الرئيس القبرصى: بلادنا أحد أشد المؤيدين للشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبى ومصر
أكد الرئيس القبرصي، نيكوس خريستودوليدس، أن بلاده من أحد أشد المؤيدين للشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي ومصر، ومشددًا على دعم بلاده لهذه الشراكة الاستراتيجية الجديد في ظل العلاقات المتميزة بالفعل بين مصر وقبرص.
جاء ذلك في حوار خاص أجراه الرئيس القبرصي مع صحيفة "الأهرام ويكلي" الأسبوعية التي تصدر باللغة الإنجليزية، وأوردته في عددها الصادر اليوم الأربعاء.
وكان خريستودوليدس قد شارك يوم الأحد الماضي في القاهرة في القمة المصرية الأوروبية برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي، ومراسم التوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي، كما انضم الرئيس القبرصي إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير ليين، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، ومستشار النمسا كارل نيهامر، ورئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو، ورئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني في اجتماع رفيع المستوى مع الرئيس السيسي لإطلاق الاتفاقية الجديدة (الشراكة الاستراتيجية).
وتعليقًا على العلاقات المصرية– القبرصية وخطط تعزيزها في مختلف المجالات، أكد الرئيس القبرصي أن بلاده ومصر تتمتعان بعلاقات ممتازة وشراكات استراتيجية كبيرة، فقبرص والقاهرة تجمعهما علاقة تعاونية وثيقة وأهداف مشتركة، تسعى إلى ضمان الأمن والاستقرار في شرق البحر الأبيض المتوسط بناءً على مبادئ القانون الدولي والمساواة السيادية.
وشدد على أن هذه العلاقة تتطور منذ العصور القديمة وتترسخ في جميع الجوانب، سواء على المستوى المؤسساتي أو على المستوى الشعبي، بهدف مشترك يتمثل في الحفاظ على التعاون السياسي والأمني القوي الذي نمتلكه، وتفعيل التعاون في مجال الطاقة بشكل أكبر، وتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية من خلال زيادة السياحة والتجارة والاستثمارات.
ونبه الرئيس القبرصي إلى أن الجانبين (المصري والقبرصي) يمكنهما القيام بالمزيد من خلال التبادل الثقافي والتعاون في المجال التعليمي، فضلًا عن التفاعل بين سوق العمل في كلا البلدين.
وأعرب خريستودوليدس- بعد ثلاث زيارات له إلى مصر خلال عام 2023– عن تطلعه إلى انعقاد القمة الثنائية على مستوى الحكومات (G2G) بين حكومتي قبرص ومصر المتوقعة خلال العام الجاري، لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين على جميع الأصعدة.
اتفاقيات جديدة
وبشأن المشاريع المشتركة قيد التنفيذ، أكد الرئيس القبرصي أن هناك دائمًا اتفاقيات جديدة قيد النقاش وآفاق لمشاريع مشتركة جديدة، منبهًا إلى أن أحد أهم المجالات التي يتم السعي لتعزيز التعاون فيها هو مجال الموارد البشرية، حيث تمتلك مصر الكثير لتقدمه بسبب قوتها العمالية الشابة والديناميكية، كما تتم مناقشة العديد من الاتفاقيات الأخرى، سواء ثنائية أو ثلاثية، بهدف الوصول إلى اتفاقات معينة في القمة الثنائية المقبلة والقمة الثلاثية المقبلة، على التوالي.
ولفت إلى أنه يتم اعتبار منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF)، الذي تأسس نتيجة لمبادرة مصرية، أداة قيمة للتعاون الإقليمي في مجال الطاقة بين الدول التي ترغب في التعاون على قواعد متساوية استنادًا إلى الاحترام المتبادل والالتزام بالقانون الدولي وبالهدف المشترك لتحقيق رفاهية شعوبنا وظهور منطقتنا كمركز للطاقة.
وشدد على أن قبرص قدمت دعمها للمنتدى منذ بدايته وتولت رئاسته في عام 2022، وخلال هذه الفترة، أنشأ المنتدى لجنة استشارية علمية وتقنية، تقدم الخبرات العلمية والتقنية، بما في ذلك في مجالي تخفيض الانبعاثات ومكافحة تغير المناخ.
