ماذا يفعل بنا الموظفون؟
قادتنى قدماى إلى جولة مشى مفتوحة بدأت بطريق الأشراف فى القاهرة التاريخية القديمة، يبدأ طريق الأشراف من ميدان السيدة نفيسة، رضى الله عنها، ويخترق القاهرة القديمة حتى ميدان الحسين، رضى الله عنه وأرضاه.. يسميه الناس «بقيع مصر» لأنه يضم أضرحة أكبر عدد من آل البيت فى مصر، مثل السيدة سكينة والسيدة رقية والسيدة عاتكة والسيد محمد الأنور، وكلهم من أبناء وأحفاد الحسن بن على، رضى الله عنه. أولى ملاحظاتى كانت أن الشارع تم نقله نقلة كبيرة جدًا واختلف تمامًا عن آخر زيارة قمت بها منذ ثلاث سنوات، فقد تم تبليط الشارع بالحجارة، وتم دهان واجهات البيوت بلون واحد، مع ترميم ما هو ضرورى، وإضاءة الشارع.. التطوير جزء من مشروع كبير لتطوير القاهرة التاريخية يحمل الكثير من الخير لمصر ويضع القاهرة فى المكانة التى تستحقها... لماذا أكتب هذا المقال إذن؟ لأنه دائمًا لدينا مسافة بين الحلم والواقع.. الحلم يحلّق بأجنحة فى السماء، لكنه عندما ينزل إلى الأرض يعانى من التعثر على أيدى الموظفين ومن لا يؤمنون بالحلم.. من المنطقى طبعًا أن يكون مرور السيارات ممنوعًا فى شارع بمثل هذه الأهمية التاريخية، خاصة أن الدولة بلّطت أرضية الشارع بنوع خاص من الحجارة، وبالفعل هناك حاجز حديدى وأنيق فى أول الشارع مكتوب عليه لافتة «ممنوع دخول السيارات بتاتًا» لكن هذا الحاجز الأنيق والضخم مفتوح على مصراعيه بفعل فاعل، ولا يوجد موظف واحد يراقبه أو يشرف عليه، أو يطمئن على التزام المواطنين بتنفيذ التعليمات، والنتيجة أن الشارع الأثرى ملىء بكل أنواع «التكاتك» والسيارات النقل الصغيرة والملاكى، ليتحول من شارع أثرى أنفقت الدولة مبالغ طائلة لترميمه إلى شارع عادى تتكوم القمامة على جانبيه للأسف الشديد لأن بيوت الشارع مسكونة بالناس العاديين، وهذه معضلة كبيرة فى القاهرة الفاطمية كلها، لكن أضعف الإيمان أن نضيف إلى ما أنفقنا ميزانية بسيطة لشركة أمن جادة تتولى حراسة الشارع وتنظيفه ومنع السكان من ارتكاب مثل هذه المخالفات السخيفة التى تهدر الجهد العظيم الذى بذل فى تطوير الشارع، ولعل ما دفعنى للكتابة أن ما حدث فى شارع الأشراف هو نفس ما حدث فى شارع المعز، سرة القاهرة الفاطمية، والذى تم تطويره قبل شارع الأشراف بعدة سنوات، حيث تخترقه سيارات النقل والتكاتك، وهو ما يهدد سلامة الآثار ويقلل من عمرها الافتراضى ويلغى فكرة الطابع السياحى للشارع.. نريد من الحكومة أن تبذل المجهود الكافى للاطمئنان إلى أن الحلم يستطيع أن يسير على قدميه على الأرض لأن إهمال بعض الموظفين وعدم وعى بعض المواطنين يقطع أرجل الحلم ويعوقه عن السير بدلًا من أن يحلّق معه فى السماوات.