استفاد من الثورة وعاد للمسرح السكندرى بعد فشله.. حكايات عبدالحليم حافظ
في كتابها "مذكرات حليم كما يرويها بصوته" أوردت الناقدة الراحلة إيريس نظمي العديد من الحكايات عن العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ.
وقال عبدالحليم حافظ: "وافقت لجنة الإذاعة على أغنية لي وهي أغنية "يا حلو يا أسمر" تلحين محمد الموجي، وقتها فكرت في تغيير اسمي من عبدالحليم شبانة لاسم فني، فاقترح علي كمال الطويل اسم عبدالحليم حافظ نسبة لحافظ عبدالوهاب الذي وقف بجانبي كثيرًا فوافقت.
وأكمل: "بعد الأغنية أصبح حليم يغني في ليالي زفاف الأصدقاء على عزف الموجي، وفي مرة أخبره حافظ أن الموسيقار عبدالوهاب يريد مقابلته: ذهبت إليه في مكتبه بالتوفيقية، وطلب مني أداء أي أغنية وسألني: "هل تحفظ شيئًا لي"، فغنيت ليه واحدة من أغانيه فأعجب بها جدًا وقال لي: "أتوقع لك مستقبلًا كبيرًا".
ويواصل: "بعد إذاعة أغنية لقاء فوجئ عبدالحليم باتصال من المعلم صديق أشهر متعهد حفلات: "عرض علي 5 جنيهات لأغني في الإسكندرية ووافقت وعندما وقفت على المسرح قررت غناء "صافيني مرة"، وصرخ الجمهور: "انزل.. انزل"، كانت ليلة أليمة بكيت فيها، رغم أنني حاولت كثيرًا مع الجمهور، وطلب منه المتعهد تقليد عبدالوهاب ورفضت تمامًا.
ويتابع: "كانت الانفراجة في احتفالات عيد الثورة عام 1953، كان وجيه أباظة هو المشرف على الحفلات، بمناسبة مرور عام على إعلان الثورة ذهبت إليه وطلبت الغناء، ووافق أباظة، كان المسئول عن تنظيم الحفل هو الفنان يوسف وهبي، ووجدت أنه وضع اسمي للغناء في الواحدة ليلًا، فصرخت وقلت لا ليوسف وهبي، وطلبت أن أغني في الثانية عشرة، وتحت إلحاحي وافق وهبي، ولحسن حظي وقبل أن أغني بساعة واحدة خرج نبأ إعلان الجمهورية، وكانت عاصفة من التصفيق، وخرج يوسف وهبي ليقول ومع إعلان ميلاد جمهورية مصر نقدم لكم ميلاد مطرب جديد هو عبدالحليم حافظ، وغنيت "صافيني مرة" وكان التصفيق كبيرًا، وتشاء الظروف بعدها أن يطلبني المعلم صديق متعهد الحفلات على نفس المسرح الذي شهد فشلي، وعرض علي مائة جنيه، وكان تحديًا وذهبت وغنيت ولكن هذه المرة كان استقبالي حافلًا ونجح الحفل نجاحًا كبيرًا.
يكمل: "التقيت بعدها بموسيقار الأجيال وطلب مني كتابة عقد لتسجيل أسطوانات، ويتضمن العقد احتكاري للسينما لمدة عامين مقابل كل فيلم وكل أسطوانة 500 جنيه، ووقعت العقد، والذي حدث أنه بعد أن اشتهرت جاءني المنتج إبراهيم عمارة وعرض علي ألف جنيه لبطولة فيلم أمام شادية، كان عقد عبدالوهاب يكبلني لكنني لم أقم ببطولة ولا فيلم معه فوافقت على عرض إبراهيم عمارة، وقمت ببطولة "لحن الوفاء"، وغضب عبدالوهاب جدًا، وكان أول خلاف بيني وبينه.
يواصل: "أثناء تصويري للفيلم طلبني المخرج حلمي حليم لبطولة فيلم "أيامنا الحلوة" مع فاتن حمامة، وكان الفيلم سببًا في توطيد علاقتي بعمر الشريف، ولكن وأثناء التصوير فاجأني أول نزيف وظللت بالمنزل فترة قبل أن أعاود نشاطي، وانتهينا من التصوير، وعرض "لحن الوفاء" و"أيامنا الحلوة" في وقت واحد، وبعد العرض الأول كان النجاح الباهر في انتظاري، وقابلت عبدالوهاب وذكرني بالعقد وطلب مني بطولة فيلم لكنه سيغير العقد فأنا كنت أتقاضى آلاف الجنيهات والعقد كان بـ500 جنيه، لكني رفضت ذلك وقلت له: "إنها مسألة مبدأ"، وقدم لي عبدالوهاب ألحان "توبة" و"أنا لك على طول"، وحقق فيلم "أيام وليالي" إيرادات عالية وتلاه فيلم "بنات اليوم".
ويتابع: "كان النزيف يداهمني في أوقات متفرقة، إلى أن وصل لمرحلة الخطر أثناء تصوير فيلم "معبودة الجماهير"، وتوقف التصوير أكثر من مرة، ومرت شهور والعمل لم يكتمل، وسافرت لندن وقال لي الطبيب إنني مخير ما بين إجراء عمليتين، الأصح فيهما ستترك تأثيرًا على صوتي، فرفضتها وأجريت الثانية والتي كانت عبارة عن استئصال ضلع من ضلوعي، واستغرق إجراء العملية ست ساعات، ومن لندن إلى سويسرا حيث أقمت 3 أشهر، وشعرت بالراحة لبعض الوقت لكن النزيف عاد لي مرة أخرى، قررت الرجوع للقاهرة وقابلت وقتها موسيقار الأجيال وتحدثنا عما يحدث معنا من شركة كايرو فون للأسطوانات فعرض علي أن أكون شريكًا في شركة أسطوانات، وخرجت "صوت الفن" إلى النور، وقدمت الشركة العديد من الأغنيات والأفلام، وكان فيلم "الخطايا" و"أبي فوق الشجرة"، ونجح الفيلم وانتهى عرضه وهو في قمة نجاحه.