سيرين خاص: بكاؤنا على فلسطين ضمن الأحداث حقيقى.. والمصريون احتضنونى
- القصة تجسد حياتى وواقع جرائم الاحتلال الصهيونى وإسرائيل قتلت أصدقائى
- المسلسل رصد تفاصيل واقعية عايشناها فى طفولتنا ونحكيها إلى الأجيال الحالية
- الشركة المتحدة دعمتنى وحاولت تقديم عمل يليق بحجم مصر والقضية الفلسطينية
- روجينا قالت لي: هتكسري الدنيا.. وأشرف زكي اعتبرني من أفراد الأسرة
- حنان سليمان احتضنتنى وشعرت فى اللوكيشن بمشاهد صادقة مليئة بالحب
استقبل الجمهور المصرى والعربى الفنانة الفلسطينية سيرين خاص، بمحبة كبيرة، بعدما أظهرت أداءً تمثيليًا مميزًا فى مسلسل «مليحة»، أول عمل لها فى مصر، الذى يرصد قصة أسرة فلسطينية تحاول العودة إلى وطنها من جديد.
«الدستور» أجرت حوارًا مع «سيرين»، قالت خلاله إنها لم تستطع التفريق بين الواقع والتمثيل حينما كانت تتحدث عن فلسطين، مؤكدة أن بكاء الممثلين خلال العمل كان حقيقيًا.
وأكدت أن نقيب الممثلين، الدكتور أشرف زكى، وزوجته الفنانة روجينا، سانداها بقوة، وكذلك كل العاملين معها فى العمل.
■ بداية.. كيف جرى ترشيحك للمشاركة فى هذا العمل؟
- جاءت دعوتى للانضمام إلى المسلسل عن طريق أحمد الزغبى، المدير التنفيذى للتمثيل، بعد عرض فيلمى «علم» ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى. بعد مشاهدته الفيلم تواصل معى وأبدى اهتمامه بمشاركتى فى المسلسل، وهذا يعتبر أول عمل فنى لى فى مصر.
■ ما العوامل التى أقنعتك بالمشاركة فى هذا العمل؟
- أثارت فكرة تناول قضية فلسطينية فى العمل الفنى اهتمامى بشكل كبير. إضافة إلى ذلك، شعرت بأننى من خلال هذا العمل يمكننى التعبير عن حبى وولائى لوطنى، والمساهمة بطريقة ما فى دعم القضية الفلسطينية. شخصية «مليحة» التى تجسدت فى العمل تشابهت بعض الشىء مع تجربتى الشخصية، خصوصًا فيما يتعلق بمشاعر الغربة والتعرض للمضايقات خارج بلدى.
«مليحة» تشبهنى لأننى خرجت من فلسطين وأنا صغيرة وذهبت لمصر وليس إلى ليبيا، كما هو موجود فى قصة المسلسل.
وبالعودة لمسلسل «مليحة»، «عجبنى أوى» ما قيل فى السيناريو عندما سأل طفل صغير: «كيف ساعدتهم أوروبا رغم ما فعلوا؟»، وكان الجواب بأن هؤلاء ومعهم أمريكا أوجدوا اليهود هنا ليمنعوا أن تقوم الدول العربية وأن تكبر وتعود لمجدها وقوتها مرة أخرى، فهم ليس لديهم أى موارد وفقراء للغاية، وبدوننا لن يكون لهم أى اعتبار فى العالم، وهذا الحوار أسعدنى كثيرًا فى المسلسل.
■ كيف استقبلت ردود الأفعال بعد عرض الحلقات الأولى من المسلسل؟
- كانت ردود الأفعال إيجابية بشكل عام بعد عرض الحلقات الأولى من المسلسل. لاحظت تفاعلًا جيدًا من الجمهور والمشاهدين على منصات التواصل الاجتماعى، ما يشير إلى فهمهم الواقعية التى حاولنا تقديمها فى العمل.
■ ماذا عن ردود الأفعال التى جاءتك من أهلك فى فلسطين؟
- لقد ابتهجوا كثيرًا بالقصة، لأن ما عُرض فى الحلقة الأولى يعكس واقعنا فى فلسطين دون تغيير. الحقيقة هى أنه فى فلسطين كنا مرحبين بوجود اليهود فى أرضنا، بينما لم يكن لهم الترحيب نفسه فى أوروبا. كان اليهود أصدقاء لنا ولم نؤذهم أبدًا، ولكن بعد ذلك سرقوا منازلنا فى اليوم التالى لترحيبنا بهم.
