صلاح بيصار يكتب: كنعان وسناء.. سيرة الحب والفن
تزوّج منير كنعان أحد روّاد الفن الصحفي بعد قصة حب طويلة من الكاتبة الكبيرة سناء البيسي، إنها قصة حب بين أستاذ وتلميذة وتعد من أجمل وأطول قصص الحب التي شهدت صاحبة الجلالة فصولها.
التقت سناء البيسي مع كنعان في مبنى أخبار اليوم حين اختارها الكاتب مصطفى أمين مع أوائل دفعة قسم صحافة للتدريب في الأخبار، تحكى ذلك الكاتبة صافيناز كاظم بقولها: "صعدت سلالم أخبار اليوم 1955 وبدأت خطواتي في مشوار الصحافة كانت معى صديقة الطفولة سناء البيسي التي برزت بيننا رسّامة متوقدة في سنى المدرسة الابتدائية والثانوية".
قالت "سناء" هيا نذهب إلى مكتب بيكار، قلت نذهب أولًا إلى مكتب كنعان.. وفي الدور الأول كان جارًا للفنان صاروخان وجدناه منهمكًا في تعليق لوحة من لوحاته على جدار الممر أمام مكتبه ليعطي المسافة الكافية الصالحة للنظر إليها، ورغم أعوامنا الثامنة عشرة كانت لدينا الثقة والمبادرة لمخاطبة الفنان الكبير المشهور البالغ من العمر 36 عامًا، توطدت معرفتنا به فورًا.. ومنذ دخلت سناء مكتب كنعان تلميذة ملهمة ولم تفارقه أبدًا.
تقول الكاتبة الرقيقة سناء البيسي: "رأيت كنعان يرسم وأنا أحب الرسم، كان هو الرجل الذي في خيالي وحين طلب مني أن يرسمني كنت في غاية الخجل، لكن من يومها حسيت أننا من الممكن أن نكمل مع بعض وفعلًا تزوجنا بعد قصة حب طويلة عانينا فيها من أجل إتمام زواجنا لمدة تسع سنوات".
في ذلك اليوم الذي شاء الله أن يجعله يوم الفراق بین کنعان وسناء كما تحكى صافيناز كاظم وذلك حين استقر الأستاذ والمربّي والمؤدب والصديق والحبيب في مثواه الأخير يوم الأربعاء ١٢/٢٤ من عام ١٩٩٩ كانت نهاية الرحلة وكان الرحيل وظلت الذكرى.
ما زالت سناء تكتب حول قصة الحب التي جمعت بينهما وحول شخصيته الإنسانية.. "كنعان" الزوج والمحب والفنان؛ تقول: "لم أكن أعلم يوم أن قابلته أول مرة بأن مصيري كان يتقرر.. كنت في حيرة فلم يسبق لي أن حادثت فنانًا.. عدت إليه أزوره في غرفته بأخبار اليوم.. كنا نتحدث وكان يرسمني أنا بينما الجميلات بعيدًا هناك.. وكان القدر قد أصدر قراره الفعلي بأن أسكن قلبه ويسكن عمري".
يا حبيبي.. أتابع ممارسة عاداتنا بلا وعي وكنت أتمرد عليها معك.. لا أنسى الآن إيقاد نور الطرقة الخافت حتى لا أصطدم بالأثاث في الظلمة ولطالما رفضته لأن يدخل في عيني، الآن هو ترياق عينى المتعبة.. أدور على مفاتيح الغاز للتأكد من إغلاقها.. أترك شريطًا مفتوحًا من النافذة لتجديد هواء الغرفة.. أحمل الزهر إلى البلكونة حتى لا تبدد الأكسجين.. بالأمس لم أجد ليمونًا في رف الثلاجة فكان انفعالي بالغًا لأنه مقدس على مائدتك.. ساعة تذكرت واقعي هبدت الثلاجة وهمدت.. زوجي لوحاتك استوحشتك.. حفيدك يتعرف على الوجود.. حفيدتك تشكر لصورتك.. ابنك مغموس في تراثك الفني ينظمه لتنفيذه الوصية.. أفتقدك.. تهاوت صلابتي.. أمقت لفظة "الخلع" المطروحة الآن على جميع الساحات، تخلعي مَن يا ناقصات العقل؟.. إن في بيوتكن الزوج نعمة فاشكرن الله على نعماته "وأما بنعمة ربك فحدث"، وهكذا الحب وتلك كلماته المعطرة بالنور والصدق والشفافية.