من القنصلية إلى المفاعلات.. مسار التصعيد بين طهران وتل أبيب
في ظل التوترات المتصاعدة بين إيران وإسرائيل، أعرب رافايل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، عن قلقه من احتمال قيام إسرائيل بضربة انتقامية تستهدف المنشآت النووية الإيرانية.
وجاءت تصريحات غروسي خلال مؤتمر صحفي على هامش اجتماع لمجلس الأمن الدولي، حيث أكد أن المنشآت النووية الإيرانية أُغلقت لأسباب أمنية.
التصعيد الخطير
تأتي هذه التصريحات في أعقاب هجوم إيراني غير مسبوق بالمسيرات والصواريخ على إسرائيل، ردًا على تدمير مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، وقد أكدت إسرائيل أنها وحلفاءها، بما في ذلك الولايات المتحدة، تمكنوا من إسقاط معظم هذه الهجمات، لكن بعضها أصاب قاعدة عسكرية.
الرد الإسرائيلي المحتمل
وأعلنت إسرائيل عن نيتها للرد بقوة على الهجوم الإيراني الأخير، هذا الإعلان يأتي في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متزايدة، ويُعقد الوضع الأمني الهش بالفعل بسبب النزاعات القائمة، بما في ذلك الحرب المستمرة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي.
وتملك إسرائيل سجلًا طويلًا في استهداف المنشآت النووية في الشرق الأوسط، وسبق أن نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية استهدفت منشأة نووية عراقية، وذلك عقب عملية إيرانية فاشلة ألحقت أضرارًا طفيفة بالمنشأة ذاتها، الضرر الذي نجم عن العملية الإيرانية تم إصلاحه لاحقًا بواسطة فنيين فرنسيين.
وتأتي العملية الإسرائيلية لتؤكد على ما يُعرف بـ"عقيدة بيغن" النووية، التي تُعلن صراحةً عن أن مثل هذه الهجمات ليست استثنائية بل هي سابقة يُمكن أن تتبعها كل حكومة إسرائيلية مستقبلية، هذه العقيدة تُشير إلى الاستعداد الإسرائيلي للقيام بعمليات وقائية لمنع انتشار الأسلحة النووية في المنطقة، مُضيفة بُعدًا آخر لسياسة الغموض المتعمد التي تتبعها الدولة.
كما شنت إسرائيل ما أسمته بـ"عملية البستان"، وكانت ضربة جوية إسرائيلية على ما يشتبه بأنه مفاعل نووي في محافظة دير الزور السورية بعد منتصف الليل مباشرة يوم 6 سبتمبر 2007، وزعمت وقتها مقتل 10 عمال كوريين شماليين.
البرنامج النووي الإيراني
البرنامج النووي الإيراني يُمثل نقطة خلاف رئيسية في العلاقات الدولية، خاصةً بين إيران وإسرائيل والقوى الغربية.
وتُعبر إسرائيل عن مخاوفها المتزايدة من أن إيران قد تكون في مسار تطوير سلاح نووي، وهو ما يُعتبر تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
من جهتها، تُصر الدول الغربية على ضرورة فرض رقابة صارمة على الأنشطة النووية الإيرانية لضمان عدم انتقال التكنولوجيا النووية إلى استخدامات عسكرية.
في المقابل، تُؤكد الحكومة الإيرانية أن برنامجها النووي يهدف فقط للأغراض السلمية كتوليد الطاقة والبحث العلمي.
وتُشير طهران إلى التزامها بالمعاهدات الدولية وتُندد بما تعتبره سياسات مزدوجة المعايير من قبل الدول النووية. ومع ذلك، تُواجه إيران اتهامات بإجراء تجارب وأنشطة قد تُسهم في تطوير قدرات نووية عسكرية، مما يُثير الشكوك حول نواياها الحقيقية.
على صعيد آخر، تُتهم إسرائيل من قبل إيران بالقيام بعمليات تخريبية ضد منشآتها النووية، وهو ما يُعد جزءًا من استراتيجية أوسع للحفاظ على تفوقها العسكري في المنطقة، كما تُتهم إسرائيل باغتيال عدد من العلماء النوويين الإيرانيين، في محاولة لعرقلة تقدم البرنامج النووي الإيراني، هذه الاتهامات تُسلط الضوء على الصراع الخفي والمعقد بين الدولتين، والذي يُمكن أن يؤدي إلى تصعيد التوترات في المنطقة.
التداعيات الإقليمية
تُعد المواجهة الأخيرة بين إيران وإسرائيل تصعيدًا خطيرًا يُهدد بتوسيع نطاق الصراع في المنطقة، الهجوم الإيراني الكبير والرد الإسرائيلي المحتمل يُمكن أن يُشعل فتيل أزمة إقليمية شاملة، قد تؤثر على الاستقرار في الشرق الأوسط وتُعقد الجهود الدبلوماسية الرامية للحفاظ على السلام.
المخاوف الأمنية تتجاوز الأبعاد العسكرية لتشمل الآثار الإنسانية المحتملة لأي تصعيد يشمل توجيه ضربات على المنشآت النووية قد تُسبب كوارث بيئية وإنسانية، وتُعرض المدنيين لمخاطر جسيمة، يُطالب المجتمع الدولي بضمان حماية المدنيين والبنية التحتية الحيوية في حالة تجدد القتال.
ويراقب المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والقوى الكبرى، الوضع عن كثب، وسط دعوات متزايدة للتهدئة وإعادة الطرفين إلى طاولة المفاوضات، مؤكدًا أن الدبلوماسية تُعتبر الوسيلة الأكثر فعالية لمنع تصاعد العنف وضمان الأمن الإقليمي.