منذ ذلك الحين، وحتى اليوم، يحاولون سرقة وطننا بأكمله من خلال القتل والاضطهاد، ومع كل ذلك فإن الأرض لنا وستظل لنا إلى الأبد. لذا، كانت ردود الأفعال جيدة جدًا، وأحب الفلسطينيون شخصية «مليحة» وأشادوا بمشهد مع السيدة ألطاف «ديانا رحمة» حول فكرة العودة مرة أخرى. وللعلم، أنا مقيمة فى فلسطين وحضرت إلى مصر لتصوير المسلسل.
اليهود أقاموا الكثير من المؤتمرات الدولية ليكون لهم مكان، مع العلم أن اليهود العرب لم يكن لديهم أى مشكلة فى وطننا.
■ رأينا رسائل عديدة خلال العمل تتعلق بالقضية الفلسطينية، مثل «المفتاح».. هل تستطيعين التحدث عن ذلك؟
- المفتاح هو رمز للعودة، وتلك التفاصيل الصغيرة كانت مكتوبة فى السيناريو. كانت هناك مناقشات بيننا وبين صانعى العمل لضبط التفاصيل بشكل يتناسب مع حياتنا فى فلسطين. الجميع كان يرغب فى تقديم شىء صحيح بنسبة ١٠٠٪، وكان الهدف الوحيد تقديم العمل بأفضل شكل ممكن. كانت الفكرة قريبة جدًا من حياتى الشخصية، حيث كنت أحاول الخروج من بلدى بسبب الحرب ومن ثم العودة مرة أخرى. فكل مشكلة فى الغربة تجعلنا نتمنى العودة لوطننا، حتى فى وجود حروب دموية.
■ هل تعرضت لمواقف أثرت فى نفسيتك خارج وطنك فلسطين؟
- بالطبع نعم، كانت هناك مواقف عديدة أثرت كثيرًا فى نفسيتى، مثل عدم معرفة الناس بقضيتنا أو ثقافتنا أو حتى اللهجة. وكلما ذهبت إلى أى مكان شعرت بأننى ضيفة. كانت هناك أيضًا لحظات من الحب الشديد، ولكن كل ذلك جعلنى أفكر فى وطنى بشكل أعمق.
■ كيف كانت أجواء التصوير؟
- كان الممثلون المصريون رائعين وداعمين لى بقوة، خاصة أن هذا أول عمل لى فى الدراما التليفزيونية، وكذلك أول عمل لى فى مصر.
الجميع فى «اللوكيشن» كان يتحدث معى حول فلسطين لأخذ معلومات حقيقية منى عن دولتنا، وكل شخص فى «اللوكيشن» كان حابب فكرة العمل وصناعة محتوى يتناول القضية الفلسطينية، كما أن الممثلين الفلسطينيين فى العمل، ومنهم الممثلة ديانا رحمة، حدث بيننا تناغم كبير سيراه الجمهور فى حلقات المسلسل المقبلة.
أتذكر أن الدكتور أشرف زكي كان ودودًا جدًا معي، واعتبرني فردًا من أفراد أسرته، كما تحدثت معي روجينا وشجعتني ودعمتني أيضًا وقالت لي، أنتِ هتكسري الدنيا، وهما يدركان أنني قد أكون خائفة لأنه العمل الأول.
وخلال التصوير كان بكاء الممثلين حقيقيًا، من قلبهم وليس تمثيلًا إطلاقًا، فكان التمثيل هو واقع نعيش فيه.
■ ما أصعب مشهد؟
- كل المشاهد صعبة، وسيرى الجمهور ذلك فى الحلقات المقبلة، وشعرت بإرهاق خلال العمل لأنى أمثل بشكل واقعى؛ فكنت أفكر فيما يحصل بأرض الواقع، وهذا أرهقنى كثيرًا.
قبل التصوير كنت أشاهد ما يحدث بالواقع، وأعود للعمل، وهو ما يجعلنى أمثل بشكل حقيقى، وهذا يدخلنى فى شعور غريب بين الواقع والتمثيل.
