الصفقة الصينية.. أكبر منطقة صناعية على البحر المتوسط باستثمارات مليارية
اقتربت مصر من إنهاء مفاوضاتها مع الصين بشأن إنشاء أكبر منطقة صناعية مشتركة على ساحل البحر المتوسط، والتى جرت مناقشتها فى اجتماع بين الحكومة والسفير الصينى فى مصر.
تأتى الصفقة الجديدة بعد نجاح صفقة «رأس الحكمة»، التى أعطت الدول الكبرى مؤشرات إيجابية حول مستقبل الاقتصاد المصرى، كما يأتى المشروع استكمالًا لخطة الدولة للسيطرة على الدولار، وفى إطار توجيه الرئيس عبدالفتاح السيسى بشأن توطين الصناعات الاستراتيجية والعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية، وكذلك فى إطار خطة خفض الدين العام الخارجى والعمل على الاستفادة من انضمام مصر لتجمع «بريكس».
وكشف مصدر عن أن المفاوضات شملت إقامة منطقة صناعية للصناعات الاستراتيجية، مثل الصناعات النسجية، وصناعة السيارات الكهربائية والصناعات المغذية لها، وصناعة البتروكيماويات، كما عرضت الحكومة نحو ١٥٢ فرصة استثمارية متعلقة بالصناعات المهمة التى تحتاجها السوق المصرية.
وقال المصدر، لـ«الدستور»، إنه سيجرى ضخ استثمارات تقدر بنحو ١٠٠ مليار دولار فى تلك المنطقة الصناعية، إذ تخطط الصين لزيادة الصادرات مع مصر، وفتح أسواق جديدة لها فى أوروبا وأمريكا وإفريقيا.
وأوضح: «من المقرر أن يجرى العمل على دمج الديون المستحقة للصين، فى الصفقة، التى تبلغ نحو ٩ مليارات دولار، إضافة إلى إنشاء أول بنك صينى فى مصر فى إطار التعامل بالعملة المحلية لكلا البلدين، من أجل خفض الضغط على الدولار، خاصة أن واردات مصر تبلغ نحو ٩.٣ مليار دولار من الصين، علاوة على أن الاستثمارات الصينية وصلت إلى نحو ٨ مليارات دولار فى السوق المصرية».
وتابع: «وزارة قطاع الأعمال العام تعرض العديد من الفرص الاستثمارية، وهى منفتحة على التعاون فى صناعة السيارات الكهربائية والصناعات النسجية، فى ظل التطوير الشامل الذى تشهده مصانع النسيج الحكومية التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام، بخلاف صناعة الأدوية والألومنيوم».
من جهته، قال المهندس إبراهيم المانسترلى، رئيس هيئة الرقابة الصناعية السابق، عضو مجلس إدارة شركة دمياط للغزل والنسيج، إحدى شركات وزارة قطاع الأعمال العام- إن إقامة أكبر منطقة صناعية بين مصر والصين فى مصر ستكون لها نتائج إيجابية كثيرة على الاقتصاد فى مصر.
وأوضح «المانسترلى»: «سيسهم هذا المشروع فى زيادة الاستثمارات وخلق فرص عمل جديدة للسكان، إذ سيجرى توفير فرص عمل مستقرة وتحسين مستوى المعيشة بمرتبات جيدة».
وأكد: «ستعزز هذه المنطقة التعاون الاقتصادى بين مصر والصين، ما يقوى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ويفتح الباب أمام التبادل التجارى والتعاون الاقتصادى فى مجالات أخرى».
وتوقع أن تحفز هذه المنطقة الصناعية الابتكار والتطوير التكنولوجى فى مصر، إذ سيجرى نقل التكنولوجيا والمعرفة من الشركات الصينية المشاركة فى المشروع.
وذكر: «ستحقق المنطقة الصناعية فوائد بيئية؛ فمن الممكن أن تطبق معايير بيئية عالية وتشجع على تبنى تقنيات صديقة للبيئة وتدابير للحفاظ على البيئة المحيطة».
بدوره، قال المهندس سطوحى مصطفى، رئيس جمعية مستثمرى أسوان، إن إقامة أكبر منطقة صناعية بين مصر والصين فى مصر ستكون لها تأثيرات اقتصادية واجتماعية وبيئية إيجابية تسهم فى التنمية المستدامة.
وأكد «مصطفى»: «من المرجح أن تسهم هذه المنطقة الصناعية فى زيادة الصادرات المصرية وتحسين القدرة التنافسية للصناعات المحلية، كما أنها تجذب استثمارات أجنبية أخرى إلى مصر، ما يدفع الاقتصاد الوطنى نحو التنمية والازدهار».
