"يوم الشهيد".. نقطة مضيئة فى بناء الجمهورية الجديدة وركيزة استقرار الوطن
أكد ذوو الشهداء فى محافظات الجمهورية، أن الدولة المصرية لم ولن تنسى أبدا تضحيات الشهداء الذين رووا بدمائهم تراب الوطن من أجل تحقيق الأمن والاستقرار وبناء غد أفضل؛ وشددوا على أن اهتمام الدولة لا يقتصر على الاحتفال بيوم الشهيد ولكن يتعداه إلى رعاية أسر الشهداء طوال العام تقديرا لتضحياتهم التي قدموها فدءا للوطن والتي ترسم ملامح مستقبل أفضل لجميع أبناء الوطن بوصفها نقطة مضيئة فى بناء الجمهورية الجديدة وركيزة أساسية فى استقرار الوطن.
وأجمع ذوو الشهداء، أن تقديم المصريين أرواح أبنائهم من أجل الوطن ليس غريبا على الشعب المصري الذى سطر بطولات على مر التاريخ، مشيرين إلى أن مصر كانت دوما مقبرة للغزاة، فيما تمثل الآن حائط الصد المنيع أمام موجات الخطر والإرهاب التي طالت المنطقة بأسرها، مؤكدين اهتمام القيادة السياسية بهم ورعايتهم على كل الأصعدة له الأثر الايجابى الكبير فى نفوس أهالى الشهداء.
ففي محافظة الأقصر، يقول الحاج محمد الطيري إبراهيم البالغ من العمر 70 عاما والد الشهيد البطل "المجند إبراهيم محمد الطير، 22 عاما"، ابن قرية الحسينات التابعة لمركز الطود جنوب مدينة الأقصر، أن ابنه استشهد في عام 2012 في محاربة الإرهاب بمحافظة شمال سيناء، وإنه تلقى خبر وفاة نجله في ساعة متأخرة من الليل عبر إخطار من مركز البياضية، حيث كان الخبر صادما له ولأفراد العائلة وبخاصة والدته، وهو حاصل علي معهد خدمة اجتماعية وفور التخرج التحق بالخدمة فى القوات المسلحة فى سيناء، منوها بأن الرئيس عبدالفتاح السيسي كرم اسم الشهيد إبراهيم فى احتفالية يوم الشهيد، وأيضا محافظ الأقصر السابق قام بتكريم اسمه.
وقالت أم الشهيد الحاجة عطيات إمام ياسين، وتبلغ من العمر 59 عاما من مركز الطود: "هذا قضاء الله وقدره، ونصيبه في الدنيا، ونحسبه عند الله مع الشهداء والصديقين".
ومن جهته، قال حسان محمد سلامة عبدالهادي، شقيق الشهيد جندي "حسين محمد سلامة" من قرية حاجز المريس بالبرالغربي بالأقصر، الذي استشهد عام 67 في مدينة السويس عن عمر 28 عاما: “أخى كان قد أعلن قبل سفره مدينة السويس، حيث التحق بوحدته العسكرية، خطبة بنت خالته وكنا نعمل على التجهيزات لاقامة العرس”، مؤكدا أن استشهاد اخيه كان فداء للوطن وجرى تكريمه من قبل رؤساء مصر السابقين وآخرهم الرئيس عبدالفتاح السيسي في احتفالية يوم الشهيد، مشيرا إلى أن أخاه تم تكريمه وإطلاق اسمه على مدرسة الشهيد محمد سلامة الثانوية، وأيضا الشارع الذي نسكن فيه باسم الشهيد.
احتفالية لتكريم 75 من أسر الشهداء ومصابي العمليات الحربية
وفى محافظة سوهاج - نظمت محافظة سوهاج في الأسبوع الأول من شهر فبراير المنقضى بالتعاون مع جمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب، احتفالية لتكريم 75 من أسر الشهداء ومصابي العمليات الحربية من أبناء المحافظة، حيث جرت الاحتفالية بحضور المحافظ طارق الفقي، واللواء محمد شرباش مدير أمن سوهاج وعدد من القيادات التنفيذية والدينية.
