الثقافة والأستاذ..
إذا كانت السياسة.. هى فن الممكن، فالثقافة هى فن الممتع والممكن والمستحيل. البداية هى الطفولة.. مرحلة صناعة الوعى وتكوين استراتيجية إنسانية من لحم ودم، ونسيج من البناء والبنيان، يلزمنا بحسن اختيار الطعام الصحى الطازج لأطفالنا، مثلما علينا اختيار الأفكار والتربية على الاخلاق أيضًا.. مع الكثير من الحب والحنان والدفء والأمان.
تربية الضمير هى مهمة الأم بلا منازع، وهى صاحبة عرش قلوب أطفالها، ولقد وصفها الله جل جلاله فى سورة "يوسف" بالشمس.. مصدر العقيدة، "والأب" هو انعكاس لها.
ثقافة المجتمع منذ البداية.. هى التمييز بين الولد والبنت، ولا مانع من قيام الأب بتعنيف الأم نفسها أمام أطفالها، والتطاول على شخصيتها أو عملها بشكل فيه (هزار) ومداعبة غير مستحبة، شكل يوهم بها أطفالها بأنها غير قادرة على فعل أى شيء سوى الأعمال المنزلية وتربية الأطفال والتفرغ التام للشؤن العائلية واصلاح (زراير) القميص التالفة.
هل دور الأم فى المنزل غير هام؟
هل دور المرأة فى المنزل غير هام للرجل؟
أم أنها أدوار.. قد يستبدلها أو يغيرها على مدار الأعوام!
أعتقد بالنسبة لأشباة للرجال الأمر قد يكون يسير، "والأب" لا يترك مسئولية
أما الأم قد يصعب عليك تكرارها لأنها تحمل السر الأعظم منذ الحمل إلى الولادة، وما بينهم من "حبل سُري" و"حبل سِري".. موصول بالقلب والعقل والعين.
إنها الأم.. العظيمة، القادرة رغم كل التحديات من عنف أسرى وثقافة ذكورية أنانية.. ينتج عنها أطفال غير أصحاء نفسيًا واجتماعيًا.
أما ملف العنف ضد المرأة، فبدايته من الطفولة بكل ما تحمله من جينات وعوامل وراثية. علينا أن نقدم المرأة للمجتمع.. شامخة ومصونة ومحفوظ كرامتها بين أطفالها قبل غيرهم. المرأة هى سر قوة أطفالها وأسرتها.
فى حوار مع الأستاذ والفنان والإنسان فؤاد المهندس سأله المحاور المخضرم مفيد فوزى رحمة الله عليهما: هل الإنسان له بطاريات؟
أجاب المهندس: الحنان والراحة النفسية.
سأله مفيد فوزى: والحب والطمأنينة.
رد عليه فؤاد المهندس: طبعا والدلع، أنا أتدلع.. ابقى كويس.. إنت عارف أنا بدلع نفسى كل يوم، وأبص فى المرايا لنفسى، وأبص لعينى وأبص لمناخيرى، وأقول: إيه الحلاوة دى.. هتعمل إيه النهاردة يا فؤاد. أنا بدلع نفسى.. الحنان بيدينى طاقة، الدلع بيدينى طاقة، الحب بيدينى طاقة.. كل الحاجات الأمنة ديه.. اللى فيها رفاهية.. العواطف هى سر قوتى فى الحياة.
رد عليه مفيد فوزى، وقال: أنا بحاول أكتم انفعالاتى لأنى مش متخيل إطلاقًا أن فؤاد المهندس.. هذا القمة المصرية العربية.. بيدلع نفسه؟ يعنى فؤاد المهندس مفيش حد يطلع كل اللى فى قلبه من مخزون؟
رد عليه فؤاد المهندس بوجع: أنا ملقتش حد.. مفيش حد بيستنانى على الغدا. وهنا بكى فؤاد المهندس وعيط بصوت، وشعر بوحدة قاتلة.. انعكست عليه وعلى ملامحه. وقال بصوت مرتعش: أمى كانت بتدلعنى، وأبويا وكل القريبين منى عارفين إنى بنتج.. لما أحس بالحنان والأمان والدفء.. ولكن فجأة ملقتش كل ده، ولقيت نفسى وحيد.. آكل لوحدى وأشرب لوحدى.. وكل حاجة بعملها لوحدى..
سأله مفيد فوزى: يعنى لما زراير قميصك بتنقطع.. مين بيعملهالك..
رد فؤاد المهندس بكسره: ما بلاش السؤال ده.. بلاش..
نقطة ومن أول الصبر..
الإنسان فؤاد المهندس بعد مسيرته الفنية العظيمة، وفى عز نجوميته وشهرته ونجاحه ومجده.. مفيش حاجة عوضته عن الأم.
يبحث الإنسان دائمًا عن الحب والاهتمام.. مهما كبر سنه، ومهما نجح فى حياته.. كل إنسان.. يحتاج لشحنة معنوية من أشخاص يحبهم، يقولون له: متخافش.. إحنا جنبك.. مهما كانت قوة شخصيته ودرجة صلابته.
المرأة "وطن"، والوطن.. لا يهان ولا يخان..