وأوضح: «بالاعتماد على الإدارة الفعالة والتخطيط الاستراتيجى، يمكن أن تكون إقامة أكبر منطقة صناعية بين مصر والصين فى مصر فرصة مهمة لتعزيز التعاون الدولى وتحقيق التنمية المستدامة فى البلاد، وذلك من خلال خلق فرص عمل، وتحفيز الاقتصاد، وتعزيز الابتكار والتنمية التكنولوجية».
وأشار إلى أن توطين الصناعات الاستراتيجية فى مصر يعتبر أمرًا ذا أهمية بالغة للتنمية الاقتصادية والاستقلالية الوطنية؛ إذ يتعلق توطين الصناعات الاستراتيجية بنقل التكنولوجيا وبناء القدرات المحلية لإنتاج المنتجات ذات القيمة المضافة العالية التى تلبى احتياجات السوق المحلية والعالمية.
فيما قال الخبير الاقتصادى أحمد سامى، عضو لجنة الصناعة بالاتحاد الأفرو آسيوى للاقتصاد والاستثمار وريادة الأعمال، إن الصفقة الجديدة تسهم فى توطين الصناعات الاستراتيجية وتحقيق الاكتفاء الذاتى وتقليل الاعتماد على الواردات، ومن خلال تطوير الصناعات المحلية يمكن لمصر تقليل تبعيتها للخارج وتعزيز قدرتها على تلبية احتياجاتها الاقتصادية والأمنية بشكل مستقل.
وأوضح «سامى»: «سيعزز التعاون توطين الصناعات الاستراتيجية والابتكار والتطوير التكنولوجى فى مصر، ومن خلال استثمار الجهود والموارد فى بناء قدرات محلية فى الصناعات الحديثة والمتقدمة يمكن تعزيز التنافسية والابتكار فى القطاع الصناعى».
وأكد أن المشروع سيسهم فى خلق فرص عمل وتنمية المهارات والكفاءات الوطنية، ويمكن أن يُحدث هذا تحولًا إيجابيًا فى سوق العمل ويعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى البلاد. ونوه بأنه فى ظل التحديات العالمية المتغيرة، علينا توطين الصناعات الاستراتيجية وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية فى الصناعات الحيوية، وتقديم الدعم والحوافز للشركات التى تسهم فى هذا المجال، مع توفير البنية التحتية اللازمة وتطوير القوى العاملة المهنية، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، وتشجيع الابتكار والبحث والتطوير فى هذه الصناعات.
وأشار إلى أنه يجب على مصر الاستمرار فى جهودها لتعزيز توطين الصناعات الاستراتيجية كجزء من استراتيجية تنمية شاملة تهدف إلى تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصرى، وتحقيق التنمية المستدامة والشاملة.
وأكد: «تحقيق هذه الأهداف سيسهم فى تعزيز مكانة مصر على الساحة الدولية كقوة اقتصادية، قادرة على المنافسة والتطور فى العصر الحديث».
بينما قال الدكتور أسامة عبدالباسط، رئيس الشركة العربية للأدوية السابق، إحدى شركات وزارة قطاع الأعمال العام، إن المنطقة الصناعية بين مصر والصين ستعمل على زيادة الصادرات المصرية، وتعتبر أمرًا ذا أهمية بالغة للاقتصاد المصرى ولتعزيز مكانة مصر فى الساحة الدولية.
وأوضح «عبدالباسط»: «تعتمد الصادرات على تصدير المنتجات والخدمات المصرية إلى الأسواق العالمية، وتلعب دورًا حاسمًا فى تعزيز النمو الاقتصادى وتحقيق التنمية المستدامة».
وأضاف: «تسهم زيادة الصادرات فى تعزيز العملة الوطنية وتحسين ميزان المدفوعات للبلاد، بزيادة العملات الأجنبية المدخرة من عمليات التصدير، ويمكن لمصر تحسين قدرتها على تحمل التحديات الاقتصادية الخارجية وتعزيز استقرار الاقتصاد».
وأكد أن المنطقة الصناعية ستزيد من قدرة مصر على المنافسة فى الأسواق العالمية، من خلال توسيع قاعدة التصدير وتنويع المنتجات المصدرة، فضلًا عن تحقيق توازن فى التجارة الخارجية.
وتابع: «تسهم زيادة الصادرات فى خلق فرص عمل جديدة وتنمية الصناعات المحلية، ومن ثم دعم قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات فى مصر، وفى المجمل تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى البلاد».