وأعرب محافظ سوهاج، عن تقديره الدور الذي تقوم به جمعية المحاربين القدماء في رعاية أسر الشهداء والمصابين، مؤكدًا حرص الدولة والقيادة العامة للقوات المسلحة على رعاية أسرهم تقديرًا لتضحياتهم من أجل الوطن.
ويُعد تكريم أسر الشهداء والمصابين تعبيرًا عن الوفاء والتقدير لتضحياتهم من أجل الوطن، ورسالة تأكيد على أن مصر لا تنسى أبناءها الذين ضحوا بأرواحهم من أجلها.
وفي لقاء مع أسرتي شهيدين من أبناء المحافظة، أحدهما استشهد في حرب أكتوبر 1973، والآخر استشهد في العمليات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية في سيناء، حيث أكدت أسرتا الشهيدين اعتزازهما وفخرهما بشهيديهما وتضحياتهما من أجل الحفاظ على تراب وأمن الوطن، مقدمين خالص الشكر والتقدير للقوات المسلحة على تكريمها للشهيدين ورعايتها لأسرتيهما.
وقالت محاسن شكر الله، أرملة الشهيد عريف بشارة إسحاق دنيال، من قرية "الحمادية" بمركز سوهاج، إن زوجها استشهد في حرب أكتوبر 1973 بعد 3 سنوات ونصف من زواجهما، وترك لها ابنتهما الوحيدة (هناء) وهى في عمر سنة وشهرين، لافتة إلى أن زوجها رغم كونه حديث الزواج إلا أنه كان حريصًا على خدمته العسكرية والعودة لخدمته في أوقاتها دون تأخير، وكان دائمًا ما يردد أمامى "مش هنرتاح غير لما ننتصر ونسترد أرضنا".
وأضافت، أنها رفضت الزواج عقب استشهاده، وفضلت تربية ابنتها هناء، مؤكدة أن الدولة متمثلة في القوات المسلحة أكرمتها ولم تقصر معها في شيء، فقد جرى صرف معاش شهرى لها ومعاش لوالد الشهيد بشارة ووالدته، كما تكفلت بالمصاريف الدراسية لنجلتها هناء طوال فترة دراستها حتى انهت تعليمها وحصلت على شهادة التعليم الفني (دبلوم)، فضلًا عن قيام جمعية المحاربين القدماء وصندوق رعاية أسر الشهداء والمصابين بتكريم أسم زوجها في أكثر من احتفالية، ودعوتها للحضور لتسلم التكريم والمكافآت المالية.
وقالت ابنة الشهيد هناء "50 عاما": “إنها فخورة بكون والدها من شهداء حرب أكتوبر، وأنه واحد من الذين صنعوا هذا النصر العظيم”، لافتة إلى أن الدولة تولت رعايتها منذ أن استشهد والدها وتركها رضيعة، وكان يتم صرف شيك لها خاص بمصاريفها الدراسية حتى أتمت تعليمها، متابعة أنها تزوجت من أبن عمها ولديها أربعة أولاد، قائلة "لما بنعوز حاجة ونطلبها من القوات المسلحة مش بيتأخروا معانا.. ربنا يخليهم ويحمى بيهم البلد".
وفى حوار آخر مع أسرة الشهيد أحمد على محمد الكاملى من مركز أخميم، والذى استشهد في العمليات العسكرية للقوات المسلحة ضد الجماعات التكفيرية بشمال سيناء في 2021، قال شقيقه محمود الذى يعمل موظفًا بجامعة سوهاج، أن والده كان يعمل بأحد المصانع وهو الآن بالمعاش، وأنهم 7 أشقاء (5 ذكور وبنتان)، وأكبرهم شقيقتهم فاطمة وهى حاصلة على كلية دراسات إسلامية، والشهيد أحمد أكبر الذكور وحاصل على ليسانس شريعة وقانون، وبعده أشقاؤه أميرة طالبة في كلية الدراسات الإسلامية، ويوسف بالمرحلة الإعدادية، وعبدالرحمن ومازن بالمرحلة الابتدائية، لافتًا إلى أن شقيقه الشهيد أحمد التحق في تجنيده بسلاح المشاة، واشترك في العمليات العسكرية التي تخوضها القوات المسلحة ضد الجماعات التكفيرية في شمال سيناء، واستشهد بعد 5 شهور من التحاقه بالتجنيد، وجرى تكريمه وإقامة جنازة عسكرية له في مراسم دفنه.
