الهجرة الشرعية
فى اليوم التالى مباشرة لتوقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبى نشرت المواقع الإخبارية الخبر التالى «ألمانيا تتساهل فى شروط منح الجنسية لتعويض النقص فى عدد سكانها».. تقول تفاصيل الخبر إن ألمانيا- أقوى اقتصاد أوروبى- تستعد لمواجهة أزمة كبيرة خلال سنوات قليلة، هذه الأزمة لها علاقة بقلة عدد المواليد الألمان خلال العقود الأربعة الأخيرة، كان من نتائج هذا أن هناك مئات الآلاف من العمال والموظفين سيخرجون على المعاش خلال السنوات المقبلة دون أن يكون هناك من يحل محلهم، الحكومة الألمانية فكرت فى أن التساهل فى منح الجنسية الألمانية للمهاجرين قد يعوض هذا النقص فى عدد السكان، وبدأت بالفعل فى تخفيض عدد سنوات الإقامة اللازمة قبل منح الجنسية من ثمانى سنوات إلى خمس سنوات فقط، والهدف هو منح الجنسية الألمانية لـ٤٠٠ ألف مهاجر أجنبى لألمانيا كل عام.. هل لهذا الخبر علاقة بنا فى مصر؟ نعم له علاقة بنا لأن هناك بالفعل بدايات تعاون مع الجانب الألمانى لإعداد عمالة فنية ماهرة تجيد اللغة الألمانية ويكون لها فرص للعمل فى ألمانيا.. ماذا يعنى هذا؟ يعنى أن مصر تريد أن تنظم هجرة المصريين لأوروبا لتجعلها أكثر أمنًا واستقرارًا وعائدًا ماديًا للمواطن المصرى.. يعنى أيضًا كذب ادعاءات الإخوان بأن مصر وقعت اتفاق الشراكة مع أوروبا من أجل منع الهجرة لأوروبا فقط.. بالعكس لدينا فرص كبيرة لتنظيم الهجرة الشرعية لأوروبا لمن يريد ويرغب من المصريين.. القوة البشرية فى مصر أصل ثمين من أصول الثروة البشرية ومصدر أساسى ليس فقط للعملة الصعبة وإنما للانفتاح على العالم، واكتساب خبرات، وتعليم الأبناء فى نظم تعليم متطورة، والأمر كله يحتاج لنظرة غير تقليدية بدأت فيها الدولة المصرية بالفعل وعليها أن ترفع سقف الخيال فى تنفيذها لأقصى درجة ممكنة.. دولة كبيرة مثل ألمانيا تربطنا بها صلات تاريخية قديمة أخفيناها بعد هزيمتها فى الحرب العالمية الثانية، أكبر الجاليات المسلمة فى ألمانيا هم الأتراك وعددهم يقارب ٦ ملايين.. هاجروا بسبب علاقة التحالف بين ألمانيا وتركيا فى الحرب العالمية الأولى.. ثانى الجاليات هم السوريون وعددهم يقارب ٤ ملايين لاجئ فتحت لهم ألمانيا الباب لأسباب إنسانية أولًا، ولتعويض النقص فى عدد السكان ثانيًا، مطلوب خطة واضحة من الحكومة المصرية لكى تكون الجالية المصرية هى ثالث أكبر جالية فى ألمانيا، مطلوب خطة عمل لكى يكون لنا نصيب الأسد من الـ٤٠٠ ألف فرصة عمل التى ستتوافر سنويًا فى ألمانيا، مطلوب أن ندرس التخصصات ونوعية التعليم المطلوبة ونؤهل أبناءنا لها على الفور.. هذا استثمار ناجح جدًا، لو أنفقنا على تأهيل كل شاب ألف دولار فسيعود لنا عشرة آلاف دولار.. يمكن أن تكون تكلفة التعليم قرضًا يسدده الشاب من راتبه بعد السفر.. بدون حلول غير تقليدية لن يخرج الاقتصاد المصرى من أزمته.. بدون الانفتاح على العالم لن نمتلك الخبرة المطلوبة لتحقيق التقدم.. ٤٠٠ ألف فرصة عمل لمصريين فى ألمانيا تعنى ٤٠٠ ألف أسرة جديدة تسير فى طريق الستر والرفاهية والتعليم الجيد.. ٢ مليون مصرى فى المتوسط يلبون احتياجاتهم بعيدًا عن كاهل الدولة.. هذه فكرة سيهاجمها الإخوان لأنهم جهلة أو لأنها مفيدة لمصر.. وحين يهاجمونها سنعرف أننا على الطريق الصحيح ويجب أن ننفذها فورًا.