كيف تجعل مصر السياحة العلاجية موردًا للعملة الصعبة ؟

تعتبر السياحة العلاجية ليست نوع جديد من أنواع السياحة في مصر، فتاريخها يعود إلى عصر الفراعنة، ونستدل على ذلك من بردية إيبرس إحدى أقدم الوثائق الطبية المحفوظة، التي قدمت خريطة للممارسات الطبية الجراحية والعامة في العصر الفرعوني، جاء بعد ذلك العصر الروماني التي نشرت فكرة الحمامات للاستشفاء.

وتابع العرب تطوير فكرتهم، حيث بدأوا بالاهتمام بمدينة حلوان من الناحية العلاجية، وفي نهاية القرن التاسع عشر أصبحت السياحة في مصر لها مسار علمي واقتصادي، فاتجهت أعين الحكومة صوبها منذ ذلك الوقت وحتى الوقت الحالي.

وفي دعوة لتوجيه الاهتمام بشكل أكبر، لفتت الدكتورة حنان حسني، عضو مجلس النواب، إلى أن إيرادات السياحة العلاجية قد ترتفع بمقدار يصل إلى 2 مليار دولار على الأقل، مما يجعلها شريكًا أصيلًا في زيادة الناتج القومي وإدرار العملة الصعبة إلى الدولة.

وفيما يلي تضع "الدستور" خارطة الاهتمام بالسياحة العلاجية التي يتنامى الاهتمام بها من خلال عقد المؤتمرات والتصديق على شراكات مع شركات استثمارية لإعلاء هذا الاتجاه، لكونه مصدرًا مهمًا لدخول العملة الصعبة إلى مصر، مع تعليق عدد من الخبراء حول أهمية تركيز المجهودات على تنمية هذا النوع من السياحة.

بحسب تصريحات الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية، خلال مشاركته في المؤتمر الدولي للسياحة الصحية في مصر في بداية مارس الجاري، يُقدر حجم سوق السياحة العلاجية بأكثر من 15 مليار دولار سنويًا، ويتنامى بنسبة أكبر من 12.5%، وسيصل إلى أكثر من 346 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030

"نرعاك في مصر" لتنشيط السياحة

في أغسطس 2022، أطلقت هيئة الرعاية الصحية مبادرة "نرعاك في مصر" ضمن منظومة التأمين الصحي الجديدة، والتي انطلقت من محافظة الأقصر، لتحويلها إلى نواة للسياحة العلاجية في مصر، مستغلة مقوماتها السياحية والحضارية ووجود مطار دولي.

وفي تلك المبادرة، شاهدنا استخدام تقنية "الميتافيرس" لأول مرة، للترويج للمبادرة لدى المتعاملين العرب والأفارقة والأجانب، خلال المعرض والمؤتمر الطبي الإفريقي الأول، لإتاحة فرصة زيارة المنشآت الصحية التابعة للهيئة بمحافظات التأمين الصحي الشامل عبر رحلة شاملة في العالم الافتراضي، للتعرف على إمكاناتها وتجهيزاتها قبل التعامل معها.

وتهدف المبادرة إلى الترويج للسياحة العلاجية في مصر وجذب المرضى العرب والأفارقة والأجانب للعلاج في مصر، بما يحقق نموًا اقتصاديًا للقطاع الصحي.

وبحسب تصريحات الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية، وقتها، فالمبادرة نجحت في جذب 6 دول: (زامبيا، نيجريا، اليمن، السودان، ليبيا، الفلبين)، لعلاجهم بأحدث البروتوكولات العلاجية العالمية داخل المنشآت الصحية التابعة للهيئة العامة للرعاية الصحية بكافة المحافظات.

بحسب أحدث الإحصائيات الصادرة عن الهيئة العامة للرعاية الصحية، في ديسمبر الماضي، تم استقبال 5600 مريض من السائحين العرب والأجانب والأفارقة لتلقي العلاج في المنشآت الصحية المعتمدة التابعة للهيئة في المحافظات من خلال برنامج "نرعاك في مصر" للترويج للسياحة العلاجية

منصة إلكترونية للسياحة العلاجية خلال 3 أشهر

وفي 18 ديسمبر الماضي، أعلنت وزارة الصحة والسكان إطلاق أول منصة إلكترونية للسياحة العلاجية، وذلك خلال 3 أشهر، لتقديم خدمات صحية مختلفة.