وأكد محمود، أنه فخور بكون شقيقه محمود من الشهداء في سبيل الدفاع عن الوطن، متحدثًا عن منزلة الشهيد ودرجته العالية عند الله وشفاعته لأقاربه يوم القيامة، لافتًا إلى أن شقيقه كان يتحدث معه في الإجازات التي نزلها عن العمليات العسكرية والبطولات التي يقومون بها ضد جماعات التكفير، وإصرارهم على تطهير سيناء من الإرهاب، لكنه كان يطلب منى عدم التحدث في ذلك مع والدتى ووالدتى خوفًا من قلقهم عليه.
وتحدث شقيق الشهيد الحاصل على ليسانس لغة عربية، عن اهتمام القوات المسلحة بأسرته بعد استشهاد شقيقه، ودعوتهم لتكريم اسم شقيقه في أكثر من احتفالية لتكريم الشهداء بديوان عام محافظة سوهاج، آخرها كانت في شهر فبراير المنقضى، وحضرها والده وشقيقته، فضلًا عن صرف معاش شهرى لوالده ووالدته، وكذلك مساعدته في توفير فرصة عمل له عقب استشهاد شقيقه بتعييته أخصائى بمكتب أمين عام جامعة سوهاج، موجهًا الشكر للقوات المسلحة وللرئيس السيسى على الاهتمام والرعاية الكاملة لأسر الشهداء.
وفى محافظة البحيرة وتحت شعار "الدولة ما سابتناش"، بدأ والد الشهيد الجندى إبراهيم نادر الغمري، ابن قرية الشعراوى بمركز حوش عيسى بمحافظة البحيرة، حديثه بمناسبة الاحتفال بيوم الشهيد والذى يوافق التاسع من شهر مارس من كل عام.
وقال نادر الغمري، إن الشهيد إبراهيم استشهد فى عمر 22 عاما، وكان دمث الخلق ومحبا لوطنه لأقصى درجة، لذلك ضحى بروحه فداء لوطنه الغالي.
وحول كيفية استشهاد إبراهيم، قال والده إنه فى يوم الجمعة 17 رجب 2017، وأثناء خدمته فى شمال سيناء ومداهمته لأحد أوكار الإرهابيين، تلقى طلقا ناريا في صدره من ناحية اليسار ما أدى لاستشهاده فى الحال.
وأكد نادر الغمري أن الدولة وقفت بجانب نجله الشهيد وذلك بإقامة جنازة عسكرية مهيبة، وإطلاق اسمه على مدرسة وشارع بقرية الشعراوى بمركز حوش عيسى، مؤكدا أنه يتم تخليد ذكرى الشهيد إبراهيم كل عام فى احتفالات يوم الشهيد.
وتابع: "بعد كل هذه السنوات مازلت أبكي على ابني دما وليس دموعا والتي تنساب من عيني دون أن أشعر هو في قلبي وروحي ووجداني هو دائما حاضر أمامي، ولكن عزائي الوحيد الذي يصبرني أنه مات شهيدا وهو في منزلة كبيرة مع الأنبياء والرسل وحسن أولئك رفيقا".
وأوضح أنه يعتز بمصر ويفخر بها، وأن أهالي قريته دائما بجواره ويفخرون بابن قريتهم أنه ضحى بحياته من أجل بلدنا في حربها ضد الإرهاب والمتربصين بها ولقد نصرنا الله عليهم.
وتحتفل مصر يوم 9 مارس من كل عام بذكرى يوم الشهيد، وذلك إحياء لذكرى استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض، خلال حرب الاستنزاف، ويوم الشهيد الذي نحييه اليوم ليس مناسبة لتجديد الأحزان، وإنما لتكريم الأبناء المخلصين الذين ضحوا من أجل هذا الوطن الخالد دون انتظار لمقابل أو عائد، حيث قدموا تضحيات جسيمة لا يدرك حجمها وآثارها الهائل، كل مصرى وطنى مخلص، خاصة من قدموا لمصر شهداء ومصابين، ليستمر الوطن نابضا بالحياة، ومثمرا بالخير والسلام والنماء للمواطنين كافة ومن أجل حياة أفضل.