وأعرب الرئيس القبرصي عن امتنانه برؤية المنتدى يستمر في بناء قدراته المؤسسية، مؤكدًا أن التعاون ضمن المنتدى يتمتع بالأولوية على جانب التعاون الطاقي الثنائي القائم بين قبرص ومصر، والذي يتمثل في التبادلات المتكررة على أعلى المستويات السياسية والفنية، نحو تحقيق الأهداف ذاتها.
وبخصوص الإجراءات التي تم اتخاذها بشأن الهجرة الدولية وأزمة اللاجئين، أكد الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس أن بلاده تواجه أكبر مشكلة هجرة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، حيث تمثل تقريبًا 5.5 في المائة من السكان، وهي ضعف ما هو عليه الوضع في الاتحاد الأوروبي، موضحًا أن هذه النسبة تضم متقدمين جددًا بطلبات لجوء أو حاملين لحماية دولية.
وأشار إلى أنه قد تم خلال الـ11 شهرًا الماضية تنفيذ نهج جديد لمعالجة أزمة الهجرة، تقوم السياسة المتبعة فيه على أربعة محاور، تشمل تقليل الوصول، وتحسين البنية التحتية، وتسريع إجراءات التقديم، وزيادة عمليات العودة، وقد تم خلال هذه الفترة، اتخاذ عدة إجراءات للتعامل بشكل أفضل مع المشكلة، حيث تمت زيادة عدد مقيمي القضايا بمقدار الضعف، مما نجح في تقليل الوقت اللازم لاستكمال القضية، وزيادة عدد القرارات، وتقييد الوصول إلى سوق العمل، والترويج بشكل مكثف لبرنامج العودة الطوعية مع حوافز مالية.
ونوه الرئيس القبرصي إلى أن هذه الإجراءات أسفرت عن انخفاض في عدد الوصولات والتطبيقات، فبالتحديد، كان هناك انخفاض كبير فيما يتعلق بوصول المهاجرين مقارنة بعام 2022، ففي عام 2023، انخفض إجمالي عدد طلبات اللجوء الجديدة بنسبة 46 في المائة مقارنة بعام 2022، بينما تم تقليل عدد وصول المهاجرين من الدول الإفريقية بنسبة 72 في المائة، وأخيرًا، تمت زيادة عدد العودات بشكل كبير إلى 66 في المائة، ولأول مرة، تتمتع قبرص بمعدل إيجابي فيما يتعلق بمغادرتها مقارنة بالقادمين إلى الجزيرة.
وأفاد بأنه من اللافت للنظر أنه خلال عام 2023، بلغ معدل العودة مقابل الوصول 116 في المائة، خاصة مع الأخذ في الاعتبار الوضع في بقية أنحاء أوروبا، كما تظهر البيانات، في يناير 2024 بلوغ معدل العودة مقابل الوصول 138%، مما يجعل قبرص تحتل المرتبة الأولى بين دول الاتحاد الأوروبي.
وقال الرئيس القبرصي: "ومع ذلك، لا يمكنني إلا التعبير عن قلقنا الكبير بالنسبة لتدفقات الهجرة الكبيرة بشكل غير مسبوق قادمة من سوريا، وبسبب القرب الجغرافي من هذا البلد، تتعرض قبرص لأعداد هائلة من المهاجرين غير الشرعيين القادمين من المنطقة، مما يضع ضغطًا على نظام الاستقبال لدينا، ويجعل التكامل الاقتصادي والاجتماعي أمرًا صعبًا".
وأضاف: "في هذا السياق، تتمركز جهودنا الآن على إعادة تقييم الوضع في سوريا، أو على الأقل في المناطق الخاصة بالبلاد، من قبل الاتحاد الأوروبي جماعيًا، استنادًا إلى الواقع الحالي وتقييم وكالة اللجوء الأوروبية، وبالتعاون الوثيق مع المفوضية الأوروبية، نهدف أيضًا إلى تعزيز وجود يوروبول في شرق البحر المتوسط، من أجل مكافحة تهريب المهاجرين بشكل أفضل، ونعتقد بشدة أن التعاون بين يوروبول وشرطة قبرص والسلطات اللبنانية أمر أساسي في هذا الصدد، خاصة مع مراعاة التطورات الجيوسياسية في منطقتنا".