خبراء: العدوان الصهيونى وأزمات السودان وليبيا ملفات مشتركة بين مصر وتركيا
قال المحلل السياسى التركى، فراس رضوان أوغلو، إن زيارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان إلى القاهرة، ولقاءه الرئيس عبدالفتاح السيسى، لها أبعاد كثيرة، خاصة أن اللقاء يمثل قيادة البلدين وبشكل رسمى، وفى أحد البلدين وليس فى الخارج.
وأوضح «أوغلو»، لـ«الدستور»، أن الزيارة تأكيد على أهمية الدور المصرى فى المنطقة بشكل عام، وبشكل خاص فى إعادة العلاقات الثنائية، وتضع تصورًا للتعاون فى منطقة الشرق الأوسط، خاصة أن المنطقة متجهة نحو المجهول نوعًا ما، بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وعدم الوضوح فى الرؤية.
وتابع: «هناك مشاكل حقيقية تعمل مصر على حلها، منها الأزمة فى السودان، والآن الحرب فى غزة، وعدم الاستقرار فى ليبيا، إضافة إلى أزمة سد النهضة مع إثيوبيا، لذا التعاون بين مصر وتركيا مهم جدًا فى هذا التوقيت، ودعم التقارب بين قوتين فاعلتين فى المنطقة مهم للغاية».
وأكد أن الزيارة ستدفع إلى تفاهمات، وهذا العمل هو عمل مؤسسات أولًا، مثل وزارة الخارجية والاستخبارات والجيش، فالدول الكبيرة مثل مصر وتركيا تعمل من خلال مؤسسات أولًا، وتأتى بعد ذلك الرؤية الرئاسية والاستراتيجية.
وأشار إلى أن تعزيز التعاون بين البلدين يبدأ أولًا بالتعاون الاقتصادى، وهو كبير جدًا، وثانيًا التعاون السياسى، مشيرًا إلى أن تركيا ومصر انتقلتا من الخلاف إلى الاختلاف، وهذا شىء طبيعى بين دول العالم، كالرؤية فى ليبيا وسوريا وفى بعض المناطق الأخرى، وهذا سيتم التعاون بشأنه خلال الأيام المقبلة. وبين أن كل العلاقات مع الدول تبدأ من التعاون الاقتصادى، لأنه يؤثر بشكل كبير على المجالات الأخرى، ويمكن أن تستفاد منه مصر وتركيا بشكل كبير وصحيح أيضًا.
وعن التعاون بين مصر وتركيا بشأن وقف حرب غزة، قال: «الحل يكمن فى الضغط على إسرائيل، والولايات المتحدة الأمريكية هى من تقف خلف إسرائيل، بالتالى يجب الضغط على كلا الطرفين».
وأضاف: «مصر لن تقف مكتوفة الأيدى، فى حال تم تهجير سكان غزة فى رفح، فربما يكون هناك استنفار عسكرى، وربما يتم إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل، ولهذا فإن تركيا تدعم مصر فى كل هذه الخطوات، وبكل ما لديها من ثقل سياسى وحتى عسكرى».
وأشار إلى أن مصر لا تقف بمفردها، فهى تمثل محورًا عربيًا قويًا جدًا، بجانب دول الخليج مثل الإمارات والسعودية، فهذه الدول ذات ثقل فى المنطقة، وإذا أضيفت لها تركيا، فسيكون للمحور ثقل كبير أولًا على واشنطن قبل كل شىء، التى سيكون لها ضغط على إسرائيل.
وأكمل: «من المهم وقوف تركيا مع مصر فى هذه المرحلة، بشكل واضح وحازم ضد التهديدات الإسرائيلية، ومنع تهجير الفلسطينيين، لأن القضية الفلسطينية قضية المسلمين كلهم وقضية العرب بشكل خاص، ولا يوجد استقرار فى الشرق الأوسط قبل أن تحل هذه القضية».
وتابع: «مهما كانت العلاقة بين تركيا ومصر متقدمة وجيدة جدًا، سيبقى هناك اختلاف فى كثير من الملفات، بسبب الموقع الجغرافى والموقع السياسى، فهما دولتان عظيمتان فى المنطقة، وهذا يتطلب تحالفهما بشكل استراتيجى، لكن هذا لا يعنى أن يكون هناك خلاف حاد بينهما».
فى السياق ذاته، قال الدكتور إكرام بدرالدين، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة القاهرة، إن توقيت زيارة أردوغان للقاهرة له دلالات متعددة من حيث القضايا المتوقع طرحها فى المباحثات، خصوصًا أن اللقاء يأتى فى إطار «دبلوماسية القمة»، التى تجرى بين القادة والرؤساء، وهذه الدبلوماسية نشطت فى مصر فى السنوات الأخيرة.
وأضاف: «اللقاء ركز على العديد من القضايا المتعلقة بتدعيم العلاقات بين البلدين، خصوصًا على مستويات الاقتصاد والمشروعات المشتركة، والسياحة، والتجارة البينية، وكلها مسائل مطروحة للبحث».
وتابع: «هناك قضايا ذات اهتمام مشترك فى العديد من الملفات المطروحة فى الإقليم، منها الوضع الليبى والحرب فى السودان والتوترات الحاصلة فى الصومال، لكن يأتى العدوان الصهيونى على قطاع غزة، والتصعيد غير المسبوق فى رفح على رأس هذه القضايا الملحة».
وحول المنافع المشتركة لإعادة العلاقات بين مصر وتركيا، رأى «بدرالدين» أن هذا التقارب سينعكس إيجابًا على النواحى الاقتصادية، والتعاون المشترك فى القضايا الإقليمية، لافتًا إلى أن السياسة الخارجية تكون ناجحة بقدر انعكاسها على الداخل.
وتوقع التوصل لتفاهمات وتوافقات حول تعاون اقتصادى مشترك بين مصر وتركيا فى العديد من المجالات، ما ينعكس إيجابًا على شعبى الدولتين، وأن يرقى التبادل التجارى إلى حجم البلدين فى الفترة المقبلة. واختتم بقوله «التقارب بين القاهرة وأنقرة سينعكس إيجابًا أيضًا على الوضع الليبى، رغم وجود عوامل أخرى تؤثر فى الوضع هناك»، متوقعًا أن يؤدى التوافق فى الرؤى إلى إنهاء الانقسام الوطنى، وطى صفحة الصراعات المتجددة، والوصول لتسوية سياسية.