النجاة من الفخ
وأنت تقرأ هذه السطور، يكون الرئيس السيسى قد بدأ فترة رئاسية جديدة يواصل فيها خدمة وطنه وشعبه، والحقيقة أن العشر سنوات التى مضت من حكم الرئيس يمكن أن تحمل عنوانًا عريضًا، هو «النجاة بمصر من الفخ أو من الفخاخ المتنوعة».. وأول الفخاخ التى نجت مصر منها كان فخ الحرب الأهلية التى كان الإخوان والارهابيون جاهزين لإشعالها، ويقنعون أنصارهم بها وفق السيناريو الذى تم تنفيذه فى كل الجمهوريات العربية الأخرى، لكن الرئيس السيسى منذ كان وزيرًا للدفاع عمل على النجاة بمصر من الفخ، وقاد القوات المسلحة لمساندة الشعب فى ٣٠ يونيو، وضرب بيد من حديد على يد الإرهاب، وخاض حربًا طويلة ضد الإرهابيين انتهت بعد تضحيات بنجاة مصر من فخ الحرب الأهلية والإرهاب معًا.. وكان ثانى الفخاخ التى نجا الرئيس بمصر بها، هو فخ «الحرب الخارجية»، حيث كانت هناك استفزازات مختلفة فى الغرب حينًا، وفى الجنوب حينًا، وفى الشمال الشرقى حينًا، وكان هناك عملاء يحملون الجنسية المصرية بالاسم يتولون تسخين الأجواء، ودق طبول الحرب واللعب على عواطف المصريين، وكان ذلك دورًا مرسومًا لهم بهدف جر مصر لشر الحرب، ولكن الرئيس تعامل مع كل حالة بما يجب، واستخدمت الدولة المصرية أدواتها المختلفة والشاملة، والنتيجة أن مصر ظلت واحة أمان فى محيط ملتهب، وأن مياه النيل تملأ بحيرة ناصر ومفيض توشكى وتفيض، وأن التحديات فى الغرب انقلبت إلى تحالفات تعزز المصلحة الوطنية، وأن مصر نجت من فخ الحرب الذى كانوا يريدون إيقاعها فيه بجدارة، أما ثالث الفخاخ التى نجت منها مصر، فهو فخ الركود الاقتصادى وتباطؤ التنمية الذى كان طابع البلاد منذ نكسة يونيو ٦٧، مع استثناءات عابرة لا تكتمل، ثم تعزز الركود بعد ثورة يناير ٢٠١١، وكان المخطط أن تستمر مصر فى هذه الحالة من عدم التنمية التى تؤدى لاستمرار الفقر، وانعدام الأمل، واكتساب الجماعة الإرهابية مزيدًا من الشرعية نتيجة عجز الدولة عن التنمية، وقد خاض الرئيس مخاطرة كبرى بتسريع معدلات البناء والتعمير لمئات الأضعاف، وتوسع فى الحصول على التمويل، وكان لسان حال مصر يتمثل فى بيت الشعر القائل «ويفوز باللذات كل مجازف ويموت بالحسرات كل جبان»، ورغم الصعاب المعروفة تم البناء بالفعل ولم تتخلف مصر عن سداد قسط واحد من التزاماتها، واستوعبت المشروعات خمسة ملايين عامل مصرى، وزرعنا بذورًا وأشجارًا سيحصد ثمارها أبناؤنا وأحفادنا بكل فخر، أما الفخ الرابع الذى نجونا منه رغم أنف أعدائنا، فهو فخ الانهيار والتوقف عن سداد الالتزامات وشح الدولار، وقد خرجت منه مصر بفضل الأداء السياسى للرئيس، ووزن مصر الإقليمى، وإمساك مصر بمفاتيح القوة فى الإقليم، وهو أمر يحسب للرئيس السيسى ومؤسسات الدولة بكل تأكيد، أما الفخ الخامس الذى نجونا منه، فهو فخ الجمود السياسى بفعل المواجهة مع الإرهاب وانحسار العمل السياسى، وقد كان ذلك أمرًا واقعًا فى سنوات الحسم مع الإرهاب، لكن مصر نجت منه مع إطلاق الدعوة للحوار السياسى واستيعاب أحزاب الحركة المدنية، وبدء تطبيق مخرجات الحوار الوطنى، وفتح الباب للاستعانة بخبرات كل المصريين الذين يلتزمون بمظلة الوطن؛ حتى لو عملوا فى عهود سابقة؛ ما دامت صفحتهم نظيفة، وهى سياسة احتوائية تجميعية أدت لنجاة مصر من فخ الجمود والأوليجاركية، ووسعت مظلة المشاركة لتضم كل مصرى مخلص.. والحقيقة أن تأمل هذه الفخاخ الخمسة التى نجت منها مصر يجيب عن السؤال: لماذا اختار المصريون الرئيس دون غيره لقيادة مصر فى المرحلة الحرجة عقب ٣٠ يونيو ٢٠١٣، ولماذا منحوه ثقتهم لفترة رئاسية جديدة يواصل فيها النجاة بمصر من فخاخ الأعداء ويدعم فيها ركائز الاستقرار والوحدة الوطنية ويصل فيها بمصر إلى المكانة التى تستحقها بين الأمم؟