"موسى" يكشف أهمية "يحيى وكنوز" و"مليحة"
فيما عدا الاسم، فإن كل شىء فى فيلم «موسى» يشى بأنه مشبوه.. «موسى» فيلم وثائقى أذاعته شبكة «نتفليكس» مؤخرًا عن قصة خروج اليهود من مصر استنادًا لسفر الخروج فى التوراة، يمكن القول إن الفيلم ترجمة سينمائية للرواية التوراتية بعد تحميلها بمضامين سياسية منحازة؛ بهدف خدمة الرواية الصهيونية للتاريخ، أولى العلامات التى تؤكد أن الفيلم مشبوه هو توقيت صناعته وعرضه، فهو يأتى كعملية تجميل عاجلة لدولة يدينها العالم كله أخلاقيًا، وتحمل حكومتها فى رقبتها دماء ٣٤ ألف مدنى فلسطينى وعشرات الآلاف من الضحايا، وتقوم بتجويع شعب كامل وعقابه جماعيًا بشكل يندر أن يتكرر فى التاريخ، وثانى العلامات التى تؤكد أن الفيلم مشبوه أنه يجعل من مصر والحضارة الفرعونية العظيمة هدفًا مباشرًا له بالتشويه والكذب والتجنى دون الاستناد لحقيقة واحدة تاريخية، ودون الاستناد لرأى عالم آثار مصرى كبير؛ اللهم إلا شخصين مجهولين كانا يفسران الرواية التوراتية وكأنها حقيقة تاريخية، وهذا كذب وتدليس علمى واضح يستحق أن تتخذ الجامعات التى يعملان فيها موقفًا منهما، وأن تحقق معهما بتهمة التدليس العلمى، وثالث علامات الشبهة على فيلم «موسى» أنه يدعى كذبًا أن رمسيس الثانى أعظم حكام مصر هو فرعون الخروج، وهذا هراء تاريخى ويعيد صياغة شخصيته لتبدو معادلًا تاريخيًا لشخصية المستشار الألمانى «أودلف هتلر»، ويعيد صياغة حدث هروب اليهود من مصر بعد سرقة حلى المصريات- هكذا قالت التوراة- على أنه معادل تاريخى لتأسيس اليهود لدولة إسرائيل على أراضى شعب فلسطين فى ١٩٤٨، بعد سنوات من التحايل والتآمر وسرقة الأراضى وبناء المستوطنات وحشد الدعم والتأييد، من العلامات التى تؤكد أن موسى فيلم مشبوه، أن نتفليكس التى تقدم نفسها كمنصة تقدمية، تتبنى أفكار اليسار الأمريكى ومعايير الصوابية، وتتطرف فى هذا بإتاحة الفرصة لكل غث ومخالف للطبيعة تتحول فى هذا الفيلم لمنصة رجعية تنشر فيلمًا دينيًا مكانه العرض فى المعابد اليهودية والكنائس المتصهينة، وتمتلئ أحداثه بأفكار خرافية، مثل اللعنات العشر التى أصابت المصريين حتى يسمحوا لليهود بالخروج مثل «الضفادع» و«القمل» و«موت الابن البكر».. وهذه أفكار نؤمن بها لو وردت فى كتب سماوية سليمة وغير محرفة، فالقرآن يخبرنا عن تحريف اليهود لكتبهم، وعشرات العلماء يحدثوننا عن كون التوراة- بصورتها الحالية- كتابًا سياسيًا خرافيًا تمت كتابته بعد رحيل نبى الله موسى بعشرات السنوات، ولم ينزل محفوظًا من السماء.. والحقيقة أننى شعرت بغيظ شديد بعد مشاهدة الفيلم الرخيص الذى يهدف لاستخدام الرواية الدينية لخدمة أهداف سياسية، ويضع مصر هدفًا دائمًا لعداء الصهيونية، التى تعرف أن مصر هى الوحيدة القادرة على تهديد الدولة الإسرائيلية وهز استقرارها وتغيير معادلات القوة حولها وفى داخلها، يدعى الفيلم المشبوه كذبًا أن خروج اليهود من مصر كان بداية انهيار الحضارة المصرية القديمة، وهذا كذب كبير، فقد استمرت الحضارة المصرية سنوات طويلة بعد هذا الخروج المزعوم، وحتى بعد نهاية عصر الأسرات الثلاثين فرضت مصر طابعها على القوى التى احتلتها، فاعتنق البطالمة ديانة المصريين وصاروا فراعنة مصريين، واستمر الأمر مع غيرهم بشكل أو بآخر.. فيلم «موسى» باختصار هو نفثة حقد صهيونية فى وجه مصر، وهو ليس أول الأعمال الصهيونية ولن يكون آخرها.. لذلك سعدت جدًا وأنا أقرأ مراجعات نقدية عن مسلسل الأطفال «يحيى وكنوز»، وكيف أنه يعيد رواية قصة الملكة العظيمة كليوباترا للأطفال ردًا على عمل مشبوه آخر أذاعته منصة نتفليكس أيضًا، وسعدت أكثر بإذاعة حلقات مسلسل «مليحة» الذى يروى طرفًا من التغريبة الفلسطينية، ودور ضابط مصرى فى مساعدة بطلة العمل على دخول أرضها، وربما يساعدها فى استردادها أيضًا فى المستقبل القريب بإذن الله.. لا فن بدون وجهة نظر سياسية يتبناها ويدافع عنها، وهذه هى أهمية إنتاج الشركة المتحدة لهذه الأعمال.. فتحية لها على دورها.