الأمم المتحدة: ربع سكان غزة على بُعد خطوة واحدة من المجاعة
أكد مسئولون أمميون أن ما لا يقل عن 576 ألف شخص في غزة، أي ما يعادل ربع عدد سكان قطاع غزة، على بُعد خطوة واحدة من المجاعة، وأن طفلًا واحدًا من بين كل 6 أطفال، دون سن العامين، في شمال غزة يعانون من سوء التغذية الحاد والهزال.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، أكد نائب منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، رامش راجاسنجهام، أن احتمالات المزيد من التدهور الانساني في القطاع "قائمة"، مشيرًا إلى أن العمليات العسكرية وانعدام الأمن والقيود الواسعة النطاق على دخول وتسليم السلع الأساسية أدت إلى تدمير إنتاج الغذاء والزراعة.
انهيار زراعي كامل
وحذر نائب منسق الإغاثة في حالات الطوارئ من انهيار زراعي كامل في شمال غزة بحلول شهر مايو المقبل إذا استمرت الظروف الحالية مع تضرر الحقول والأصول الإنتاجية أو تدميرها أو تعذر الوصول إليها، مشيرًا إلى أنه لم يكن لدى الكثيرين خيار سوى التخلي عن الأراضي الزراعية المنتجة، بسبب أوامر الإخلاء والنزوح المتكرر.
ونبه رامش راجاسنجهام إلى أن الارتفاع الحاد في معدلات سوء التغذية بين الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات في قطاع غزة يشكل مصدر قلق بالغًا بشكل خاص، وأن الاكتظاظ المزمن والتعرض للبرد وغياب المأوى الملائم والنقص في التغذية خلقت الظروف الملائمة لتفشي الأمراض الوبائية على نطاق واسع.
إيصال الإمدادات إلى غزة
وجدد المسئول الأممي التأكيد على أن العاملين في المجال الإنساني يواجهون عقبات هائلة لمجرد إيصال الحد الأدنى من الإمدادات إلى غزة، ناهيك عن تصعيد الاستجابة المتعددة القطاعات التي ستكون مطلوبة لتجنب المجاعة.
وأكد أن جهود الأمم المتحدة لا تزال تعاني من عمليات إغلاق المعابر والقيود الخطيرة على الحركة، ومنع الوصول، وإجراءات التدقيق المرهقة، والحوادث التي يشارك فيها مدنيون يائسون، والاحتجاجات وانهيار القانون والنظام، والقيود المفروضة على الاتصالات ومعدات الحماية، وطرق الإمداد غير القابلة للعبور، بسبب تضرر الطرقات والذخائر غير المنفجرة.
الجوع وخطر المجاعة
وأوضح رامش راجاسينجهام أن تعليق التمويل لوكالة الأونروا يشكل تحديًا لقدرتنا على القيام باستجابة فعالة، وأن الحقيقة الصارخة هي أن الاستجابة بالمستوى المطلوب ستكون مستحيلة دون اتخاذ إجراءات فورية ومتضافرة من جانب الأطراف المعنية ومجلس الأمن والدول الأعضاء الأخرى والمجتمع الدولي الأوسع.
وقال: "إن الأعمال العدائية ونقص الإمدادات الأساسية بما فيها الكهرباء والوقود والمياه، أدت إلى توقف إنتاج الغذاء فعليًا"، مؤكدًا أن "الجوع وخطر المجاعة" يتفاقمان بسبب عوامل تتجاوز مجرد توافر الغذاء.
وأوضح أن عدم كفاية خدمات المياه والصرف الصحي والرعاية الصحية "يؤدي إلى خلق حلقة من الضعف"، حيث يصبح الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية، وخاصة بين عشرات الآلاف من المصابين، "أكثر عُرضة للأمراض التي تؤدي إلى المزيد من استنزاف الاحتياطيات الغذائية للجسم".
وحذر المسئول الأممي من أنه إذا لم يتم فعل أي شيء فإننا نخشى أن تكون المجاعة واسعة النطاق في غزة أمرًا لا مفر منه تقريبًا، وأن الصراع سيكون له المزيد من الضحايا.
وبدوره.. قال نائب المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، ماوريتسيو مارتينا: "إن سكان غزة يعانون من مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الناجم عن الصراع، حيث يتزايد خطر المجاعة يومًا بعد آخر".
وأضاف: "إن جميع سكان القطاع البالغ عددهم حوالي 2.2 مليون شخص يواجهون مستويات أزمة أو أسوأ من انعدام الأمن الغذائي، وهي أعلى نسبة على الإطلاق من الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفقًا للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي".
