته قلبا وقالبا وأصبح لديه ثقة في القيادة السياسية بعد أن تخطى عنق الزجاجة ورأي نتائج الخطة التنموية التي تستهدف أبناء سيناء ووضعها على أهم أولويات الدولة في الإعمار.
شمس التنمية والإعمار تشرق على رفح الجديدة
ومن بئر العبد إلى رفح الجديدة، تلك المدينة التي أشرقت على شمس التنمية والإعمار بشكل كامل ومتكامل، لم يكن في مخيلة أحد أن تكون تلك المنطقة بتلك الحضارية والبنية التحتية المتكاملة، ووسط حالة من الأمان والهدوء التام يرفرف عليها علم مصر.
أبنية متكاملة ووحدات سكنية جاهزة بكل مرافقها تنتظر أبناء سيناء أن يحصدوا ثمار ما قدموه لبلدهم وخاصة بعد أن أعلنت الدولة تحملها لجزء كبير من تكاليف بناء وتجهيز تلك الوحدات لوحدة حضارية تليق بأبناء سيناء.
وجاءت الهدية بإصدار الرئيس عبدالفتاح السيسي، تصديقا بتخفيض قيمة الوحدة السكنية بقيمة 55% من السعر الأساسي لأبناء رفح، حيث أن إنشاء مدينة رفح على 3 مراحل، إذ تم الانتهاء من المرحلة الأولي بعدد 272 عمارة سكنية، بالإضافة إلى منطقة خدمات رئيسية تشمل كافة المرافق الخدمية، وهى مسجدان ومدرستان للتعليم الأساسي وحضانة ومحال تجارية ومخبز ومكتب بريد وسنترال ونقطة شرطة ومطافي، وتشمل المدينة على شبكة طرق أسفلتية ومحطة رفع مياه للشرب وشبكات مياه للشرب وشبكات للصرف الصحي ومحطة صرف صحي.
وتم طرح المرحلة الأولي من مدينة رفح الجديدة بالتزامن مع العيد القومي للمحافظة ولمدة شهر، إذ تم الطرح للمرحلة الأولى بعدد 41 عمارة سكنية "أرضي و3 طوابق" بإجمالي عدد 656 وحدة سكنية، كل منها عبارة عن 3 غرف وصالة بمساحة 120 مترا مربعا.
كما تم تخصيص نسبة 10% لأسر الشهداء والمصابين من أهالي رفح حتى الدرجة الأولى، 5% للأفراد من ذوي الهمم من أهالي رفح "دور أرضي" 5% للمحافظة "سكن إداري / جهات حكومية / هيئات حكومية" بالثمن، 80% لعموم أهالي مدينة رفح والعاملين بها على أن تكون الإقامة دائمة قبل عام 2014.