"مش هنسميه سجن تاني".. كيف تحولت السجون إلى مراكز إنسانية في 10 سنوات حكم الرئيس السيسي؟ (ملف)
السجن إصلاح وتأديب.. مصطلح اشتهر قديما بين نزلاء السجون لاعتيادهم قضاء عقوبتهم خلف الأسوار دون أن تتغير حياتهم للأفضل بل أحيانا كانت تنحدر للأسوأ.. إلا أنه خلال فترتين من حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي اختفى ذلك المصطلح وتحول إلى "إصلاح وتأهيل" واندثرت كلمة "سجن" ليحل بدلا منها مركز وتصبح مراكز الإصلاح والتأهيل ثورة تطوير حقيقية تتلاءم مع حقوق الإنسان.
مركزا إصلاح وتأهيل سوهاج والأقصر
آخر تلك الإنشاءات أصدر بها اللواء محمود توفيق وزير الداخلية قرارا اليوم بإنشاء مركزي إصلاح وتأهيل بنطاق مديريتي أمن سوهاج دائرة قسم شرطة الكوثر والأقصر دائرة قسم شرطة طيبة لاستكمال مسيرة استبدال السجون بمراكز الإصلاح والتأهيل المقامة على طراز فريد وترسخ لاحترام النزيل وصون كرامته خلف الأسوار، مع التوسع في أماكن التريض والمشروعات الإنتاجية، والتي لقيت استحسان من المنظمات الدولية المهتمة بملف حقوق الإنسان، فضلا عن التوسع في الإفراج عن النزلاء من خلال اللجان المختصة، وتخصيص أماكن متحضرة للزيارة.
١٢ مركز إصلاح وتأهيل وإغلاق ٤٠ سجنا
وأنشأت وزارة الداخلية خلال السنوات الماضية حوالي 12 مركز إصلاح وتأهيل نقل إليها نزلاء ٤٠ سجنا تم إخلاؤهم تماما وتسليم مبانيها إلى كل محافظة تابعة لها، ومن أشهر مراكز الإصلاح والتأهيل وادي النطرون وبدر والعاشر من رمضان ومدينة ١٥ مايو بخلاف المقامين في عدة محافظات.
الجمهورية الجديدة
مراكز الإصلاح والتأهيل تحولت لمؤسسات عقابية حديثة ومتطورة، فبمجرد أن تطأ قدمك مراكز الإصلاح والتأهيل التابعة لقطاع الحماية المجتمعية بوزارة الداخلية، تشعر بمدى التطوير والتحديث للمؤسسات العقابية، بما يتلاءم مع الجمهورية الجديدة، في ظل حرص وزارة الداخلية على استخدام فلسفة عقابية جديدة، بناءً على توجيهات اللواء محمود توفيق وزير الداخلية.
داخل مركز الإصلاح تشاهد العديد من المناطق المحيطة مثل منطقة الانتظار الخارجي للسيارات على مساحات ضخمة، وكتيبة التأمين، فضلا عن وجود معارض لمنتجات النزلاء لبيعها بأسعار مخفضة لجمهور المواطنين. والتأمين، ويتكبد النزيل مشقة التنقل.
الرئيس السيسي: مش هنسميه سجن تاني
مراكز الإصلاح والتأهيل تتضمن مفاهيم ومبادئ الجمهورية الجديدة التي دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى بنائها عقب تنصيبه رئيسا للبلاد منذ 10 سنوات، وعملت وزارة الداخلية بكل طاقتها لتطوير مؤسساتها المختلفة وكان من أهم تلك المؤسسات السجون.
وعملت وزارة الداخلية على تغيير مفهوم السجون من منظوره القديم لكى تصبح مؤسسة عقابية متكاملة تهدف إلى تغيير سلوك المذنب وتأهيل مواطن جديد صالح للتعامل مع المجتمع ومفيد للدولة فبدلا من التأديب فقط يكون هناك أيضا التأهيل حتى يخرج مواطنا مناسبا للمجتمع. واستغنت وزارة الداخلية عن سجون الجمهورية القديمة وإحلال مراكز الإصلاح والتأهيل بديلا عنها.
ليس المباني فقط التي تغيرت لكن المعاملة داخل مراكز الإصلاح والتأهيل أيضا حيث وضعت قيم حقوق الإنسان على رأس أولويات التعامل مع النزلاء بالإضافة إلى الاهتمام بتأهيل السجناء وعدم عزلهم عن العالم الخارجى.
وفي إحدى جولاته التفقدية بأكاديمية الشرطة، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن الدولة طوّرت فلسفة العقاب، ما دفعها لإنشاء مراكز الإصلاح والتأهيل.
وأضاف أن منظومة التطوير شملت تغيير المسمى، متابعا: "قررنا إننا مش هنسميه سجن تاني".