■ على المستوى الشخصى كيف عانيت من الاحتلال؟
- جميعنا عانينا من الاحتلال، فجدى وجدتى عملا صحفيين مع الأمم المتحدة ومع سياسيين، ووالدتى عملت مع الأسرى الفلسطينيين، والحمد لله لم يمت أحد من أفراد عائلتى، لأن عائلتنا صغيرة من غزة، ومنذ وقت النكبة والجميع سافر إلى الخارج.
البعض سافر لأمريكا والبعض للكويت والأردن وكندا، وعائلتى «خاص» خرجت من غزة من وقت النكبة الثانية، لكن لدىّ أصحاب توفوا وهم صغار.
كان لى صديق، دخل شقيقه حبس الاحتلال، فقرر أن يذهب إلى المعبر ويرمى الطوب عليهم، ليتم ضربه بالنار واستشهاده.. الآن مثلًا لدىّ أصدقاء كثيرون لا أستطيع رؤيتهم، وأحاول طوال الوقت أن أطمئن عليهم.
المعاناة لا تنتهى، وأتذكر موقفًا أثر فىّ كثيرًا، وذلك قبل خروجى من غزة وقت القصف، كانت أمى تنزلنى أسفل الكرسى حتى لا أتعرض للقتل، وتعرضت لمشاكل نفسية كبيرة بسبب تلك المواقف، وبعد ذلك علمت أن هناك امرأة كانت تخبئ ابنتها تحت الكرسى أيضًا إلا أنها توفيت بسبب الدخان ولم تستطع النجاة مثلما حدث معى.
هذا الموقف جعلنى أفكر لماذا عشت ولماذا ماتوا هم، وأشعر بأحاسيس متضاربة حول حزنى على وفاتهم وحزنى على حياتى، فأنا الآن أشعر بالذنب إذا أكلت وإذا نمت بشكل جيد.
وجودى فى مصر يحمل رسالة، وهى أننى أحاول بكل ما أستطيع أن أقف بجانب وطنى وأن أظهر حقيقته وحقيقة الاحتلال للعالم.
الاحتلال لن يكون موجودًا فى المستقبل، حتى إذا كانوا أكثر قوة تكنولوجية، فقد أصبحوا مكروهين فى كل العالم وليس لهم مكان يذهبون إليه أو يحتمون فيه.
■ كيف كان التعاون مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية؟
- شركة محترمة للغاية، ووفرت كل سبل النجاح للعمل، وتعاملت معى بشكل محترم وجميل أسعدنى جدًا، وكانت متفاهمة وتتعامل معى بكل حب، ووجدت دعمًا كبيرًا منها ومن كل الأطراف.
■ هل انتهيت من تصوير العمل؟
- لم أنته من التصوير، وتتبقى لدينا عدة أيام، وأتمنى أن يجد العمل الصورة التى نحاول تقديمها وأن تصل رسالته بشكل واضح للجميع.
■ قبل الانضمام إلى «مليحة»، كيف كانت تجربتك الفنية؟
- لقد عملت فى المجال الفنى لفترة طويلة، ولكن كانت أول تجربة تمثيلية لى عام ٢٠٢٠ من خلال فيلم «علم» للمخرج فراس خورى. يتناول الفيلم قصة مجموعة من الأصدقاء فى المدرسة يحاولون رفع علم فلسطين فى المدرسة، الأمر الذى يعتبر غير قانونى. تم عرض الفيلم فى مهرجان القاهرة وحاز على ثلاث جوائز، وهذه كانت أول تجربة لى فى عالم التمثيل.
■ كيف كانت حياتك الدراسية والمهنية قبل دخولك إلى مجال الفن؟
- إضافة إلى التمثيل، أمتلك مع شقيقتى «فاشون براند»، حيث نقوم بتصميم الأزياء المستوحاة من التراث الفلسطينى وصناعتها بأشغال يدوية من قبل نساء فلسطينيات.
يهدف مشروعنا إلى خلق وعى حول الثقافة الفلسطينية والمحافظة على الصناعات اليدوية فى فلسطين. بالإضافة إلى ذلك، لدىّ مشروع آخر يتعلق بتجميد الأموال لتمويل مشاريع هادفة لصالح الشعب الفلسطينى. كل ما أقوم به فى حياتى يعبّر عن الوعى والثقافة حول فلسطين، وهذا يعتبر واجبى الوطنى. كما أننى أسافر إلى أوروبا وأتحدث عن فلسطين والمشاكل التى تواجهها، مثل احتلال فلسطين والعنصرية، وكيف تعانى الأجيال الحالية.