وأكدت وزارة الصحة، أن مصر تستهدف الوجود ضمن المراتب الخمس الأولى عالميًا في استقبال السياحة العلاجية، والحصول على 10% من عوائدها العالمية.

وأوضحت، أن مصر مؤهلة لاستقبال السياحة العلاجية، بامتلاكها منشآت صحية مؤهلة وأطباء متميزين، ولديها رؤية طموحة للوجود على الخريطة العالمية في هذا المجال.

أول منتجع للسياحة العلاجية في "الصف"

وفي يناير الماضي، أعلنت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة توقيع عقد إطلاق أول منتجع للسياحة العلاجية في مصر مع مجموعة "مكسيم" للاستثمار، بالمنطقة الاستثمارية بمركز الصف بمحافظة الجيزة، وهو أول منتجع طبي وصحي في مصر تحت اسم "منتجع نايا الصحي".

وسيضم المنتجع عيادات طبية مختلفة للفحص الشامل، ومعامل للتحاليل، وعيادات تجميلية، وفنادق للإقامة، ومطاعم، ومساحات مختلفة مخصصة لعقد الفعاليات والمناسبات المختلفة وورش العمل.

المؤتمر الدولي للسياحة الصحية

وفي 2 و3 مارس الجاري، عُقد المؤتمر الدولي للسياحة الصحية في مصر،  وخلاله تم استعراض إمكانات مصر في السياحة الصحية العلاجية والاستشفائية، والكشف عن الأفكار والابتكارات العالمية في هذا المجال، وشارك فيه خبراء دوليين لتبادل المعرفة والممارسات الجيدة.

أشهر أماكن السياحة العلاجية في مصر

وتعتبر مصر من أكثر الدول احتواءً على مقاصد سياحية عديدة بغرض العلاج، وفيما يلي نستعرض أبرز تلك المدن المصرية الجاذبة للسياحة العلاجية:

خبير السياحة الصحية: مصر لديها مقومات عدة للسياحة العلاجية

وعن ذلك، تحدث الدكتور حسام شرف الدين، خبير السياحة الصحية، حول امتلاك مصر لمقومات فريدة لجذب السياحة العلاجية من البنية الصحية القوية والخدمات العلاجية المتنوعة. 

ولفت "شرف الدين"، في حديثه، إلى دعم الحكومة لهذا القطاع عبر تطوير التأمين الشامل والشراكات مع شركات صحية دولية، في ظل توقعات بنمو سوق السياحة العلاجية العالمي إلى 200 مليار دولار بحلول 2028.

وأشار الخبير السياحي إلى جهود تطوير التأمين الشامل في المناطق السياحية الرئيسية، فضلًا عن تشكيل لجنة لإطلاق منصة إلكترونية تجمع الشركات السياحية والمستشفيات المعتمدة لتسهيل وصول السائح للخدمات الخاصة بالسياحة العلاجية في مصر، مؤكدًا حرص الدولة على تفعيل دور الوزارات وإقامة شراكات دولية، مستفيدة من مقوماتها القوية من الأطباء والبنى الصحية المعتمدة التي تقدم خدمات عالية الجودة.

خبير سياحي: السياحة العلاجية تجلب 25 مليار دولار سنويًا

وقال محمد فاروق، الخبير السياحي، إن سمعة مصر الطيبة إذا استُغلت من خلال هذه المنصة ستكون مصدر دخل كبير للدولة، متهمًا مصر بالتقصير في هذا المجال رغم امتلاكها الخبرات والمستشفيات، لكن دون آليات تجعلها تنافس.

وأشار "فاروق"، في حديثه، إلى وجود مقترحات سابقة من الخبراء لتنشيط السياحة العلاجية، وأن هناك دراسات تشير إلى قدرتها على جلب 20 - 25 مليار دولار سنويًا.

خبير سياحي: مصر ينقصها الدعاية 

واتفق معه بشار أبو طالب، رئيس نقابة المرشدين السياحيين بمحافظة البحر الأحمر، في امتلاك مصر مقومات هائلة في هذا القطاع من شواطئ وأجواء معتدلة، لكن ينقصها الترويج والدعاية لهذا النوع من السياحة، مؤكدًا وجود تجارب سابقة لبعض الفنادق والمنتجعات السياحية خصوصًا على ساحل البحر الأحمر بإنشاء مستشفيات ومراكز طبية داخلها، نجحت بالفعل في جذب كبار السن من الجنسية الألمانية للعلاج والاستشفاء.