وأوضح أن الغرض من ذلك هو تغيير الصورة الذهنية التي كانت سائدة عن السجن في المجتمع، مشيرا إلى تنفيذ برامج داخل مراكز التأهيل والإصلاح، تُحدث تغييرا شاملا سواء في المبيت أو الطعام أو طريقة التعامل معها.
وتابع: "علشان ننجح لازم نقلل احتكاك البشر مع الفكرة.. في النظام القديم كان فيه احتكاك مباشر وفيه ثقافة اتشكلت وكان فيه حاجات غريبة اتعملت أنا معرفهاش".
تطور ووسائل الكترونية
صممت مراكز الإصلاح والتأهيل الجديدة، وفقا لأسلوب علمي وتكنولوجيا متطورة، استخدم خلالها أحدث الوسائل الإلكترونية، كما تم الاستعانة في مراحل الإنشاء والتجهيز واعتماد برامج الإصلاح والتأهيل، على أحدث الدراسات التي شارك فيها متخصصون في كافة المجالات ذات الصلة، للتعامل مع المحتجزين وتأهيلهم؛ لتمكينهم من الاندماج الإيجابي في المجتمع عقب قضائهم فترة العقوبة
وتعد مراكز الإصلاح والتأهيل الجديدة التي شيدتها وزارة الداخلية، نموذجًا متميزًا للمؤسسات العقابية والإصلاحية على المستويين الإقليمي والدولي، وتعكس آفاق التطوير والتحديث والعصرية؛ حيث أن الإستراتيجية الأمنية في إدارة المؤسسات العقابية والإصلاحية، ترتكز على محاور الفلسفة العقابية الحديثة، التي تقوم على تحويل أماكن الاحتجاز التقليدية، إلى أماكن نموذجية، لإعادة تأهيل النزلاء من منطلق أحقية المحكوم عليهم بألا يعاقبوا على جرمهم مرتين، حتى لا تتوقف الحياة بهم وبأسرهم عند ذنب اقترفوه، بما يعد ترجمة واقعية للإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والتي تم إطلاقها مؤخرًا
وتتضمن خطط إعادة التأهيل المطبقة بتلك المراكز العصرية، برامج متكاملة، شارك في إعدادها عدد من المتخصصين في مختلف مجالات العلوم الاجتماعية والصحة النفسية، وتشمل الاهتمام بالتعليم وتصحيح المفاهيم والأفكار، وضبط السلوكيات، وتعميق القيم والأخلاقيات، وصولا لتحصين النزيل من الانحراف مرة أخرى، وحماية مجتمعه من أية خطورة إجرامية محتملة كانت تسيطر على سلوكه
برامج الرعاية الاجتماعية
ولا تقتصر برامج الرعاية الاجتماعية التي تطبق داخل مراكز الإصلاح والتأهيل على النزلاء فقط، لكنها تمتد لأسرهم أثناء فترة عقوبتهم؛ وذلك من خلال إدارة الرعاية اللاحقة، والتي تقوم أيضا بمتابعة حالات المحكوم عليهم عقب الإفراج عنهم
وحرصت وزارة الداخلية في سبيل توفير مقومات إعادة تأهيل النزلاء، على اتخاذ كافة الإجراءات التنسيقية مع الوزارات المعنية، ومن بينها إبرام بروتوكول تعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، يتم بمقتضاه تشغيل المدارس الثانوي "الصناعي والزراعي" بمراكز الإصلاح والتأهيل، وكذا التنسيق مع وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لإعداد أماكن للتدريب والتأهيل على المهن الفنية المختلفة؛ وذلك في إطار برامج علمية قائمة على توجيه طاقة النزيل للمهنة التي يصلح لها، وإتاحة فرص عمل له أثناء فترة العقوبة، بما يعود عليه وعلى أسرته بعائد مالي، يتم توجيهه وفقا لاحتياجاته، والاحتفاظ بجزء منه كمكافأة تمنح للنزيل عند خروجه، تساعده على مواجهة متطلباته المعيشية
طفرة طبية
شهدت مراكز الاصلاح والتأهيل طفرة طبية غير مسبوقة خلال السنوات الماضية، حيث قامت الوزارة بإنشاء مستشفى كبير داخل كل مركز إصلاح وتأهيل تحتوى على كافة التخصصات المطلوبة حتى غرف العمليات المجهزة باحدث المعدات الطبية
ويقوم اطباء مستشفى المركز بتوقيع الكشف الطبى على كل نزيل وقت دخوله ويعمل له كارت صحى للتعرف عما إذا كان يعانى من أمراض ولمتابعة حالة كل نزيل الصحية باستمرار.
رعاية ذوي الهمم
اهتمت وزارة الداخلية بأصحاب القدرات الخاصة داخل مراكز الاصلاح والتأهيل وذلك إعلاء لقيم حقوق الإنسان حيث قامت الوزارة بتوفير عنابر خاصة لأصحاب القدرات الخاصة وذوي الهمم مراعاة لحالتهم الصحية.