عيد مصر و.. وعيد إسرائيل!
الاحتفال بعيد تحرير سيناء، لن يعكره تصاعد وتيرة الوعيد، أو التهديد، الإسرائيلى باجتياح مدينة رفح الفلسطينية، جنوبى قطاع غزة، الذى لا نتوقع حدوثه، ونراه مجرد ورقة ضغط، تحاول بها الحكومة الإسرائيلية المتطرفة تحسين موقفها التفاوضى، مع حركة حماس وفصائل المقاومة، بعد أن قوبلت محاولاتها، وسيناريوهاتها، لتصفية القضية الفلسطينية، برفض مصرى، عربى ودولى، قاطع وحاسم.
فى مثل هذا اليوم، منذ ٤٢ سنة، رفعنا العلم المصرى على مدينة رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوبها، بموجب معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، الموقعة فى ٢٦ مارس ١٩٧٩، التى تضمنت تنازلات المهزوم للمنتصر، على نمط معاهدات الصلح الأوروبية فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، التى تواجه، الآن، تحديًا قد يكون الأخطر فى تاريخها، بسبب رعونة الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، ومحاولاتها البائسة أو اليائسة، تنفيذ تلك السيناريوهات، التى أعلنت مصر عشرات المرات، رفضها التام لها.
مبكرًا، أعلن رئيس الجمهورية، القائد الأعلى لقواتنا المسلحة، عن موقف مصر الثابت والحاسم الرافض لتهجير الفلسطينيين، سواء من قطاع غزة إلى مصر، أو من الضفة الغربية إلى الأردن، مؤكدًا أن هذا الأمر «خط أحمر»، وأن لدينا من الوسائل ما يمكننا من التعامل معه بصورة فورية وفعالة.. وحاسمة. وفى مكالمتين تليفونيتين، تلقاهما الإثنين الماضى، من نظيره الفرنسى ورئيس الوزراء الإسبانى، حذر الرئيس عبدالفتاح السيسى، مجددًا، من خطورة التصعيد العسكرى فى مدينة رفح الفلسطينية، وعواقبه الإنسانية الوخيمة، وانعكاساته، التى قد تنزلق معها المنطقة إلى حالة واسعة من عدم الاستقرار.
التحذيرات المصرية المتكررة من اجتياح مدينة رفح الفلسطينية، صاحبتها، أو لحقت بها، تحذيرات دولية وأممية عديدة، صدر أحدثها عن فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامى لحقوق الإنسان، الذى ندّد، أمس الأول الثلاثاء، بسلسلة الغارات الإسرائيلية، التى أسفرت عن مقتل الكثيرين معظمهم من الأطفال والنساء، وكرر تحذيره من أن التوغل واسع النطاق فى تلك المدينة، سيؤدى إلى المزيد من الجرائم البشعة.
مع ذلك، لم يتوقف التهديد أو الوعيد الإسرائيلى، وتواترت الأنباء عن استعداد جيش الاحتلال لبدء عملية برية، وعن تخطيطه لنقل قواته تدريجيًا إلى المدينة الحدودية، تمهيدًا لاجتياحها. وذكرت صحف إسرائيلية، أمس الأربعاء، من بينها جريدة «يسرائيل هيوم» أن «عملية اجتياح رفح التى تأجلت لعدة أسابيع بسبب خلافات مع واشنطن» ستتم «قريبًا جدًا». كما جرى تداول لقطات لمدينة خيام، قيل إنها أقيمت لاستقبال من سيتم إجلاؤهم من المدينة، المتاخمة للحدود المصرية، التى يسكنها، حاليًا، أكثر من مليون فلسطينى، فروا من مناطق أخرى بقطاع غزة خلال العدوان المستمر منذ أكثر من ستة أشهر.
إلى الآن، لم يصدر أى تعليق، عن مكتب بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى. لكن نائبة المتحدث باسم جيش الاحتلال كشفت لموقع «الحرة» الأمريكى، عن انتظارهم «الضوء الأخضر السياسى»، وأشارت إلى أن «الجيش الإسرائيلى جاهز لكل السيناريوهات، وأن أى قرار بدخول أى منطقة معينة سيتم تنفيذه على الفور»، لكنها لم توضح، ما إذا كان القرار قد صدر بالفعل من عدمه.
غالبًا، لن يصدر القرار، الذى نكرر أن التلويح به مجرد ورقة ضغط، تحاول بها الحكومة الإسرائيلية تحسين موقفها التفاوضى. والإشارة، هنا، مهمة، مهمة جدًا، إلى أن المصريين، جميعًا، بلا استثناء، أعلنوا، بمختلف الطرق، وما زالوا، عن دعمهم الكامل، والمطلق، لقرارات القيادة السياسية، المساندة للشعب الفلسطينى الشقيق وحقوقه المشروعة، وأكدوا رفضهم القاطع، لتهجير الفلسطينيين، ليس فقط لكونها تخالف قواعد القانون الدولى الإنسانى، ولكن أيضًا لأنها تعنى تصفية القضية الفلسطينية.
.. أخيرًا، ولأن «مصر اليوم فى عيد»، لن نستعرض تبعات، أو عواقب، تجاوز «الخط الأحمر»، مكتفين بالإشارة إلى أن السبيل الوحيد، والأوحد، لتسوية القضية الفلسطينية، هو إيجاد حل جذرى عادل ودائم شامل، يعيد للشعب الفلسطينى حقوقه المشروعة، وفق مرجعيات الشرعية الدولية، وأولاها حقه فى البقاء على أرضه، وإقامة دولته المستقلة، ذات السيادة، على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية.