محمد صالح البحر: جمال الغيطاني فتح ذراعيه لكل أدباء مصر قاصيهم ودانيهم
حول الدور الذي لعبه الكاتب الروائي جمال الغيطاني، والمولود في مثل هذا اليوم من العام 1945، بقرية جهينة محافظة سوهاج، في اكتشاف المواهب والأصوات الأدبية الإبداعية، تحدث الكاتب محمد صالح البحر، في تصريحات خاصة لــ “الدستور”.
لا أحد من جيل التسعينات يستطيع أن يُنكر فضل جريدة "أخبار الأدب" عليه
واستهل “البحر” حديثه لـ “الدستور” قائلا، لا أحد من جيل التسعينات يستطيع أن يُنكر فضل جريدة "أخبار الأدب" عليه، وللحق لم يكن فضل الجريدة بقدر ما كان فضل جمال الغيطاني الذي راح على عكس كل الصحف، وحتى الصفحات، الأدبية وقتها ـ يفتح ذراعيه لكل أدباء مصر، قاصيهم ودانيهم، كبيرهم وصغيرهم، سواء من القاهرة أو بقية المحافظات والأقاليم.
لحُسن حظنا كجيل وجد منْ يُميز وجوده وهو الغيطاني
وعن دور الغيطاني وأثره في جيل التسعينيات الأدبي، أوضح "البحر" أن الاحتواء الأكبر لأبناء جيل التسعينات، ربما لأنهم الأكثر عددا في ذلك الوقت، وربما لأنهم الأغزر إنتاجا بتلك الرغبة العارمة التي كانت تنتابهم للتحقق، بين كوكبة كبيرة ولامعة من رواد ونجوم الإبداع العربي، وربما لحُسن حظنا كجيل وجد منْ يُميز وجوده، ويحتوي إبداعه، ورؤاه الثقافية أيضا، بالنشر في أكبر الصحف انتشارا وقراءة.
وتابع “البحر”: وقد كنتُ من بين هؤلاء المحظوظين الذين أشرق إبداعهم مع ظهور هذه الشمس، وثبتتْ أقدامهم برسوخ في أرض الإبداع المصري، واستقبلوا الألفية الجديدة كأدباء متحققين رغم صِغر سنهم، وقِلة إنتاجهم، لكنه كان اختبارا عظيما مع ذلك، فقد كان عليهم أن يُثبتوا أحقيتهم في ذلك التحقق الذي بدا سريعا، وهو الأمر الذي صدق للبعض، وكذبه مرور الوقت للكثيرين منهم.
حوار لمجلة إقليمية
وتابع "البحر": للحق الآخر فقد أثارني هذا الدور الكبير لــ “الغيطاني”، وكنت أتمنى لو أنني أتحقق من صِدقه عن قُرب، وقد حانتْ الفرصة لي في بداية عام 2000، عندما كنا نستعد في مدينة قنا لإصدار العدد الأول من مجلة "الجنوبي"، وعلمتُ أنه سيُقيم بغرب مدينة الأقصر لمدة أسبوع كامل، فقررتُ أن أُجري معه حوارا للمجلة.
لا أستطيع إلى الآن أن أنسى النظرات الساخرة للكثير من زملائي، وهي تُخبرني بأن أديبا بحجم جمال الغيطاني لن يُجري حوارا لمجلة إقليمية، وربما لن يقابلك من الأساس، لكنني كنت صغيرا أعشق المغامرة، وجريئا لا أملك الكثير من الحسابات التي تستدعي البطء، وقد صدق نصف ظني به عندما بلغتني موافقته غير المشروطة بأي شيء، واكتمل الحُسن عندما قابلني بابتسامته الهادئة، وكرمه الكبير، وصبره اللامحدود على حوار طويل وجرئ وصادق، كانت غايتي الثانية منه أن أُثبتَ لنفسي أيضا قدرتي الذاتية على أحقيتي في إجرائه معه.