وأشار مارتينا إلى أن البنية التحتية المدنية- بما في ذلك تلك الأساسية لإنتاج وتجهيز وتوزيع الأغذية مثل الأراضي والدفيئات الزراعية والمخابز ونظم الري- قد تعرضت لأضرار بالغة أو دمرت أو أصبح من الصعب الوصول إليها، بالإضافة إلى ذلك، طال الدمار القطاع التجاري نتيجة للحصار الإسرائيلي المشدد على القطاع، مما أدى إلى استنزاف سريع للمخزونات الغذائية المستوردة.
تعليق منظمة الفاو
ووفقًا لنائب مدير عام الفاو، تأثرت سلسلة الإمدادات الغذائية بأكملها جراء الحرب، كما أثر نقص الوقود وانقطاع الكهرباء بشكل كبير على أنظمة الأغذية الزراعية والبنية التحتية للمياه ومحطات التحلية، و"حوالي 97% من المياه الجوفية غير صالحة للاستهلاك البشري".
وقال مسئول منظمة الفاو: "إن القيود الصارمة المفروضة على المساعدات الإنسانية جعلت من المستحيل القيام بأي عمليات إنسانية مجدية، وبالتالي فإن المستويات الحالية من المساعدة غير متناسبة تمامًا مع الاحتياجات الهائلة".
وشدد على أن وقف الأعمال العدائية واستعادة المجال الإنساني لتقديم المساعدة متعددة القطاعات واستعادة الخدمات الحيوية هي خطوات أولى أساسية في القضاء على خطر المجاعة، داعيًا جميع الأطراف إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان وحماية المدنيين.
وقال: "إن الوقف الفوري لإطلاق النار والسلام شرطان أساسيان للأمن الغذائي، والحق في الغذاء هو حق أساسي من حقوق الإنسان".
من جانبه.. أشار نائب المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، كارل سكاو، إلى تحذير لجنة استعراض المجاعة من احتمال حقيقي لحدوث مجاعة بحلول شهر مايو المقبل مع تعرض 500 ألف شخص للخطر إذا سمح لهذا التهديد بأن يتحقق.
وقال سكاو: "حتى قبل أكتوبر 2023، كان ثلثا سكان غزة يتلقون المساعدات الغذائية، واليوم، يحتاج جميع السكان تقريبًا- البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة- إلى المساعدات الغذائية، وأن غزة تشهد أسوأ مستوى من سوء التغذية لدى الأطفال مقارنة بأي مكان في العالم، ويعاني طفل واحد من بين كل ستة أطفال دون سن الثانية من سوء التغذية الحاد".
وأكد نائب المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي استعداد برنامج الأغذية العالمي لتوسيع نطاق عملياته ومضاعفتها بسرعة في حال حدوث اتفاق لوقف إطلاق النار، ولكنه حذر من أن خطر المجاعة يتفاقم بسبب عدم القدرة على إدخال الإمدادات الغذائية الحيوية إلى غزة بكميات كافية، وظروف العمل الصعبة التي يواجهها موظفو البرنامج في القطاع.
وحذر سكاو من أن المجاعة وشيكة في شمال غزة، إذا لم يتم فعل شىء، مشيرًا إلى أن برنامج الأغذية العالمي وشركاءه يعملون على الأرض، حيث يقومون بتوصيل الغذاء إلى الملاجئ والمخيمات المؤقتة والمحلات التجارية.
وقال: "لكننا غير قادرين على توفير الغذاء بشكل منتظم أو كافٍ للأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليه، وتظل الحقيقة أنه دون وصول آمن وموسع إلى حد كبير، لا يستطيع عمال الإغاثة القيام بعملية إغاثة بالحجم المطلوب لإنهاء الأزمة الإنسانية الحادة التي تجتاح غزة الآن".
وشدد نائب المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي على ضرورة العمل لتجنب المجاعة، مشيرًا إلى أن ذلك يتطلب أكثر بكثير من مجرد الإمدادات الغذائية، مؤكدًا على ضرورة استعادة الخدمات الأساسية، بما في ذلك الخدمات الصحية وشبكات الكهرباء وخطوط المياه والصرف الصحي، منوهًا بأن الأونروا هي المنظمة الوحيدة التي تملك القدرة على الإشراف على هذه البنية التحتية الحيوية في غزة وإدارتها.